نادية حرحش تكتب لوطن مهاترات وطن .. الشهداء هم النبض الباقي لهذه الارض

20.06.2017 06:08 PM

 لا أعرف كيف يمكن البدء بهذا الموضوع. ما هي الطريقة التي يمكن ان نصيغ فيها الكلمات بلا ان نُجرم الضحية او نبرر فيها الموت . ولا أعرف كيف أصف بكلمات تعبر بالفعل عن ردود أفعال الكثيرين التي لا يمكن وصفها الا بالمخزية .

كل ما اعرفه هو ان هناك ابناء بذلوا حياتهم وهي في ريعانها من أجل قضية لا تزال تمثلنا حتى ولو صارت هذه القضية بالنسبة لما تبقى من دم يخلو من اي نخوة في عروقنا مصلحة ما قد لا تتعدى في الكثير والكثير من الاحيان تصريح عبور ، وفي هذه الحالة في شهر رمضان وليوم واحد الى القدس.

هؤلاء الابناء الذين ودع كل منهم امه في ذلك الصباح ليلقى ربه في طريق كانت اقرب من الطريق الى المسجد. هل كان عملهم خاطئا ؟ وهل اختاروا الوقت غير المناسب ليقوموا بعملهم هذا؟ هل حرضهم محرض ، وهل دفعهم احد على هذه الفعلة ؟

هل يحتاج الفلسطيني اكثر من محاولة العبور عن حاجز، ويمنع لكي يقرر ان هذه الحياة لا ترقى الى درجة الحياة المزعومة هذه؟

نعم ، في كل مرة يستشهد أحد ابناء هذا الوطن نخسر . نخسر انسانا فقد الامل في هذه الحياة ومن فيها واختار الطريق الاخر .

ذلك الطريق الى اللامنتهى حيث اللامعلوم افضل من اي ما يقدمه المعلوم في هذه الحياة . تلك الظلمة التي يحتمها الموت تبقى بالنسبة لاؤلئك افضل من فضاء هذه الارض القاتمة الظالمة الملتهبة .

لا يمكن ان نصفق لانسان انتهت حياته برصاصة ظلم احتلال حتى ولو كان متسلحا بسكين او سلاح آخر ابيض او رمادي. ولا يمكن تبرير قتلهم ظلما وبدم بارد من قبل الاحتلال . فنحن لا نعرف الا قصة الاحتلال في كل حادثة او عملية لا يهم كيف نسميها . ومهما كان سلاحهم ، فانهم بالمقارنة عزل امام ثكنات العسكر التي تجتاح شوارعنا .

ولكن ان يخرج تافه ويساوي الضحية بالجلاد فهنا نكون قد وصلنا الى مرحلة " اللي استحوا ماتوا " . اكثر ما اثار اشمئزاري في غمرة التعليقات احد السفهاء كاتبا "بان ثلاثة خربوا على جموع المسلمين بتصاريحهم الى القدس من اجل قتل امرأة ."

ثم نرى اخرى تتساءل اين المؤسسات الشبابية التي تترك الشباب الى حتفهم هكذا.

لا اظن ان هكذا تعليقات استفزتني لهذا الحد من الغضب منا وعلينا . ام نحن فعلا وصلنا الى هذا الحضيض اللا انساني ؟ كيف يساوي عاقل بمجندة مؤججة بالاسلحة باي امرأة ضحية ؟ كيف يجرؤ انسان بعروقه بعض الدم بمساواة حياة انسان بتصريح من اجل مصلحة تاجر او من اجل دعاية نؤكد فيها امام العالم ان القدس ليست مهجورة ..او عربية من اجل اولئك الذين يستخدمون العروبة والاسلام شعارات ، تسقط في لحظة اعتراض المصلحة .

اي توقيت يريده أولئك المتفرجون المنتظرون للتخلص من الاحتلال للشهداء ؟ هل يريدون تنسيق مناسب وصيام الشعب وافطاره واحركة التسوق في الاسواق؟

ما هو نوع الحراك الشبابي من قبل المؤسسات المطلوب من السيدة المحترمة ؟ كيف نعلم الابناء التعامل مع الذل اكثر ؟ كيف نتصور الحواجز وكيف نقبل القتل ولربما تطور السيدة رحلة ميدانية للحواجز او للقواعد العسكرية المنتشرة وتقدم ورودا لجيش "الدفاع" الاحتلالي؟

ما الذي يجري لهذا الشعب ؟

نعم.... هؤلاء الشهداء ظلموا انفسهم وظلموا اهلهم واحباءهم وكل من يرى من دمائهم ارتواء لارض هانت على اهلها فجفت وتهالكت بقضية لم يعد لها اهل ولا اصحاب . ولكن هل نقتلهم فوق قتلهم ؟ الم يأخذ العدو المحتل "حقه " منهم بلحظة قتلهم ؟ الا يكفي ان هناك عوائل واحبة يبكون وسيبكون دما لايام وسنين لن تجف فيها دموعهم على هؤلاء ؟

هؤلاء الشهداء الذين سيبقوا بدمائهم التي لا يتوانى الاحتلال عن اراقتها نبض الحياة الميتة فينا نحن اشباه الاحياء .

هؤلاء الذاهبون الى موتهم متطوعين لا يذهوبن حبا في الموت ولا ابتغاء الحور العين . هؤلاء يتركون هذا البلاء مدركون ان الشرالقادم على اهلهم اعظم ومع هذا يتركوا احبتهم منكوبين الى الابد . هؤلاء مثلنا جميعا . مثل كل من يعيش من اجل حرية حقيقية وصلوا الى الدرك الاسفل من الاحباط، من الامل، من الابما بأن هناك حل على هذه الارض في ظل احتلال لا ينتهي وسلطة تنسق مع الاحتلال من اجل السماح "ان زهدت" لهؤلاء امثالهم العبور من اجل الوصول الى القدس ... الى القدس ان كانت القدس بهذه الاثناء رمزا لما تعنيه الحرية من الاحتلال للفلسطيني .

نعم هؤلاء كانوا يستحقون ان يكونوا في حياة افضل . كانوا ليكونوا بناء لمستقبل اجمل لو بقوا. لان الحياة الحقة تريد احرارا لا عبيدا.
رحم الله الشهداء ... اعان اهلهم على مصابهم وفقدانهم .

وان كان هناك ذرة احساس متبقى ..فما علينا الا العمل من اجل انهاء الاحتلال. فطالما هناك احتلال ،فهناك ظلم . ولطالما هناك ظلم سيبقى هناك اناس يخرجون من هذه الارض ليرفضوا هذا الظلم ولو كان الثمن حياتهم.... في سبيلنا .... نحن الذين اخترنا الذل على الارض طريق حياة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير