نتنياهو لن يسقط بسبب الاحتلال

19.07.2017 12:59 PM

رام الله- وطن: يكتب عوزي برعام، في "هآرتس" ان الاحتلال هو المشكلة الرئيسية التي تثقل على اسرائيل، وصحيح ان اسرائيل تدافع عنه وعن آثاره المتوحشة بكل ثمن، والثمن هو افساد معايير الجندي المحارب وخرق حقوق الإنسان بواسطة قوانين غير ديموقراطية. وصحيح انه في كل حوار في دولة غربية يرفضون ادعاءات اسرائيل بشأن حق السيطرة على المناطق والاستيطان فيها.

لكنه من الصواب القول، انه على الرغم من الاحتلال ومعارضته من قبل دول العالم- الا ان اسرائيل تنجح بإقامة علاقات اقتصادية وغيرها مع هذه الدول. المصالح العالمية تدفع الاحتلال جانبا. ومن الصواب اكثر القول، ان الاحتلال لا يتواجد في رأس اولويات المواطن الاسرائيلي، الذي لا يهتم بالآخر وبمعاناته – خاصة حين يعتبر الآخر "عدوا". والحقيقة هي انه بين المحللين المستقيمين، الذين يحذرون من الخطيئة الاخلاقية الكامنة في الاحتلال، لم ينجح احد بالعثور على مسارات تصل الى قلوب الجمهور الواسع – ولا حتى الى قلوب اليسار الصهيوني. او بعبارة اخرى: الاحتلال لا يحطم التوازن بين المعسكرات السياسية في اسرائيل، على الأقل في هذه المرحلة.

من يريد يسارا "طاهرا وحقيقيا" فليعمل على تأسيس حركة واضحة، تذكر الجمهور الخاضع للتحريض بشكل دائم، وقسم منه متدين، بالخطيئة القديمة. وسنرى عدد المقاعد التي ستحصل عليها. "انتم تشرعون تحويل اسرائيل الى زانية"، سيصرخ في وجهي اصحاب الوجوه الغاضبة. ولكن ما العمل اذا كان النقاش حول الاحتلال هو ليس النقاش الذي يخترق المجتمع الاسرائيلي.

التقيت مؤخرا بصديق اصبح متدينا، وقال لي: "انتم لا تفهمون بأن البلاد مليئة بالمعزَزَين. هؤلاء سيصوتون لليكود وللبيت اليهودي وللمتدينين. انهم يسمعون مواعظ الحاخامات في كل اسبوع. لن يصوت احدهم لآبي غباي". يمكن التكهن بأنه عندما يفكر 30% من الاسرائيليين مثله، فان الاحتلال لا يهمهم. واضاف: "انت تعرف ان القدس ليست مذكورة في القرآن". نظرت اليه بعجب وبقليل من الشفقة. لقد شوش الدين افكاره تماما.

هذا هو الواقع الذي نعيشه. على اليسار الذي يفهم الحاجة الماسة لإسقاط نتنياهو الاعتراف بأنه اذا تمسك بحقيقته على انها الحقيقة الوحيدة، وحول انتخابات الكنيست الى استفتاء عام على الاحتلال، فانه يمكن لنتنياهو مواصلة الانشغال ليس بالغواصات فحسب، وانما بالطائرات، من دون أي خوف.

هناك موضوعان جوهريان فقط يمكنهما هز توازن القوى السياسية في اسرائيل: الاول هو الفساد – شعار "مللنا الفاسدين" اسقط يتسحاق شمير من السلطة في 1992، رغم ان الفساد خلال فترته يمكن ان يحظى بجائزة الاستقامة السلطوية حاليا. في "مللنا الفاسدين" ليس المقصود نتنياهو، وانما كل الطاقم الحقير الذي يقف الى جانبه. تفسير الفساد لن يجعل صديقي المتدين ينتقل الى معسكر آخر، لكنه يمكن ان يشكل رافعة لتسلل اصوات من اليمين الى تكتل يسار – مركز.

الموضوع الثاني هو التدين المتصاعد. حسب رأيي فإن قسما من الجمهور التقليدي يعارض المتدينين المتزمتين او المتدينين القوميين من نوع الحاخام دوف ليؤور ونفتالي بينت. المعركة يجب ان تدور ليس ضد الدين وانما ضد مصادرته من قبل الحاخامات المتطرفين الذين يمسون بعلاقات اسرائيل مع العالم اليهودي ويحاولون اعادة عقارب الساعة الى الوراء.

الاحتلال لن يكون الزناد لاستبدال السلطة، ولكن كل سلطة بديلة ستعرف كيف تمنحه مكانته التي يستحقها في الهرم.

تصميم وتطوير