عدنان رمضان يكتب لوطن هموم وطن .. اهلا رمضان والتحية للاسرى

27.05.2017 03:33 PM

وطن:  في فلسطين  هذا العام تحديدا  الاسرى الفلسطينيين  وكثير من ذويهم  يعيشون صياما متواصلا  على مدى الاربعين يوم الماضية  يتعبدون ويناضلون وهل  هناك  عبادة   للبشر  اهم من نصرة المظلوم  ومواجهة السجان والمحتل   وكلمة حق وموقف ثابت  امام المحتل الغاصب و سلاطين الجور الفاشيين

تعودنا  وعودتنا  المجتمعات  ان  نترك  حديث  الدين  الى  فئة خاصة  اسمت  نفسها  باسم  علماء الدين واطلق  عليهم  الناس  سمة  الشيوخ  وتركت  النخب والمثقفين والباحثين هذه  المساحة سيرا على هذا المنهاج الخاطيء  الذي  اورثنا ظلام وظلمات  وتقديس باسم الدين  لكثير من  العادات والمفاهيم  التي  اقل ما يقال عنها انها شوهت  جوهر الدين  وراكمت  عبر  قرون طويلة مفاهيم  تلجم العقل  وتمنع التفكير  وتشوه الانسان ودوره وتجعل  من ممارسة الانسان  الشكلية لبعض الشعائر دينا وتدين مما ساهم  بما  وصلنا اليه    وملهما  بانتصار الاسرى  في بداية الشهر الكريم  فاني  ساقدم رايا  دنيويا  في كيف نفهم شهر  رمضان شهر الصيام

المسلمون  في العالم  يستقبلون  اليوم شهر الصيام   وقد صام البشر  ولا زالوا  بطرق   مختلفة  ومواقيت محددة  عبادة   وتنزيها  للنفس   بالامتناع عن  بعض مغريات  الحياة  وفقا لقوانين معينة  والامتناع  بالاساس  عن الامور السيئة واستحضار  روح المحبة والاخاء والتضامن  بين البشر  والصيام  عند المسلمين  هو  شهر عبادة  وامتناع  عن الطعام والشراب  من طلوع الفجر  حتى غروب الشمس في شهر رمضان المبارك

وظيفة الانسان  الاولى التي كلفه الله بها هي اعمار الارض حيث استخلفه  عليها اي كان مسؤولا امام الله عن اعمار الارض واصلاحها  والارض هنا  الارض وما عليها  ، البعض  ضيق هذا  الامر   واختزله  فقط على   الالتزام بالفرائض والقيام بالشعائر  وهم  بذلك  شوهوا صورة الدين والاسلام  ودفعوا الامة لتكون  خارج سياق  المساهمة الانسانية والحضارية  بل   كانوا عكسها  وضد انجازاتها .

ان اعمار الارض لا يكون  دون  حرية وكرامة  ونضال متواصل ضد قوى الشر   فمثلا على مدى الاربعين  يوما الماضية   تعبد الاسرى الفلسطينيين   في اضرابهم وتقربوا الى الله وعمروا جزء من الارض واعادوا لقيمة الانسان الكريم  بعض مكانة في محيط الذل  الممتد على مساحات الدولار والبترول  وكذلك يستمر  الملايين من البشر  في  كل بقاع الارض في السعي المستمر  ولنضال  في كثير من الاحيان لتصويب  المختل من اوجه حياة البشر ويشترك  في ذلك البشر الذين يستندون في جهودهم وعملهم الايجابي الى  العديد من  الديانات  والمشارب الفكرية المختلفة 

رمضان  له مكانة خاصة  عند  المسلمين  وفي ثقافة  وعادات  المسلمين ومجتمعاتهم   ورمضان له  في  ذكريات  وحاضر كل مسلم   خصوصا وايضا  كل  عربي  حيث  احتل هذا الشهر وما يتضمنه حيزا كبير ا  في بناء  وتكوين الشخصية  الاسلامية  ولابناء جيلنا ولمن سبقنا  ولحقنا  في القرن الاخير  كان رمضان شهرا  للمقاومة وتصعيد لتصعيد المواجهة مع الاحتلال وجنوده ومستوطنيه فكان  رمضان  شهر صيام ومواجهة وكانت  ثقافة  شهر  الصيام  ثقافة  فقراء يريدون  ان  يعطوا من  قلبهم و خبزهم وجوعهم  ومن دمهم لتحقيق  الحرية والكرامة  واعادة التوازن الانساني والاحساس بانهم بشر يقدرون هبة الخالق  والتكريم والتكليف الالهي لهم

جوهر الايمان   للانسان  الذي  كرمه الله  بالعقل  والارادة و  وكلفه بالامانة  التي  رفض الجميع ان يحملها حتى الجبال  فحملها الانسان  فكان تكريم الله له على باقي المخلوقات   بالعديد من  الميزات  اهمها  العقل  وحرية وارادة الاختيار  ،   واهداه  الى الديانات التي توفر حدا مشتركا من الاخلاق والتقوى الاجتماعية  بين البشر   وبعد ذلك جاء الاسلام لتكميل مكارم الاخلاق فخاطب الله الرسول الكريم " }انك لعلى خلق عظيم { وقال الرسول " انما  بعثت لاتمم مكارم الاخلاق  ،   والاخلاق هي العقد والالتزام  الذي  يقوم  به الانسان  تجاه الانسان والنابع من كونه كائن  اجتماعي عقلاني  لتتمكن المجتمعات  من  الاستمرار  وتحقيق حد ادنى من عيش كريم وانساني ومنتج   في مواجهة  تحديات الحياة وايضا  الشرور والاطماع البشرية  ومنعها من ان تسود  ويعم  الظلم فكان  رمضان  تجسيدا وتجليا  لعبادة  توضح معاني هذا  الامر وما  فيه من تضحية وعطاء واكتفاء وكفاف وتخلي ورضى 

اننا  وفي الحقيقة  نرى  ان  اعداد  المتدينين  تكثر   ومظاهر العبادة  من صلاة  وصيام والحج وعمرة وغيره   تزداد  بشكل  كبير   ومع ذلك  الاخلاق تتراجع والقيم تتدهور  ويتم تغييب العقل  والتركيز على المظاهر بدل  الجوهر   ،الدين بدلا من ان يكون مرجعا ذاتيا  وفرديا لاخلاق انسانية  في ممارسات البشر  نراه يستعمل ويشوه  ويصبح  اداة لتقديس مارب واهواء الناس من كافة الفئات حكام وساسة وتجار  شيوخ الخ   ويتم تعزيز فكرة الحلال والحرام بشكلها السطحي   والتي في كثير من الاحيان نرى انها   تعزز الازدواجية  وتركز على مظاهر العبادة وشكلياتها بدلا من جوهرها  فتسويق بضائع المحتل ونفاق  اصحاب السلطة  ونشر الفكر الطائفي والمذهبية المقيتة  الكذب والغش وانتهاك حرمات الناس والنميمة لا تتاثر بشهر  الصيام بل  ان بعضها يزدهر ويزداد  ويقف القائمين على ذلك  في صف المصلين الاول  او حتى على منبر الخطابة 

في العقود الاخيرة وتحديدا  في السنوات القليلة الماضية ومع انتشار المفاهيم المشوهة للتدين  والدين   اختلف شهر رمضان ومعنى الصيام  وجوهره  فتحول  شهر  رمضان الى شهر الاستهلاك  الجنوني وشهر الارباح الخيالية  واغراق الناس ببضائع وعادات  تتناقض وجوهر فكرة الصيام  نفسها   ويستمر الخطاب الرسمي والخطاب  الشعبي يكرس هذا  الافتراق  وهذه الغربة  بين جوهر  الصيام وبين مظاهر التدين الشكلية  التي تنتج مساجد   مكتظة  وقلوب خاوية    ودروس وعظات دينية   في المجالس  والطرقات والجمعات  وفي الشاشات  والهواتف  في  تويتر  والفيس  وانستغرام ويو تيوب   شلالات  متدفقة من العظات  لكن الاخلاق متردية وفاسدة ومختزلة بفهم ضيق وحقير مرتبط بنظرة دونية مشوهة للمراة
مع  بداية  هذا  الشهر وفي ظل الامل  الذي  اضاءه انتصار  الاسرى وفي  سياقات  عربية  ازالت  كثير من  الاستار  التي  تغطي  عورات  الثقافة والممارسة  للانسان  العربي  ادعو لان تصبح مسؤولية الفهم الصحيح للدين ،قيمه  اركانه وفرائضه  ووطرق تدين وعيش الناس مسؤولية   جماعية وان يتم انتزاع الحديث باسم الدين لكن من اطلق لحيته  وحفظ بعض الايات القرانية والاحاديث النبوية  الشريفة

وفي النهاية تذكروا وانتم تصومون  الاية الكريمة {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}
كل عام وانتم بخير 

 
.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير