خالد بطراوي يكتب لوطن: أكثر شعب مريح للاحتلال

13.08.2017 11:54 PM

تساءل الرفيق خالد أبو شرخ بالقول " سؤال للبسطاء قبل الاذكياء ... من اكثر عددا؟ مبادرات حل القضية الفلسطينية ام مبادرات انهاء الانقسام الفلسطيني؟

لعابر سبيل فان هذا السؤال سيجعله يطلق ضحكة أو يعقب تعقيبا سطحيا هامشيا، عاجزا عن تلمس حسرة ومرارة السؤال وقراءة ما خلف كلمات هذا السؤال. فالرفيق أبو شرخ لا يرمي سؤالا لا يعرف جوابه، وانما يقرع جرسا ويقول ما لم تقله الكلمات .. لذلك فهو كما غنت ماجدة الرومي " يسمعني ... كلمات ليست كاكلمات".

سأبدأ من الأخير .. وع بلاطة ... لو أطلقت ملايين المبادرات لأجل انهاء الانقسام الفلسطيني .. ولو تبدلت الشخصيات التي تطلقها .. ولو ظهرت قيادات هذه المبادرات على شاشات الفضائيات ترتدي بدلات " سموكنج" أو ربطات العنق الملونة والأحذية الملمعة ... فلن تتكلل مبادرة واحدة لانهاء الانقسام بالنجاح، بل لن تجتاز حتى علامة النجاح طالما أن ارادة انهاء الانقسام معدومة من طرفي الانقسام وبدرجات متفاوتة.

أن أحد أهم أسس الوحدة الوطنية هو احترام الآخر، وتقديس استقلالية قراره ورؤيته لا السعي للتقليل من هذا الاحترام وسلب استقلاليته بل واعتباره تابعا. فما بالكم أيها الأحبة اذا ارتهن قرار البعض من هذه  الفصائل بالتجاذبات على الساحة العربية والاقليمية التي هي بالأساس افرازات وفتات لصراع القوى الدولي؟

يا جماعة .. ما مصلحة حركة حماس المسيطرة على قطاع غزة في أن تعيد اللحمة الى شطري الوطن أو ما تبقى منه؟ وما مصلحة حركة فتح المسيطرة على الضفة الغربية أن تتقاسم السلطة مع حركة حماس؟

سبق وأن قلنا أن مقولة " السياسة تعبير مكثف عن الاقتصاد" تتحق في حالتنا على أرض الواقع. لم تعد المسألة ( بالنسبة للبعض) تتعلق بمستقبل الشعب الفلسطيني ونضالة الوطني لتحقيق ثوابته، بقدر ما أضحت تعبيرا مكثفا عن مصلحة اقتصادية.

ولكل الذين يسعون جاهدا لاعادة اللحمة الى ما تبقى من شطري الوطن أقول لهم أن يوفروا جهودهم ويوجهونها نحو تعزيز تجارب نضالية خلاقة كانت وقفة أهلنا في القدس نموذجا ومفصلا وتبعتها وقفة أهلنا في قرية كوبر.

ان انهاء الانقسام يحتاج الى مجموعة من المقومات أهمها توفر الارادة لانهاء الانقسام وثانيها اعادة الشأن الفلسطيني الى الحضن الفلسطيني بعيدا عن التجاذبات العربية والاقليمية وحتى الدولية.

كما وتصبح من كبرى المصائب لو بدأ الحديث حول انهاء حالة الانقسام من اعتبارات المحاصصة وتوزيع عدد المقاعد في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والوزارات والكوادر الوظيفية في مؤسسات السلطة الوطنية وبضمنها الأجهزة الأمنية وغيرها، فماذا سيكون عليه الحال اذا ما أراد البعض "شطب" منظمة التحرير نهائيا واستحداث جسم بديل.

كما وأن اطلاق التصريحات "الرنانة" حول الاحتكام الى صندوق الانتخابات ما هو عمليا الا تكريس للانقسام اذا لم يكن هناك ضمانة "مليون بالمائة" من نزاهة هذه الصناديق دون حصول عمليات تزوير و/أو ترغيب وترهيب لهذا المرشح أو ذاك.

لقد برهن التحرك السلمي الجماهيري في القدس ووقفة أهل قرية كوبر النضالية مدى عزوف بعض القوى عن مناصرة هذا الفعل النضالي بل والتقليل منه والتهجم عليه في الوقت الذي كان من المتوقع أن تشكل هذه الفعاليات النضالية رافدا محفزا للتقدم بخطوات جدية لانهاء الانقسام.

وقد لفت نظري في تعليق لأصدقاء الرفيق خالد أبو شرخ على ما كتبه ذلك التعليق من ملك خالد يصف مباردات انهاء الانقسام بالقول " مبادرات اثبات قديش نحنا مطابقين لمواصفات "اكتر شعب مريح للاحتلال".

اذا، خلاصة القول أيها الأحبة، يا من تبذلون جهدا ووقتا في لجان انهاء الانقسام، كل الاحترام لكم، لا نريد احباطكم، وفروا جهودكم وركزوها نحو أن لا نستمر في أن نكون ... أكثر شعب مريح للاحتلال.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير