"التُقية" منهجا لتجنب قانون الجرائم الالكترونية

14.07.2017 05:23 PM

 كتب: نبهان خريشة: عندما يسمع المواطن بـ " قانون الجرائم الالكترونية" يشعر بالحاجة لوجوده ووضعه موضع التطبيق لوقف كافة اشكال الجريمة التي تمارس عبر شبكة الانترنت من اختراق للحواسيب او اصابتها بفيروسات تؤدي الى مسح المعلومات أوالتزوير او استحواذ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بالاضافة الى المواد الجنسية الفاضحة والتغرير بالاطفال وما الى ذلك من جرائم شائعه في الفضاء الالكتروني

وفي عام 2001 وقعت عدة دول اوروبية واخرى عبر العالم على اتفاقية بودابست لمكافحة الجرائم المعلوماتية التي وضعت آنذاك لمواجهة التعديات على حقوق الملكية الفكرية والتزوير بواسطة الكمبيوتر والصور الخلاعية التي تستهدف الاطفال وجرائم الكراهية واختراق امن الشبكات.

ان قانون الجرائم الالكترونية الفلسطيني بقرار الذي وقعه الرئيس محمود عباس في 26/6/2017 ودخل حيز التفيذ في 9/7/2017 يتماشى في اول 20  مادة منه مع اتفاقية بودابست الا أن ما تبقى من مواده الـ 57 استنسخت من قوانين عدة دول عربية التي اقل ما يمكن ان يقال بها انها تشكل اعتداء صارخا على حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة  في فلسطين وعلى خصوصية المواطن والحق في الوصول الى المعلومات وهذا ما يتناقض مع القانون الاساسي الفلسطيني.

ويأتي سن القانون في ظل أزمات ومآزق سياسية تعاني منها السلطة الفلسطيينة في علاقاتها الداخلية وعلاقاتها بالاقليم ، فهناك العديد من المواقع التي تنشر موادا "تحريضية" عليها  ذات توجهات اسلامية سواء لحركة حماس او لغيرها من الحركات بالاضافة لمواقع تديرها تيارات مناهضة للسلطة كتيار محمد دحلان ناهيك عن عشرات المواقع الشخصية والتعليقات الناقدة لافراد على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي.

وسبق اقرار القانون اجبار النائب العام كافة شركات الاتصال التي تزود الانترنت في فلسطين على حجب دون مبرر قانوني نحو 30 موقعا تنشر مضامين معارضه لسياسات السلطة الفلسطيينية ، الى ان جاء قانون الجرائم الالكترونية ليغطي ذلك الاجراء قانونيا ، اذ تنص المادة (32) منه على وجوب التزام مزود الخدمة بتزويد الجهات المختصة بجمع البيانات والمعلومات اللازمة التي تساعد في كشف الحقيقة بناء على طلب النيابة او المحكمة المختصه و حجب رابط او محتوى او تطبيق على الشبكة الالكترونية بناء على الاوامر الصادرة اليها من الجهات القضائية بالاضافة الى الاحتفاظ بمعلومات المشترك لمدة لا تقل عن 3 سنوات.

ولكن ماذا لو دافع المشتركون الفلسطينيون عن خصوصياتهم بتخليهم عن خدمات شركات الانترنت الفلسطينية واستعاضوا عنها بشرائح اسرائيلية متاحة وبوفرة وباسعار زهيدة تقدم خدمتي الـ  خدمتي الـ 3G    و 4G ؟ هل سيكون لزاما على السلطة الفلسطينية عندها سن قانون "جرائم حيازة شرائح هواتف اسرائيلية"  ؟؟!!

ان الكابوس الذي يلاحق الصحافة هو الرقابة الذاتية، لان وظيفة الصحافة اولا وأخيرا هي اخبار الجمهور بمعلومات دقيقة وذات مصداقية في شؤون تتعلق بحياته تجعله قادرا على اتخاذ قرارات صائبة سواء اكانت اجتماعية او معيشية او افتصادية او سياسية ، الا انه في ظل قانون الجرائم الالكترونية الذي يضع رجل مخابرات الكتروني في كل بيت وفي كل مؤسسة يقيد حرية التعبير ويعطل وظيفة الصحافة في خدمة الجمهور ، وبدلا من الحديث بصوت ايجابي مرتفع يلجأ الصحفيون الى الانكفاء على الذات وفرض رقابه على انفسهم واعتماد منهج "التُقيه".       

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير