لماذا تخشى أمريكا من ضرب كوريا الشمالية؟

25.04.2017 06:47 PM

وطن: أصدر مركز بيغن-السادات الإسرائيليّ دراسة استراتيجية، رأت فيها أنّه لا يُمكن أن تقوم  أمريكا القيام بضربةٍ وقائيةٍ ضدّ المواقع النووية لكوريا الشمالية بسبب المخاوف العملية بشأن الأضرار المحتملة للإشعاع، لكنّ الأمر، تابعت، سيكون مشكلةً بغضّ النظر، لأنّ الضربة العسكريّة ضدّ مواقع الصواريخ في بيونجيانج يجب أنْ تأخذ بعين الاعتبار الانتقام الكوريّ الشماليّ، والذي يُمكن أنْ يشمل ذلك إطلاق صواريخ على قواعد أمريكيّةٍ في كوريا أو اليابان، أوْ قصف مدفعي لسيول من المنطقة المجردة من السلاح، على حدّ تعبيرها.

و أوضحت الدراسة، أن واشنطن ستحتاج إلى استخدام قوة جوية كافية لتدمير مواقع بيونجيانج بسرعة كبيرة، لكي تمنع  هذا الانتقام، لافتةً إلى أنّه يُمكن القيام بذلك، ولكن عدد الضحايا ودرجة التكلفة الاقتصادية لكوريا الجنوبية وحتى اليابان يمكن أنْ تكون مرتفعة جدًا، بكلمات أخرى، أكّدت أنّه قد يُحقق هذا الخيار هدف وقف التهديد العسكري لكوريا الشمالية، ولكن التكلفة قد تكون هائلة.

و أشارت الدراسة إلى الأزمة النووية والصاروخية الكورية الشمالية تُشكّل تحديًا للإدارة الأمريكية الجديدة، خاصة في أعقاب الضربة الأمريكية الأخيرة في سوريّة، مُضيفة أنّ الرئيس ترامب سيحتاج إلى النظر ليس فقط في الأزمة الكورية الشمالية الحالية والخيارات العسكرية أو الدبلوماسية الفورية المتاحة لمواجهته، بل أيضًا أهدافه الطويلة الأجل في المنطقة، مُشدّدّةً على أنّ الخيارات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية سيكون لها جميعا عواقب.

ووفقًا لها، فإنّ المنطقة الآسيوية تنتظر باهتمام كبير أنْ ترى ما ستكون عليه سياسة الرئيس دونالد ترامب في آسيا، ولا سيما فيما يتعلق بكوريا الشمالية. هل سيكون أكثر قدرة على تقييد كيم جونغ أون من الرئيس أوباما؟ وحتى اللحظة لم ترشح إدارة ترامب العديد من المسؤولين بوزارة الدفاع أوْ بوزارة الخارجية للتعامل مع آسيا، ولم يتّم اختيار سفيرًا في كوريا.

أمّا فيما يتعلّق بخيارات واشنطن، فقد ذكر وزير الدفاع أنّ الخيار العسكريّ كان مطروحًا، وأنّ واشنطن قد تنظر في ضربة وقائية في حال ظهور تهديد وشيك من بيونغ يانغ. وقد نوقش الخيار العسكري منذ التسعينات، عندما اعتبر الهجوم العسكريّ الجراحي على يونغبيون وبقي على الطاولة.

وأوضحت الدراسة أنّه من اجل إصدار قرار في مجلس الأمن الدولي، ستحتاج واشنطن إلى إقناع بكين بعدم استخدام الفيتو، ولكنّ بكين ألمحت عدّة مرات بأنّها لن تؤيد قرارات مجلس الأمن الجديدة التي تكثف العقوبات ضدّ كوريا الشمالية، وأصرت على أنّ المفاوضات هي وحدها التي ستحل الصراع، وينبغي التذكير بأنّ الصين وروسيا لم تنفذا دائمًا جميع العقوبات التي فرضها مجلس الأمن على بيونغ يانغ. وبسبب هذا العائق، يجب على واشنطن وحلفائها النظر في تنفيذ عقوبات مباشرة على كوريا الشمالية. وأوضحت الدراسة أنّه إذا كان الهدف هو إقناع بيونج يانج بالتخلي عن برنامجها للأسلحة النووية فإنّ العقوبات لن تكون فعالة. ومع ذلك، قد تكفي لتقييد كوريا الشمالية – شريطة أن الصين لا تقدم لها خطة إنقاذ، كما أنّ كوريا الشماليّة لن تتفاوض بشأن تجميد أوْ وقف برنامجها النووي. وقد اقترح المسؤولون في إدارة أوباما إجراء التسوية من أجل الحد من عدد الاختبارات الصاروخيّة التي سيُسمح لبيونغ يانغ بالقيام بها، وسيكون من الصعب جدًا التحقق منها وإنفاذها، حتى وإنْ وافقت عليها كوريا الشماليّة.

وأكّدت الدراسة على أنّ إدارة ترامب لن تدعم أيّ سياسة قد ينظر إليها على أنّها تهدئة لكوريا الشمالية. وفى الماضي، اتبع الرئيس الكوري الجنوبي كيم داى جونغ ما يسمى بسياسة الشمس المشرقة التي حاولت إقناع بيونج يانج بأنّه من مصلحتها الاقتصادية تغييرها، ولكنّ هذه السياسة فشلت، قالت الدراسة.

وأضافت أنّ كوريا الجنوبية تمُرّ بفترةٍ انتقاليّةٍ حتى الانتخابات الرئاسية الجديدة في التاسع من شهر أيّار (مايو) القادم، حيث يؤيّد المرشح الرئيسيّ سياسة أكثر إيجابية تجاه كوريا الشمالية والصين. ويمكن إضافة طبقة أخرى لهذه السياسة: تحسين العلاقات مع بيونغ يانغ مع تعزيز تغيير النظام من الداخل، وهذا بالطبع سيكون عملية تدريجية، وقد يُحقق هدف تخفيض التهديد العسكريّ لكوريا الشمالية، إلا أنّه سيستغرق وقتًا طويلاً، بحسب الدراسة الإسرائيليّة.

مُضافًا إلى ذلك، رأت الدراسة أنّ كوريا الشمالية تُشكّل تهديدًا ليس فقط لشبه الجزيرة الكورية، ولكن لمناطق أخرى، وكذلك من خلال صادراتها من الصواريخ والتكنولوجيا النووية (إلى سوريّة، على سبيل المثال). وسيؤدي اعتراض الصادرات العسكرية من كوريا الشمالية إلى زيادة الضغط الاقتصادي على بيونغ يانغ .

وشدّدّت الدراسة على أنّه من دواعي القلق الشديد أنّ كوريا الشمالية ستُطوّر قنبلةً نوويةً لإيران، وهذا من شأنه أنْ يسمح لطهران بتحقيق هدفها النووي دون خرق الاتفاق النووي، وسيكون نعمة مالية لبيونغ يانغ.

وخلُص الدراسة إلى القول إنّ الضربة الصاروخيّة الأمريكيّة في سوريّة أرسلت إشارةً، ليس فقط إلى الرئيس الأسد، بل إلى بيونغ يانغ، فضلاً عن أنّ واشنطن ترسم خطًّا. ولكن، أضافت الدراسة، فإنّه حتى لو كانت الضربة لسوريّة تُشير إلى تغييرٍ في السياسة الأمريكيّة، فلن يكون كافيًا إقناع كيم جونغ أون بالتخلّي عن أسلحته النوويّة، الذي سيُحاول تحدّي القواعد الجديدة للعبة، على حدّ تعبير مُعّد الدراسة.

فلسطين اليوم

تصميم وتطوير