نادية حرحش تكتب لـوطن: هل نشهد انفصال الضفة والقطاع بعد عشرة اعوام من الانقسام ؟

06.07.2017 06:25 AM

في ذكرى النكسة الحقيقية واغلاق خمسين عام منذ احتلال اسرائيل لما تبقى من فلسطين ، يبدو  ان بوصلة السلطة الفلسطينية الحالية نكست اعلامها ليس بانتكاسة الاحتلال ولكن بتنكيس انقسام الوطن بين فتح وحماس وتكريسه رسميا لتصبح غزة عنوان نكسة لا ينحصر فيها الانقلاب الحمساوي على السلطة ولكن كذلك الدحلاني، لتعلن غزة منطقة انقلاب او اكثر ، منطقة انتكاسة ، لم تجعل السلطة تعلنها خلال الحروب الاسرائيلية المتكررة ولا الحصار الخانق ولا الظلم المميت ولا انقطاع سبل الحياة البديهية في بساطتها بغزة، لكن بمصالحة حماس بدحلان .

هكذا يجتمع قطبي العداوة ليشكل انتكاسة بالنسبة للسلطة في رام الله. فلم يعد العدو متمثلا بحماس واخوانها ، بل صار مركبا في دخول دحلان الى اتفاق غزي مع حماس، العدو التاريخي لفتح بشقيها الدحلاني والعباسي.

من راقب المشهد منذ خلع دحلان من اراضي سلطة رام الله لم يستغرب ما يجري اليوم في غزة من مصالحة بين العدوين التاريخيين . ومقدرة الدحلان على تحويل عدوه الاكبر الى حليف للمرحلة القادمة  قد يكون مواتيا مع الظروف الحالية على المستوى الاقليمي في تأرجح كفة القوى في خليج "النفط" العربي.

فلا يخفى على فلسطيني الحقد الحمساوي الدحلاني والغزي المتبادل ، الا ان الدحلان لم يكل ابدا عن الاستثمار في منطقة سقوطه .

ومهما حاول الدحلان باصلاح ما افسده تاريخه السابق للانقسام، لا يمكن اعتباره المخلص ولن يكون. فدحلان بنهاية الامر هو جزء من التركيبة الفتحاوية التي اوصلتنا الى هذه المواصيل. ولكنه بنهاية المطاف سياسي ، والسياسة فن الممكن ، التي تتصالح فيها المصالح ، حتى مع الانداد.

لا ان المصالحة مع حماس في وقت كهذا تحديدا .تخسر به حماس حلفائها بالمنطقة بخروج قطر من لعبة التحالفات المؤثرة والفاعلة، ويشتد الخناق به على غزة من كل النواحي ، بعد ان شالت السلطة يدها عن المعاشات والكهرباء والتحويلات الطبية واحالة الموظفين الفتحاويين على المعاش ، بالاضافة الى الحصار الذي يزداد خنقا ، ففتح المعابر ليس نقاهة ولا تمرير احتياج ترفيهي للشعب هناك . وحق اهل غزة ببعض ما يشبه الحياة الطبيعية حتى ولو لحين يعتبر انجاز وللشعب الحق بان يتنفس الصعداء .

وبينما يلتهي الشعب عادة بالخصام المتأجج بين اطراف فتح انفسهم وبين صدمة مصالحة حماس ودحلان ، يتم تمرير امور من امام اعيننا ، لا يجب التفكير بها بعبثية . فتزامنا مع كل هذه الامور ( مصالحة دحلان حماس، فتح المعابر، اغلاق الامدادات من قبل ابي مازن لغزة، وزيارة ترامب، والعلاقات الاقليمية مع اسرائيل ، وبيع الجزيرتين للسعودية) كان هناك مؤتمر هرتسليا السنوي الذي تم مداولة "تصور" ما يراد له ان يصبح "دولة غزة" . ولأن اسرائيل لا تستطيع ان تتخيل وجود كلمة "دولة" مع كل ما يتعلق بالفلسطينيين ، فالحديث عن "جزيرة" . وما عرضه الباحث الاسرائيلي ليس بالجديد ولا بخيال باحث معتوه . فاذا ما رجعنا بالذاكرة قليلا ، وبالتحديد لحرب غزة (٢٠١٢) التي تدخل في حينها مرسي وتوقفت ، كان الثمن كما تبين لاحقا في يوم خلع مرسي، عندما تم الاعلان عن وجود اتفاقية سرية بقيادة هيلاري كلينتون على اعطاء مساحة من سيناء لتوسيع غزة . ثم كان هناك فيما بعد العرض التركي بانشاء ميناء بحري و"جزيرة".

ورجوعا بذاكرتي ، شهدت منطقة سيناء منذ تلك اللحظات حتى شهور قريبة عمليات "ارهابية" كان محصلتها دائما اجلاء اهل القرى والمساكن في تلك المنطقة.

فعندما يأتي اسرائيلي ليتكلم عن ٧٥٠ كم من اراضي سيناء فهو لا يتخيل ، وعندما ينظر اهل غزة الى عمق البحر ويرون اعمال بناء هناك، فهم لا يتوهمون شوارع تخرج من البحر . 

ثم يأتي دحلان الى غزة "فاتحا" للمعابر وبحوزته خطة انعاش اقتصادية وانعاش اجتماعي ، في نفس الوقت الذي يغلق فيه ابو مازن الانفاس عل ما تبقى من علاقة في غزة.

فلا يعقل ان يكون ابو مازن" انتحاري" في انهاء ما تبقى من نفوذ "بشري" في غزة . فبالمحصلة يعيش في غزة مليوني فلسطيني يشكلوا ما يقترب من نصف السكان بين الضفة وغزة معا .

ويبقى السؤال هل ينتهي طموح الدحلان بمشاركة كعكة غزة وبعض من سيناء وميناء مؤقت وجزيرة ؟ ويقرر القبول بوطن مؤقت كما حصل في اوسلو من قبل؟

وبكل الاحوال ومهما كانت النوايا ، فان المصالحة ما بين حماس و الدحلان هي مقدمة خير ، لان هذه المصالحة هي مصالحة اخوان لا مصالحة اعداء . فكم هو هزلي ان نتأهب من هكذا مصالحة ولا يؤرقنا ما يجري حولنا ومن تحتنا وفوقنا من مصائب واتفاقات سرية وعلنية  . فلا تؤرقنا الاتفاقات السرية مع اسرائيل ، بل اكثر ، لا يتحرك لنا جفن عندما نشاهد تسريبات من قبل مسؤولين فلسطينيين لاسرائيليين من اجل قطع الكهرباء على غزة.ولا نتأثر عندما نرى المرضى يموتون في انتظار تحويلات طبية تم توقيفها .

ولا يؤرقنا الا دحلان الذي صالح حماس ... ولا نخجل من نية اعلان العداء الرسمي على بعضنا البعض.ويستمر حجب المواقع في محاولة فاشلة اخرى بتغطية الشمس بغربال .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير