خالد بطراوي يكتب لـوطن: لماذا لا يوجد سلام ؟

22.05.2017 08:46 AM

أرسل لي صديقي ثابت سعودى مقالة باللغة الانجليزية للصحفي ناثان ثريل كانت قد نشرت في السادس عشر من آيار في صحيفة الغارديان تحت عنوان " اسرائيل – فلسطين :- السبب الحقيقي لعدم وجود سلام حنى الان".

قلت " يا ولد " لماذا لا تهلوس مع هذا الصحفي المعروف لعلنا نستفيد من رؤية طرف غير عربي وغير فلسطيني".

في متن المقالة الصحفية يقول الكاتب " ان السبب الحقيقي لعدم وجود سلام والتوصل الى اتفاقيات طويلة الأمد وفشل المفاوضات على مر الحقبة التاريخية الماضية يفترض وعلى نطاق واسع أن اسرائيل تفضل حالة الستاتسكو " أي ( مكانك سر / بالمصطلحات العسكرية) أو المراوحة.

يقول الكاتب أن تلك المنطقة الواقعة بين نهر الاردن والبحر الأبيض المتوسط قد فشلت فيها اتفاقيات السلام، المؤتمرات الدولية، المفاوضات السرية، قرارات الأمم المتحدة، وبرامج بناء الدولة وجميعها كانت تهدف الى تقسيم تلك المنطقة الى دولتين، اسرائيلية وفلسطينية. ان انهيار كل تلك المبادرات كان متوقعا حتى مع التصريحات الامريكية الجديدة بالنية لاطلاق جولة مفاوضات جديدة.

منذ العام 1991 وهو ذلك العام حيث بدأت المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية تحت الرعاية الامريكية، فقد تكللت كافة الجهود بالفشل، فشلت " الحلول الواقعية" وفرغت الخطابات الرئاسية ألامريكية من مضامينها، تماما كما فشلت مباحثات الموائد المستديرة وكذلك لم تقنعنا تلك المبررات التي ساقها السياسيون في مذكراتهم بالقول أن من أسباب الفشل سوء التوقيت، حاجة الرئيس الامريكي لدعم دول العالم ودول منطقة الشرق الاوسط ، ضعف اجراءات بناء الثقة، التحالفات والموازين السياسية، ونقص الشجاعة عند القادة.

وعلى الرغم – كما كتب الصحفي – من تبادل النكات على موائد المفاوضات المستديرة واسترجاع الذكريات وتأكيد الجميع على مناهضة الارهاب والاحاديث أثناء لقاءات الافطار وفي "البوفيهات" وأثناء الاستراحات ، الا أنه عند فشل كل ذلك ، فقد كان المبرر أسوأ تبرير وهو " انعدام الثقة".

ووفقا للكاتب، فانه بالرجوع الى اتفاقيات أوسلو مطلع التسعينات، ما كان لها أن تنهار لو لم يتم اغتيال رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين عام 1995، كما وأن اتفاقيات واي ريفير عام 1998 التي كانت تقضي اسرائيل من الضفة الغربية كانت لتتحق لو وافق حزب العمل ودعم حزب الليكود في هذه

الاتفاقية. وكان من الممكن أن تنجح اجتماعات كامب ديفيد في تموز 2000 لو أبدت الولايات المتحدة الامريكية اهتماما أقل بقضايا اسرائيل الداخلية واصرار الولايات المتحدة الامريكية على التمسك بالورقة الاسرائيلية ولو قامت باستشارة الدول العربية واتخذت موقفا أكثر حدية ومتوازنا كما حدث لاحقا عندما أعلن في كانون الأول لعام 2000 الرئيس الامريكي كلينتون الملامح الرئيسة للاتفاقيات. أما المفاوضات في طابا في كانون ثاني 2001 فقد فشلت حيث ترك الرئيس كلينتون مقعد الرئاسة الامريكي وهزم اريل شارون أيهود باراك في انتخابات الكنيست الاسرائيلي. وكان من الممكن لخارطة الطريق الامريكية ومبادىء جينيف غير الرسمية أن تحقق شيئا لو لم يتسلم الرئيس نتنياهو مقاليد الحكم في اسرائيل. وكان من الممكن أن تستمر المفاوضات ما بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونتيناهو عام 2010 أكثر من 13 يوما لو وافقت اسرائيل مؤقتا على وقف التوسع الاستيطاني مقابل مبلغ مالي ضخم تتلقاه من الولايات المتحدة. وعلى امتداد سنوات عديدة جرت فيها مفاوضات سرية بين مبعوثي الرئيس عباس ومبعوثي نتنياهو كان من الممكن أن تصل الى نتيجة لو لم يتمسك المبعوث الامريكي كيري بتحديد السقف الزمني لهذه المفاوضات السرية، وأخيرا لو أعطى المبعوث الامريكي كيري وقتا للاستماع للفلسطينيين يشكل سدس الوقت الذي أعطاه للاسرائيليين بين الاعوام 2013 – 2014 ، والتزم والزم الطرفين بالخطوط العريضة وبذل جهدا أكبر لاطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين وشدد على تجمييد الاستيطان لكان من الممكن أن يتحقق انفراج.

وفقا للكاتب فقد تمسك الجانب الفلسطيني بمطلب اقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 واجراء عملية تبادل اراضي وأن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية مع كامل السيادة على الاماكن الدينية واطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين وحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة الى حدود الدولة الفلسطينية أو بالتعويض، واقرار اسرائيل بمسؤوليتها عن التهجير وعودة بعض اللاجئين الى الاراضي التي هجروا منها عام 1948.

واصلت اسرائيل رفض المطالب الفلسطينية الثابتة منذ الثمانينات، وفي الحقيقة فقد أثبت التاريخ ان استراتيجية "الانتظار" الاسرائيلية تخدمها كثيرا منذ مخطط التقسيم البريطاني عام 1937 وتبعه قرار الامم المتحدة بالتقسيم عام 1947 وقرار مجلس الامن رقم (242) واتفاقيات اوسلو جميعها منحت اسرائيل قوة وتفوق على الفلسطينين حتى لو حدث وأن قامت الدول بفرض عقوبات على اسرائيل الا أنها – أي اسرائيل - ستنتظر أن يحدث ذلك على ارض الواقع وبالتالي فهي ستستفيد الى ذلك الحين بالسيطرة على الاراضي المحتلة.

تسعى اسرائيل على الدوام الى أن تتجنب السلام كي لا تصبح مستقبلا وخيارا وحيدا، حتى لو تولى الفلسطينيون السلطة على الضفة الغربية وقطاع غزة فان ذلك ليس مصداقا طالما بقيت السيطرة الفعلية لاسرائيل.

ان طرح الدولة الواحدة لن يتحقق حتى يقر ذلك الاغلبية في اسرائيل ولا تظهر بشائر في هذا الاتجاه. ان سبب عدم قيام اسرائيل بضم الاراضي الفلسطينية ليس لأنها تخشى صفعة على يدها من المجتمع الدولي وانما لأنها تريد يهودية الدولة.

وبخلاف تأكيدات الوسطاء من الامريكان فان اسرائيل ليس لديها الرغبة في التوصل الى اتفاقيات سلام ، وستستمر في المفاوضات طويلة الامد والتكتيكية وستقبل فقط باتفاقيات أكثر فائدة لها وأقل خسارة. وقد قدم لها الكثير من الفوائد أهمها التطبيع مع دول الجوار والرقي بعلاقاتها مع اوروبا وبمسلسل وعودات من أمريكا ودعم مادي وعسكري ولكنها تريد المزيد.

ويمعن الكاتب في استعراض مجموعة من الشواهد في مقالته التي لا نحتاج هنا الى سردها لأننا نعرفها لكن من الجيد أن يطلع عليها القارىء غير الفلسطيني.

خلاصة المقالة تقول أن اسرائيل هي المستفيد من هذه الحالة وسوف تستمر في الاستفادة طالما لن يتم فهم هذه الاستراتيجية والتصدي لها بخطوات عملية من كافة المحافل، هذا بالطبع اذا ارادت هذه الجهات. اللهم الا ذا كانت هذه الجهات مستفيدة أيضا.

وهنا تحضرني حادثة أن مكتبا عريقا للمحاماه أسسه الجد المحامي وعمل به الوالد المحامي وعمل به الحفيد المحامي، وقد دخل الحفيد يوما وفتح زجاجة شمبانيا وتعالى تصفيق وهتاف موظفي المكتب العريق فكان أن خرج الجد المحامي مستطلعا ، فقال الحفيد المحامي لجدة بكل فخر واعتزاز " نحتفل لأننا اليوم كسبنا أول قضية عملت عليها انت يا جدي عندما انشأت هذا المكتب العريق .. كسبنا القضية يا جدي" ... ضحك الجد وصرخ " ولك يا حمار .. هاي القضية هي التي نعتاش منها".

أياك أعني ... واسمعي يا جارة .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير