نادية حرحش تكتب لـ"وطن": هل انتصر الاسرى وتحققت مطالبهم؟

29.05.2017 07:26 AM

هل انتصر الاسرى فعلا ، وان انتصروا على ماذا ؟
من الصعب التهكم في هكذا موضوع ، ولكن لابد من السؤال . ما الذي جرى بالفعل ؟  ماذا كانت مطالب الاسرى ، ولماذا كان هذا الاضراب؟

هذه الاسئلة البديهية وانعدام ايجاد اجوبة شافية لها يؤكد سبب عزوف الناس عن التضامن الحقيقي .
وكما في التضمان الوهمي على شبكات "الفيس بوك" ، حصلت المباركات الوهمية المبالغ بها على نفس الشبكات . وتحولت صور القيد والماء والملح الى صور عصافير محلقة وانتصارات.

لا استطيع الا ان اسأل عمن يحرك الشارع في كل الامور . كيف انتهى الاضراب فجأة ، هكذا ، كل ما قيل لنا انهم انتصروا . وللامانة وبسذاجة ما ، كنت اظن ان انتصار الاسرى يعني تحررهم . كنت اظن ان هذا هو المطلب الشعبي . بغض النظر عما هو مطلبهم في داخل الزنازين .

ولكن ، بلا شك ، ما جرى جعلني افكر بكيفية ادارة الامور . هناك حالة من "آلاستحمار العام على الشعب. فعندما تمت الدعوة للاضراب ، هرول الجميع للتعاطف ، لم نستطع فهم ما هي المطالب ، فهناك لجان تختص بهذا  كل ما علينا نحن الشعب هو الهتاف وراءهم . فلم يكن غريبا ان يخف الالتفاف وتبقى الاصوات المنادية مجرد ابواق ، ولا يبقى في خيمات الاعنتصام الا اهل المعتقلين الذين بلا شك مثلي ، يصبون الى تحرر ابنائهم المطلق .

وان كان المعتقلون قد نالوا مطالبهم بداخل السجون فهذا كذلك حق وانجاز ، الا ان اعلامنا لم يخبرنا بشيئ ، كل ماسمعناه ان الاضراب تم تعليقه وانتهت الفعاليات .

في المقابل ، زفت الاخبار الاسرائيلية الاخبار بلا ندب لاخفاق حكومتهم ، بل بان كل ما تم التوصل اليه هو اتفاقات على الزيارات ستتحمل السلطة احدها ، وذلك بعد تدخل مبعوث ترامب. فهل كانت المطالب هي من ينسق ويسهل الزيارات ويحافط على ان تبقى اثنتين شهريا ؟ وبعد كل هذا نعرف ان الموضوع كان عند الصليب الاحمر وليس عند اسرائيل ؟

ان يضرب الاسرى او يعلقوا اضرابهم او يوقفوه هذا امر لا نستطيع القول فيه . فهم الجياع وهم المقموعين وهم من يتم ممارسة الضغوطات عليهم ، ولو كانت طلباتهم محدودة فهذا شأنهم . ولكن تبقى المسؤولية في الخارج سابقا كما هي الان . وهي ايهام الشعب بامور غير حقيقية ، والتهليل والتهويل في الحالتين .

ففي الدول المحترمة يقال للشعب عن اسباب التضمان المطلوب. هل ظنوا اننا لو علمنا ان مطالب المعتقلين لا تتعدى زيارة او تحسين طعام او اجراء مكالمات هاتفية سيقل دعمنا لمطالبهم ؟
بالطبع لا ، بل سنحترمهم.

ولكن ، ما تم فعله بالخارج من خطابات وشعارات وتهويلات لم تمت للموضوع بصلة ، وعليه لم يتم الاهتمام بالامر ، ففجأة كقضية فلسطين تحولت قضية المعتقلين الى قضية تخص بعض الالاف من المعتقلين المتمردين .

واصاب الناس حالة من انتهاء المسؤولية والرغبه بالاحتفال بالانتصار وكأننا استحققناه . فجأة هكذا بلا تحضير او استئذان وكأن التزاحم القادم في رمضان لن يحتمل اضرابات معتقلين بامعائهم الخاوية . فنحن دخلنا شهر الصيام وملء الامعاء والمعدات عند الافطار لثلاثين يوما . فهكذا اضراب سيعطل علينا بهجة الصيام .

تكمن مشكلتنا في نفوسنا ، فنحن شعوب لا نحترم انسانيتنا ، ولا نفهم منها الا بعض المستحقات التي ترمى علينا ونتلقفها . كيف نفكر بالتحرر ولا نستطيع ان نفهم ما هي الحرية  .

اخجل من نفسي و اخجل من كل ام وزوجة وابنة وقفت حاملة شعارات وجلست لاربعين يوم في انتظار عودة غائب طال غيابه على امل ضغط شعبوي وحكومي يتحول الى دولي من اجل حرية هؤلاء ، فنفض الخيام ونهرول راجعين الى بيوتنا ، انتهى الاضراب .
وقد ينتظر هؤلاء الاهل في عودتهم قرارات جديدة املى بها ترامب على امراء الامر بالشأن الفلسطيني ، تتعلق بايقاف دفع رواتب لاهالي الاسرى والشهداء . ولن استغرب ان يصرف لهم هذا العام بدل مصاريف حج الى بيت الله الحرام ... الذي تنتهكه السعودية وتمتص خيراته امريكا ويتلاقف على زواياه مثل البعوض والبكثيريا الزعامات المنتفعة من دماء هذه الامة .
فبنهاية الامر ... لا  بد ان تستمر الحياة ...كما سيقال ... ولعل الله يستجيب الدعاء من بقاع الحرم المكي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير