نادية حرحش تكتب لوطن .. الحج الى بيت آل سعود

16.08.2017 07:48 PM

رام الله - وطن: في ظل الوضع المأساوي العام والخاص الذي يعم البلاد المسلمة العربية، من تهجير وقتل وفقر، تلك المشاهد التينتداولها جميعا كمتدينين، علمانيين، فتحاويين، حمساويين، دحلانيين ، عباسيين ، مسيحيين، مسلمين، جبهة النصرة، نظاميين ، اخوانيين، سلفيين، قاعدة او داعش وشيوعيين، نتفق جميعا على بؤس هذه المناظر والظلم الواقع على أصحابها، فلا تزال صور الحروب التي يشنها المسلمين على بعضهم عالقة في اذهاننا لا تتحرك من هولها، فبين غارات على سوريا من كل الاتجاهات وغارات على اليمن واخرىعلى العراق،دمار مستمر يعنون المرحلة ويسطر اتجاهاتها، كلنا نرفع نفس الصوت وبنفس الحرقة لنتساءل أين الحكام وأين العدل وأين الدين وأين الإسلام مما يجري للمسلمين؟.

ويأتي موسم حج آخر، ويتسابق المسلمون بشتى الالوان والاعراق والاقطار من اجل الحظي بحجة تقربهم الى الله ويكملون فيها دينهم، ولا اتنكر ابدا للسعي لهذا الشعور في قمة الوصول الى التقرب من الله في الحج، وأفهم حلم كل مسلم بالحج الى بيت الله الحرام، ولكن حج البيت مرتبط بالاستطاعة، والاستطاعة لا تكون فقط بالاستطاعة المالية، فليس المطلوب ان نجوع من اجل الذهاب الى الحج، وان نحرم ابناءنا وذوينا من اجل هذه اللحظة.

والحج اليوم ليس كما كان في السابق، فهو مكلف بتكلفة الاعمار الذي يجري للمكان، فمن اجل الحج يحتاج الانسان العادي الى ما بين ