سكاي لاين الدولية: قانون الجرائم الإلكترونية ... تكميم للأفواه وانتهاك لحرية الرأي والتعبير

16.07.2017 01:02 PM

وطن:  عبرت مؤسسة سكاي لاين الدولية عن قلقها البالغ بعد مصادقة الرئيس محمود عباس على القرار بقانون رقم (16) لسنة 2017 والمتعلق بالجرائم الإلكترونية، مطالبة الرئيس بضرورة الوقف الفوري لتطبيق هذا القرار لما فيه من انتهاكات جسيمة بحق الصحفيين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقالت مسؤولة العلاقات الدولية في المؤسسة السويدية "إيدا سيدر" أن  قرار قانون “الجرائم الإلكترونية” والذي صادق عليه الرئيس محمود عباس، جاء ليمنح غطاءً قانونياً لانتهاكات عدة تمارسها الأجهزة التنفيذية والقضائية بحق الصحفيين ومستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي، والتي تمثلت مؤخراً بحجب المواقع الإخبارية، والاعتقال والاستدعاء على خلفية تقارير صحفية أو منشورات على موقع “فيسبوك”.

وأوضحت المسؤولة الحقوقية أن المصادقة على  قانون “الجرائم الإلكترونية” هو بمثابة إعطاء غطاء شرعي لانتهاك الخصوصية والمس في الحريات العامة،  حيث سيتحول القانون لأداة لقمع من يبدون آرائهم، وهي مسألة خطيرة وغير مبررة تتنافى مع قوانين الجرائم الإلكترونية المعمول فيها بالعالم، إذ تستخدم لحماية أمن وخصوصية المستخدم.

وتشير مؤسسة "سكاي لاين الدولية" إلى أن قانون الجرائم الإلكترونية يشرع القيام بخطوات سريعة جداً، إذ إن المادة رقم (40) منه تتيح للنائب العام أو أحد مساعديه تقديم طلب للمحكمة لإصدار قرار بحجب أي موقع إلكتروني خلال 24 ساعة فقط، وأن مثل هذه المواد تتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة حرية الرأي والتعبير المنصوص عليها في اتفاقية "بودابست" المتعلقة بالجرائم الإلكترونية لعام 2001، وبما يتعلق بأحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة (19)

وفي هذا السياق أشارت المسؤولة الحقوقية السويدية إلى أن قانون الجرائم الإلكترونية الفلسطيني الجديد يتضمن عقوبات صارمة كالسجن والذي يصل إلى 15 عاماً، ودفع غرامة مالية تصل إلى خمسة آلاف دينار أردني " ما يعادل سبعة آلاف دولار أمريكي"، مما يجعله أداة لقمع حرية الرأي والتعبير، ووسيلة لمنع النشطاء والمواطنين من التعبير عن آرائهم.

وبينت "سكاي" أن قانون الجرائم الإلكترونية المطبق حديثاً في فلسطين يتضمن عقوبات أشد من العقوبات المنصوص عليها في قوانين الجرائم الإلكترونية المطبقة في بعض الدول العربية ، ففي دولة الإمارات العربية المتحدة نصت المادة الخامسة من قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية على أنه يعاقب بالسجن مدة خمس سنوات كل من أنشأ أو أدار أو أشرف على موقع على الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات يهدف أو يدعو إلى قلب أو تغيير نظام الحكم في الدولة أو الاستيلاء عليه أو إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين السارية في البلاد أو المناهضة للمبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة.

في حين أن قانون الجرائم الإلكترونية في المملكة الأردنية الهاشمية في المادة العاشرة منه تعاقب بالسجن لمدة لا تزيد عن خمس أعوام وبغرامة لا تزيد عن 5000 دينار أردني كل شخص حاول أن ينشر معلومات تمس الامن الوطني او العلاقات الخارجية للمملكة او السلامة العامة او الاقتصاد الوطني.

