الضحايا يا ترامب ليسوا سنة فقط... هناك ايضا شيعة

19.04.2017 07:46 PM

وطن: كتب روبرت فيسك

عشرات الاطفال قتلوا في سوريا نهاية الاسبوع الماضي، لكن اين مرثية الرئيس الامريكي  حول جمال تركهم وحدهم ؟ اين ادانات الاتحاد الاوروبي  وبريطانيا؟ يجب على الغرب ان يرد بطريقة متوازنة حتى لو كان الشيعة هم ضحايا الارهاب، او هل نحن لا نهتم؟
لقد كان ذلك النفاق مطلقا، بعض الاطفال السوريين مهمين،  فيما آخرين غير مهمين، احدى عمليات القتل الجماعي في سوريا حدثت الاسبوع الماضي  فيما اثارت قادتنا وسخط الصالحين فيهم.  لكن المذبحة الاخيرة في سوريا قتلت اطفالا اكثر -  لكنها لم تحمل منهم سوى الصمت  الحارس لاخلاقنا وقيمنا ، لماذا يحدث هذا؟

عندما قتل "السلاح الكيماوي" سبعين طفلا في الرابع من نيسان  هجم ترامب بالصواريخ على سوريا  واهتزت امريكا، وفعل الاعلام الامريكي نفس الشيء كذلك فعل العالم،  لقد وصف ترامب بشار الاسد ب" الشيطان والحيوان"، ادان الاتحاد الاوروبي النظام ووصفت صحيفة داون ستريت الهجوم بالبربري. وتقريبا دعت كل الحكومات الغربية لاسقاط الاسد.

لكن بعد التفجيرات الانتحارية نهاية الاسبوع الماضي  والتي استهدفت رتلا من الحافلات  من اللاجئين المدنيين  وقتلت 126 سوري  اكثر من ثمانين بينهم اطفال  لم يقل البيت الابيض شيئا، لم تطلق البحرية الامريكية حتى رصاصة رمزية باتجاه سوريا، وغط الاتحاد الاوروبي في صمت ورفض ان يقول كلمة واحدة  وكل الحديث عن البربرية في داون ستريت تم مسحه.

هل كانوا غير شاعرين بالخجل؟ يا للفضيحة والعار، كيف  جفت عاطفتنا بفحش في لحظة ادركنا فيها ان هذه المجزرة  للابرياء لا تستحق نفس الكمية من الدموع والحزن الذي استحقته المجزرة السابقة  لم تكن المجزرة تستحق دمعة واحدة على مجموعة من المدنيين الشيعة خارجين من حصار  حيث قتلتهم النصرة  او احدى فصائلها المشتقة التي سلحناها نحن في  الغرب ولذلك فالضحايا لا يستحقون منا اسفا.

كعادتها ببطء شديد على مسرح الحدث مشت الامم المتحدة وقالت في تصريح متأخر ان "الهجوم الاخير هو ارهاب جديد اما البابا فرانسيس فقد وصفه ب " خسيس"،  وصلى من اجل "الشهداء في سوريا". وقد قلت ما  كنت اقوله مرارا ان البابا دائما يلتقط الفكرة بشكل صحيح والذي قال: " لماذا لم يستنكر "الجيش السوري الحدث كعمل ارهابي".

لكن هذا ما حدث،  لقد استعدت كل القصص البكائية  حول كيفتأثرت ايفانكا ترامب بالشريط المصور عن خان شيخون وكيف حثت والدها على فعل شيء ما لاجل ذلك. ثم كيف اطلقت فيدريكا موغريني الممثل الاعلى للسياسة الخارجية الاوروبية  وصفها للهجوم بأنه " مروع" لكنها اصرت انها تتكلم كـ "ام اولا"، ولكن ما الذي حدث لمشاعرها الامومية – وتلك التي لايفانكا- حينما نشرت صور الحافلات والاطفال القتلى الذين وضعوا في اكياس بلاستيكية سوداء؟ صمت.

لا شك ان الفعل الذي حدث السبت كان فاضحا وخسيسا ، لقد وصل الانتحاري الى حافلة اللاجئين بحمولة شاحنة من بسكويت الاطفال  وشرائح البطاطا،  متقدما نحو مدنيين شيعة الذين عاشوا مجاعة تحت حصار من قوات معادية للاسد  ( بعضها قمنا نحن الغرب بتسليحها)، وبهذا لم يحسبوا حسابا ان هؤلاء الاطفال الابرياء كما قال قبل ذلك ترامب عن غيرهم ان ذلك سيثير غضبنا . فقط لانهم شيعة؟ لان الجناة يمكن ان يكونوا قريبين جدا منا في الغرب؟ او لانهم – وهذا هو الاهم – كانوا ضحايا قاتل خطأ.

لاي سبب نريد الان ان نلوم "الشيطان" " الحيوان".. الخ (بشار) الذي كان "المشتبه" الاول في قضية " الهجوم الكيماوي"، ثم اتهم من كل الغرب بالمسؤولية العمدية الكلية عن الهجوم الكيماوي، لا احد يناقش في قسوة النظام ولا تعذيبه ولا تاريخه في القمع للجماهير. 

لكن هناك شكوك كبيرة حول مسؤولية بشار عن ذاك الهجوم – حيث انكره وادانه بوضوح-  حتى بين العرب الذين يشمئزون من البعث وكل مواقفه. حتى اليهود اليساريين الذين يدعمون اوري افنيري  (يهودي سوري)، طرح السؤال: لماذا يقوم الاسد بهذه الجريمة فيما جيشه وحلفائه يحققون انتصارات في سوريا، وحيث ان مثل هذه الهجمات تحرج روسيا حكومة وجيشا، وحينما تكون النتيجة تغيير الموقف الغربي الناعم تجاهه الى موقف يطالب باسقاطه.؟
وقد ادعى النظام انه هاجم من الجو مخازن اسلحة للنصرة في خان شيخون ( وهي فكرة تبناها الروس ايضا)، كل هذا يسهل طرد او استبعاد  ما اذا كان الامريكان

لم يستخدموا نفس العذر لقتل اكثر من مئة مدني عراقي في الموصل في آذار، لقد قالوا ان ضربة امريكية على سيارة لداعش  ربما قتلت مدنيين.

لكن هذا لا علاقة له بالمجزرة التي حصلت للحافلات، لقد كانت جزءا من حالة تبادل معتادة للرهائن بين الحكومة ومعارضيها، حيث قبل المعارضون السنة في القرى المحاصرة بالجيش او حلفائه الانتقال الجماعي الى ادلب ومناطق اخرى يسيطر عليها المعارضون ومن خلال ممر آمن  مقابل تحرير قرويين شيعة محاصرين من قبل النصرة او داعش  و "متمردينا" الذين سمح لهم بمغادرة قراهم  الى منطاق اكثر امنا تسيطر عليها الشيعىة، هؤلاء هم من كانوا ضحايا الجريمة، كانوا فلاحين شيعة  من كفريا والفوعة وعهم بعض الجنود الباحثين عن مأمن في حلب.

بغض النظر ان كان ذلك يعتبر تطهيرا عرقيا ام لا، او خطيئة اخرى لبشار حسب اعدائه، لا انها تبقى نقطة مختلف عليها، فالنصرة لم تحث سكان كفريا والفوعة  بالضبط على البقاء في منازلهم حيث انها كانت تريد ان تعيد بعضا من قاتليها السنة الى بيوتهم من حصار طويل في احد الجيوب. في الشهر الماضي قام محافظ حمص بالاعتراف بانه دفع السنة الى مغادرة المدينة في ارتال الى ادلب، لكنها الحرب الاهلية ومثل هذه الحروب المروعة تقسم المدن والبلدات لاجيال، فقط انظر الى لبنان بعد 27 عاما من الحرب الاهلية.

لكن ما يبرهن بشكل قاطع مشاركتنا في هذه الحرب الاهلية اللاخلاقية وغير العادلة والرهيبة هو رد فعلنا على المجزرتين اللتين اصابتا الابرياء,  لقد بكيا ورثينا لا بل وذهبنا لحرب لاجل " الاطفال البريئين " الذين اعتقدنا انهم سنة وضحايا قتلتهم حكومة بشار، لكن عندما فجر الاطفال الشيعة المتساوون في كونهم بشر وتناثروا اشلاء ، لم يستطع ترامب ان يبدي اهتماما بذلك. وجفت كل عاطفة الامومة عند ايفانكا وفيدريكا، وبقينا ندعي ان لا علاقة لنا بالعنف الدائر في الشرق الاوسط.

عن الاندبندنت، ترجمة جبريل محمد

تصميم وتطوير