لاجئ فلسطيني من سوريا يحيي حفلات موسيقى صوفية في اوروبا

30.06.2017 11:42 AM

وطن- وكالات: لقبه أبو غابي، اسم رافقه منذ نعومة أظفاره وكبر معه في أزقة مخيم اليرموك في دمشق، ليشهد لاحقا على نكبته الخاصة وخروجه من عالم اللجوء الصغير في المخيم إلى اللجوء الكبير باتجاه القارة الأوروبية.

محمد نور أو أبو غابي، لاجئ فلسطيني من قرية بلد الشيخ في قضاء حيفا، ولد في مخيم اليرموك في دمشق، خاض رحلة اللجوء الخاصة به بعيدا عن المخيم لتحط به رحالها في فرنسا.

درس أبو غابي، الاسم الذي بات يعرف به منذ نعومة أظفاره، الإعلام والغناء الشرقي و"بعض" الموسيقى. نشأ في عائلة موسيقية وورث موهبة الغناء عن والده، أحد الموسيقيين الفلسطينيين خلال السبعينيات. ويقول أبو غابي لـ"مهاجر نيوز" "كبرت موهبتي بفضل متابعة والدي الذي كان من محبي الموسيقار محمد عبد الوهاب، وأسمهان، وسيد مكاوي، كما كان يقدر كثيرا الشيخ طه الفشني وعبد الباسط عبد الصمد، كانت أصواتهم حاضرة في المنزل دائما...".

يعيش أبو غابي اليوم في مدينة نانت الفرنسية، حيث يتعلم اللغة الفرنسية ويعمل على مجموعة من المشاريع مع أصدقاء له هناك. لدى سؤاله عن سبب مغادرته سوريا عام 2013 أجاب أبو غابي "لم أعد أتحمل الوضع الأمني والخوف، أصدقاء كثر لي اعتقلوا أو اختفوا... في أحد الأيام سمعت أن الحدود اللبنانية ستغلق، دون تفكير جمعت ما تيسر لي من حاجيات شخصية وانطلقت باتجاه لبنان".

الموسيقى لأبو غابي في المخيم كانت هواية في طور النمو نحو الاحتراف، إلا أن اللجوء والخروج والإحساس بالفقدان حولت الموسيقى في حياته إلى الملجأ الوحيد من المحيط والشعور بالخسارة.

بيروت.. صعوبة اللجوء وبدايات الإنتاج الفني

في بيروت الأوضاع لم تكن سهلة بالنسبة لأبو غابي، كغيره من اللاجئين القادمين من سوريا. يستذكر أبو غابي يوم وصوله إلى الحدود اللبنانية، "كان بالفعل قد صدر قرار بمنع دخول المزيد من اللاجئين إلى لبنان، حينها لم أعرف ما العمل، فقرار الخروج من المخيم على صعوبته إلا أن العودة كانت مستحيلة، بت مع باقي اللاجئين في العراء مدة يومين، ثم دخلنا بعد ذلك".

لبنان لأبو غابي كان تجربة قاسية وحلوة في الوقت نفسه، ويقول "لطالما كان لبيروت مساحة خاصة لدي، لا يمكن لأي كان أن يزور تلك المدينة إلا ويغرم بها، إلا أنها مدينة قاسية، لا يمكن لي أن أنسى ما مررت به هناك".

تناقضات بيروت انعكست على تطوره موسيقيا، حيث كانت أول تجربة فنية له "لولاك" هناك. كان اللجوء والتشرد من الموضوعات التي طغت على أغنياته "حملت الأغاني من مكان لآخر، وغناهم أصدقاء لي رحلوا بين شهيد ومعتقل ومفقود، فكان من المفترض أن أقدمهم بالشكل اللائق...".

ويضيف "تعلمت الكثير، في بيروت سجلت أكثر من 15 أغنية وأنجزت فيلمي ‘أنا أزرق‘، كما كتبت موسيقى مسرحيتين ‘حديقة الشهداء‘ للمخرجة اللبنانية تانيا خوري، و‘بيني وبيني، حكاية معتقل‘ للشاعر حسام ملحم والراقص علي حيدر".

منذ البداية، بيروت كانت له محطة تسبق توجهه إلى أوروبا، "جاولت أن أذهب إلى تركيا، قدمت لفيزا عدة مرات لكني رفضت. خلال تلك الفترة، تلقيت دعوة من مدينة مانشستر الإنكليزية للمشاركة في احتفالية مئوية الحرب العالمية الأولى، ذهبت إلى السفارة لأحصل على الفيزا لكني رفضت أيضا".

من بيروت إلى فرنسا

لم يستسلم أبو غابي، إحدى صديقاته، شابة فرنسية، عرضت عليه مساعدته في تقديم ملف لجوء إلى فرنسا، وهذا ما حصل، قدم طلب فيزا هجرة وحصل عليها بعد شهر، "لم أخبر أحدا بالموضوع... كنت سعيدا جدا بالمغادرة، لم أجمع أغراضي حتى".

"ذهبت إلى مدينة بواتييه، كان لي صديق يعيش هناك، فضلت أن أذهب عنده لعدم معرفتي بالبلد وباللغة... في بواتييه تعرفت على صديق مغربي يعزف العود، قمنا بعدة حفلات سويا هناك".

شكلت بواتييه لأبو غابي مرحلة راحة، فهي مدينة صغيرة وهادئة وبعيدة عن باريس، أتاحت له الوقت ليفكر في خطواته المستقبلية، كما أسس فيها فرقة موسيقية تحت اسم "مترو ناسيون".

تختلط مشاعر أبو غابي عند الحديث عن سوريا واليرموك ورحلة اللجوء، يقارن أبو غابي بين تاريخ بواتييه وتاريخه الشخصي "بواتييه كانت النقطة الأخيرة التي وصل إليها المسلمون في فرنسا بعد سلسلة من الانتصارات، أنا كانت بواتييه النقطة الأولى لي في فرنسا بعد سلسلة من الخيبات والانكسارات، أشعر أن في هذه المقاربة الكثير مما يمكن أن يشكل لي حافزا لأكمل المسيرة".

"المخيم لم يكن سوى مكان انتظار"

عند سؤاله عن المخيم، يرسم أبو غابي صورة قاتمة لواقعه الحالي، دون أن يغفل مكانة اليرموك في تشكيل شخصيته وآرائه، "فالمخيم لم يكن سوى مكان انتظار لحدث كان الجميع يتوقعه، كما أنه خلق عندي نوعا من الوعي المبني على الحذر والقلق الدائم، المخيم بمعناه السياسي الاجتماعي مكان بشع لأنه يجبرنا على انتظار ما سيغير حياتنا".

يسعى أبو غابي اليوم إلى استكمال تحصيله العلمي في مادة الموسيقى، كما يعمل على تسجيل ألبوم جديد. يعبر عن فرحته للاستحسان الذي لاقته موسيقاه لدى الجمهور، والتعليقات الإيجابية التي جاءته في كثير من الأحيان من موسيقيين مشهورين ككاميليا جبران وفتحي سلامة.

يختم أبو غابي قائلا "كوني لاجئ فلسطيني من سوريا جعلني أحمل الكثير من الحكايات، حكايات الحاضر والماضي، أطمح لأن أطرح كل تلك الحكايات عني وأنطلق لأكتب حكايتي الخاصة...".

تصميم وتطوير