أما دولة الكويت فتفرض المادة السابعة من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية بعقوبة السجن لمدة تصل 10 سنوات لاستخدام الإنترنت في قلب نظام الحكم في البلاد، أو من حرض على نظام الحكم وكان ذلك التحريض متضمناً الحث على تغيير هذا النظام بالقوة أو بطرق غير مشروعة، أو الدعوة إلى استخدام القوة لتغيير النظام الاقتصادي والاجتماعي القائم في البلاد، أو إلى اعتناق مذاهب ترمي إلى هدم النظم الأساسية في الكويت بطرق غير مشروعة.

أما في المادة السادسة من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية السعودي فقد فرض القانون عقوبة السجن مدة خمس سنوات وغرامة قدرها ثلاثة ملايين ريال سعودي على كل شخص حرض أو حاول التحريض للمساس بالنظام العام والقيم الدينية أو أحد رموز المملكة العربية السعودية.

هذا فيما بتعلق بالعقوبات المفروضة في بعض قوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية في بعض الدول العربية، أما في فلسطين فقد نصت المادة (51) من قانون مكافحة الجرائم الإلكتروني المطبق حديثاً على أنه إذا ارتكبت جريمة من خلال الإعلام الإلكتروني تضر “بالوحدة الوطنية” أو “السلام الاجتماعي”، يكون عقوبتها  الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة تتراوح من ثلاثة سنوات إلى 15 سنة، وتطال العقوبة كل من يشترك “بالجريمة”.

أما المادة 50 فقد نصت عن أنه كل من امتنع عن الإبلاغ بقصد عن جرائم معلوماتية _ في إشارة منها لأي منشور أو تعليق مخالف _ يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة شهور، وبغرامة لا تقل عن مائتي دينار ولا تزيد عن ألف دينار أردني.

ويلاحظ هنا بأن قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الفلسطيني قد شدد في عقوباته على المخالفين لنصوصه بشكل ينتهك المواثيق الدولية الخاصة بحرية الرأي والتعبير والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية خاصة المادة 19 من العهد ، إضافة إلى كون قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الفلسطيني جاءت عقوباته أكثر تشدداً من القوانين العربية في هذا المجال .

وبينت المؤسسة السويدية أن القرار بقانون رقم (16) بشأن الجرائم الإلكترونية في فلسطين يتضمن نصوصاً خطيرة من شـأنها انتهاك وتقييد غير مبرر لطائفة من حقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية، لا سيما حقهم في حرية الرأي والتعبير، وحقهم في الخصوصية وحرمة حياتهم الخاصة، التي كفلهما القانون الأساسي المعدل، وإعلان الاستقلال الفلسطيني، والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان التي انضمت إليها دولة فلسطين. خاصة المواد (16، 20، 28، 51) علاوة على المواد (32 ،33 ،34 ،35 ،37 -40 ،41 ،42 ،43 ،44)، التي تتضمن العديد من الأحكام التي من شأنها المساس بالحق في الخصوصية وحرمة الحياة الخاصة للمواطنين، دون أن توفر ضوابط قانونية حقيقة لذلك، أهمها الإذن القضائي، وإخطار المتهمين بهذه الإجراءات.

ونوهت "سكاي لاين" على أن القوانين و المعاهدات الدولية المتعلقة بأمن الإنترنت تأخذ بعين الإعتبار أهمية خلق حالة من التوازن بين مستلزمات المحافظة على الأمن وبين الحقوق الأساسية للإنسان ومنها حق حرية التعبير على وجه التحديد. وبالتالي فإن الصلاحيات الممنوحة لسلطات الدول لا بد أن تتماشى مع شروط الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان كما تم تفسيره من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

وفي نهاية بيانها طالبت مسؤولة العلاقات الدولية بالمؤسسة السويدية إلى ضرورة تراجع رئيس السلطة الفلسطينية عن تطبيق هذا القرار لما فيه من انتهاك لحرية الرأي والتعبير وتقييد لحق المواطنين في التعبير عن آرائهم، وإلى ضرورة احترام أحكام القانون الأساسي الفلسطيني والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحرية الرأي والتعبير ، وإعطاء المواطنين ونشطاء مواقع التواصل الإجتماعي المساحة الكافية للتعبير عن آرائهم و نشاطاتهم دون تقييد أو تهديد لهذا الحق.

تصميم وتطوير