نبيل عمرو يكتب لوطن المشهد السياسي .. تحت خط الفقر السياسي

02.07.2017 10:29 AM

في وصف حالة المجتمعات والدول والنظم تستخدم عبارة تحت خط الفقر، وغالبا ما تقاس كفاءة الدول والنظم بمستوى هذا الخط، فان كان غائرا في النزول فالدولة فاشلة، وان كان معقولا الى حد ما فالدولة واعدة او نامية او متعثرة.

عندنا في فلسطين، تقاس الأمور بخط الفقر السياسي، الذي يزداد توغلا في النزول  على نحو متسارع بحيث تفصل اليوم عن الامس مساحة شاسعة في عمق النزول، هذا بصراحة هو حالنا السياسي، وعندنا من يكتفي في تفسير هذا الواقع بأن ينسبه الى مؤامرة ما او يجد تحليللا متماسكا لغويا وفارغا من المضمون، هدفه اعفاء النظام القائم من المسؤولية ونشر أسباب التدهور على مساحة الكون، ذلك ان هنالك من يحلو له وصف حالتنا كما لو انها نتاج شركة مساهمة للبؤس أسسها العالم، ونحن لسنا أكثر من مجرد ضحية.

ان يحدث هذا فهو أمر مهما كرهناه يظل منطقيا، اما ان نجد من ينكره ويصور امورنا على انها في افضل حالاتها فهذه هي الكارثة الحقيقية، وهذا هو الإعلان الصريح عن ان ما نحن فيه ليس بحاجة الى أي عمل، ولماذا العمل مادام كل شيء على ما يرام!.

الذين يقولون ذلك يعرفون اكثر منا ان لا شيء في بلدنا على ما يرام، الا اذا اعتبرنا ان أوضاعهم الشخصية هي المقياس الذي يفرض على كل البلد.

ان حزب الـ " على ما يرام " وهو تجمع يضم نافذين يتغذون على القابهم وبعض صدى تاريخ يزداد شراسة في التشبث بالموقع واللقب، ويزداد توغلا في الترويج للعبث واللاجدوى وكأنه قدر هذا الشعب ولا مناص من القبول به ، ويزداد في اعتناق فرية ان كل ما يحل بنا هو مجرد مؤامرة يشترك فيها العالم كله.

اما أصحاب الألقاب والوجاهات فمنشغلون بملاحقة المؤامرة وكشف الاعيب المتورطين فيها، ولا وقت لديهم للتفكير ولو بخطوة متواضعة لاخراج الشعب من الورطة وابعاد القضية عن التبدد، ومنع التاريخ المشرق من التحول الى مظلم.

سر مأساتنا هم هؤلاء الذين يرون الانهيار ويشاركون في صنعه، الا انهم يفردون على ركامه عباءة من الادعاء والجمل الفخيمة، انه حزب كل شيء على ما يرام، ينظرون الى المأساة العامة من وراء زجاج النوافذ، ويشغلون الهاتف الدولي ليأمروا العالم كي يتدخل ويوقف مؤامرته ويزيل الظلم ويحق الحق، وهم أولئك الذين يرون حال الناس وكأنهم نسخة طبق الأصل عن حالتهم الشخصية، فما داموا بخير وراحة وما دام الاعلام يستضيف ويمنح الفرص، فالامر على ما يرام.

ان يكون مجتمع تحت خط الفقر بفعل احتلال او كوارث طبيعية او قحط وجفاف فهذا يحدث ويُتَفَهَّم، اما ان يقبع شعب صاحب قضية يفترض انها الأهم من بين قضايا الكون تحت خط الفقر السياسي، فهذه هي الكارثة بعينها، واسهل ما في الامر ان يهرب اولوا الامر الى نسبة ذلك لمؤامرة كونية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير