أزمة قطر، وجهة نظر

23.06.2017 08:37 AM

كتب : منير ابراهيم أبو شمالة
باحث في العلاقات الدولية

تبدو للمتابع أن أزمة قطر مع السعودية وحلفائها تكمن في سياسة قطر وتأمرها على السعودية والأمارات والبحرين ومصر ، وان كل الأجراءات التي أتخذت ضد قطر الهدف منها هو إما تغيير الحكم في قطر أو تحجيمها وتقليم أضافرها من خلال التزامها بالشروط التي وضعت من طرف السعودية وحلفائها لتسوية القضية وعودة قطر إلى بيت الطاعة الخليجي..

لاشك ان العلاقة القطرية السعودية لم تكن يوما على مايرام منذ عشرات السنين ، التي تخللها مطبات كثيرة منها صراع الحدود سنة 1965 الذي حسم بتنازل السعودية لدولة الأمارات عن أجزاء من واحة البريمي مقابل تنازل الأخيرة عن الشريط الساحلي المعروف بخور "العديد"، وهذا أدى إلى عدم حدود مشتركة بين قطر والامارات ، وعام 1992 وقعت "معركة الخفوس"بين قطر والسعودية على الحدود، وأتهمت قطر السعودية بدعم محاولة إنقلاب على الحكم في قطر عام 1996..وفي عام 2005 وقعت محاولة إنقلاب في قطر أتهمت السعودية بانها خلفها..دعم قطر للأخوان المسلمين في الوقت الذي كانت السعودية ودول الخليج ضد الأخوان .بالأضافة إلى تدخل السافر قطر عبر قناة الجزيرة وغيرها في في شؤون دول الخليج .وكذلك علاقات قطر مع ايران والحوثيين وحزب الله ...إلخ .

وبعد عقد القمة الأميركية الخليجية والأسلامية الأخيرة  في الرياض ، تفجرت الأزمة بشكل علني على أساس أن هناك تصريحات لأمير قطر مس فيها بالسعودية ودول الخليج وعبر عن تأييده للعلاقة مع ايران ومدحه لهذه الأخيرة ...هل هذه هي الشعرة التي قصمت ظهر البعير؟.وهل التسريبات التي تبعتها من مكالمات هاتفية بين القذافي وأمير قطر السابق ووزير خارجيته ،و إحتضان قطر للشيخ القرضاوي وقيادات للأخوان المسلمين وعزمي بشارة وقيادت حماس ومكتب لطالبان لها علاقة بتأجيح الأزمة ؟ وهل دعم قطر ماليا لجماعات إسلامية في سورية والعراق وفلسطين وغيرها يعتبر داعما للأرهاب ؟ وهل الأعلام القطري وعلى رأسه قناة الجزيرة وصل إلى حد لا يمكن السكوت عليه ؟ وهل تغريد قطر خارج السرب الخليجي في كافة القضايا في الأقليم وعدم إستساغتها لزعامة السعودية وطموحها الأكبر من حجمها أوصلها إلى مانحن به الأن ؟ أم أن الأمور غير ذلك ،وأن هذه الأزمة هي حلقة لمسلسل كبير وخطير أكبر من قطر ودورها ؟ حيث أن كل ما ذكر ليس بالجديد بل موجود منذ زمن طويل ...ومسكوت أو متفق عليه إذا صح القول أو حاصل بضوء أخضر أمريكي ..حيث لا يمكن لقطر الدولة الصغيرة التي تسضيف أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة أن تتصرف بملفات كبيرة وحساسة في الأقليم بقرار قطري خالص ،والسؤال هنا إذا لماذا الأن إثارة هذه الأزمة ؟ وما آثارها على فلسطين؟

بداية يجب التذكير أن أول ملجأ للأخوان المسلمين والجماعات السلفية في منطقة الخليج كانت السعودية وذلك في خمسينيات القرن الماضي و كانت السعودية توظفهم في صراعها مع عبد الناصر.والسعودية وحليفاتها من دول الخليج قدمت الدعم للجماعات الأسلامية في سوريا والعراق واليمن وكذلك في أفغانستان سابقا مثلها مثل قطر وكله بضوء أخضر أميركي...أما علاقات قطر بإيران فهي ليست الوحيدة في دول الخليج التي لها علاقات مع ايران ، هناك الأمارات التي لها علاقات اقتصادية مع ايران تفوق كثيرا قطر وكذلك عمان علاقاتها مع ايران وطيدة جدا...

ومحاولة لفهم في أسباب بروز "أزمة قطر" الأن وبهذا الشكل لابد أن نقرأها في السياق العام الحاصل في الأقليم والذي لا يختلف عليه إثنان، إفشال الروس والأيرانيين للثورة في سوريا ..فشل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، العراق على وشك التعافي من الأرهاب وإكتمال حلفه مع ايران ..بمعنى أخر التمدد الأيراني حول العربية السعودية ودول الخليج من مضيق هرمز مرورا بالعراق وسوريا ولبنان وينتهي بالحوثيين باليمن ..وليس أمام السعودية وحليفاتها إلا البحث عن طريق الخلاص من هذا الخطر الأيراني الذي يكن الحقد والعداء التاريخي للأسرة الحاكمة في السعودية ..ومواجهة هذا الخطر يحتاج لتحالفات خارج "المعقول" والتضحية بالكثير من المسلمات في سبيل الخلاص من الخطر الأيراني ..أو تحجيمه ..وهذا حقها في الدفاع عن أمنها القومي وإستحضار الدعم الأميركي ..وغيره...وكما هو معروف أن كل شئ له ثمنه..ولم يخف الرئيس ترامب منذ حملته الأنتخابية أهدافه وسياسته تجاه الشرق الأوسط والذي ممكن تلخيصه بنقطتين أساسيتين وهي :أولا تكريس قوة اسرائيل كقوة أولى في المنطقة "ورفع الظلم عنها"... ودمجها و"عاصمتها القدس" في المنطقة العربية بالسياسة أو القوة..وإزالة الخطر الأيراني عنها ، ثانيا المال العربي .وبالتالي لا بد أن يكون دمج اسرائيل والتطبيع العربي معها إضافة للصفقات المالية هي شروط ترامب لأي توجه أمريكي فعال مع دول الخليج في المنطقة ...وهنا بدأت الصفقة الكبرى تبدو أكثر وضوحا ، وتم الترتيب لها قبل وصول ترامب للمنطقة ،تحت عنوان موجه لدول الخليج " نحن وأسرائيل " معكم لحسم التهديد الأيراني مقابل المال والتطبيع الكامل مع اسرائيل وقبولها كدولة في المنطقة قبل حسم أيا من ملفات المفاوضات الأسرائيلية الفلسطينية ..ولنترك الأسرائيليين والفلسطينيين يتفاوضون في ظل تطبيع عربي اسرائيلي ومنطقة يعمها السلام العربي وخاصة الخليجي الأسرائيلي....وللبدء في التطبيق يجب أضعاف الشرعية الفلسطينية ...وتكون البداية من الضلع الضعيف وهو غزة.....وهنا بدأ المشوار..... الباقي عندكم.......

أما قطر فهي حليف لأميركا ويوجد فيها أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة ..ولن يستطيع أحد الأعتداء عليها إلا بضوء أخضر أميركي ..والضغط عليها أو حصارها أيضا بنفس الضوء...وأعتقد أنه لن يستمر طويلا ..هو فقط "قرصة أذن" ... وأعتقد أن ايران أو تركيا أذكى من الوقوع في " الفخ" كما وقع صدام في الكويت.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير