نادية حرحش تكتب لوطن مهاترات وطن .. في انتظار ترامب والفرص الضائعة

21.05.2017 05:25 PM

وطن:  يقف المجتمع الفلسطيني علي شفا حفرة من نار لا يوجد من ينجيه منه , وبسذاجة ربما كونية في تاريخ المكون الفلسطيني ينتظر حلا من ترامب القادم لعقد صفقات وكأن المنطقة منتجع سياحي استكمالي لمشاريعه الخاصة .

نقف متفرجين كمن يقف في حواشي الافراح والاتراح معلقا متهكما لا فرحا ولا حزنا . لأننا فقدنا في ظل كل ما يجري جزءا مهما من كينونتنا تلك التي تضخ المشاعر في نفوسنا .

تتداخل كل الأمور والقضايا لدرجة أصبحت كلها سواسية. تقلص حجم الوطن الى بعض المطالبات التجارية لا ترقى حتى الى تسميتها بالاقتصادية، أصبحت فيها خطط نتانياهو السالفة لسلام اقتصادي اقرب الى الاعجاز العلمي.

نسخر من السعودية وميلانيا وايفانكا والكوميديا الشيطانية التي نقف امامها مستهزئين متهكمين ولكن بالنهاية موافقين . فالرهان السعودي والامريكي على خمولنا وغباءنا كشعوب رهان كاسب. فبالنهاية تقوم أمريكا بعقد صفقات أسلحة للسعودية لقتل العرب والمسلمين في اليمن وسورية والعراق وغيرها  من خلال التنظيمات الإرهابية التي لا تزال تنشؤها , ونحن المسلمون نشد الرحال اليها بحالة انفصام تام , نفصل فيه الدين والله فجأة عن الحياة مع اننا نحن انفسنا المسلمون المصرون ان الدين حياة.

فهل من عاقل او متعقل . هل من مسلم قرر ان يلغي ذهابه الى الحج في هذا العام احتجاجا او رفضا لجرائم السعودية في قتل واستباحة الشعوب الشقيقة ؟

بعدما استهزأنا من صور حريم ترامب برؤوس عارية من الحجاب، هل أصبحت السعودية اهلا بأن تكون في لجان الأمم المتحدة لحقوق المرأة ؟

وهنا نقف امام تراكم المصائب التي يتداخل فيها الشأن العربي والإقليمي , فلا نختلف كفلسطينيين من تقييمنا للموقف والتعامل معه . شأننا في هذا لا يختلف عن تعاملنا مع القضايا الأكثر خصوصية والوطن هنا ليس خصوصيا , لانه اختزل الى صفقات تجارية قد يطول ترامب وشركاه فيه بعض النصيب.

اقف امام قضية الاسرى , ولا يمكنني الا ان افكر كذلك بموضوع اختزالها الى مطالب لا تتعدى الخدمات القليلة البائسة التي يطمح لها الاسرى القابعون في سجون الاحتلال. كالساذجة التي تتغلغل في عروقي , كنت بحق اطمح الى ان ترقى مطالبنا نحن الشعب الى المطالبة بفك قيد هؤلاء لا الشد على أيديهم في مطالباتهم ببعض المزايا في قعر الزنازين. فموضوع الاسرى صلب القضية التي لم يتبق منها الا الانسان . الم يكن بمقدور زمرة أولئك المحتكمين بأمرنا ان يضعوا الاسرى على قائمة المطالب امام السيد ترامب؟ اليس بمقدورنا نحن الشعب ان نضغط بهذا الاتجاه ؟ اليس من البديهي المطالبة باطلاق سراح المعتقلين السياسيين ؟
كيف وصلت قضايانا الى هذا الكم من الاختزال حتى باتت بالانصهار ، فلم نعد نفهم ما هي القضية ولا نرغب الا بالحصول على "خدمة" ما مؤقتة نسد فيها شيئا من احتياجاتنا ؟

اكاد استسلم تماما، واسلم لعبثية كل ما يجري . فكل قضايانا تم اختزالها الى هذا المكان السحيق من الدونية ولكني انظر الى أهالي المعتقلين المضربين في هذه القضية تحديدا , وتمسك بي نظرات ام هرمت وهي تنتظر خروج ابن لها كان في ريعان شبابه منذ عقد او عقدين او ثلاثة . اسمع عن ام وافتها المنية وهي لا تزال تحمل صورة ابنها املة ان يكةن هناك مجيب لدعواتها في ففك اسر ابنها . أبناء ينتظرون عودة اباءهم , تركوا أطفالا وها هم يصيروا رجالا ونساء والامل لا يزال يحركهم في غفلة من هذه الحياة القاسية الباردة.

اقف امام نفسي واتساءل عن جدوى الاضراب وسقف المطالب وعبثية التفاوض وهزلية الموقف السيادي الذي يقوده سوط ترامب ويلف في ساقية نتانياهو .

وكيف نقف مرة أخرى امام فرصة ضائعة لفكرة ما . هل سيتم  استقبال ترامب استقبال الفاتحين , نحن انفسنا المضربين المعترضين المستنكفين سنكون جزءا من اخلاء الشوارع والمحظوظ منا سيتم اختياره لاستقبال للفاتح الكبير. سيقدس بزيارته بيت لحم والقدس وسنقدم له باقات الورود ونرش عليه الزهور  من امام موكبه؟

ام هل نؤجل قضية الاسرى واضرابهم الى ما بعد الزيارة ؟

ما الذي ننتظره للخلاص من هذه الهوة من الضلال الذي تبعثرنا به فلم نعد نميز الخير من الشر , ولم نعد نعرف للوطن خريطة ولا عنوان.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير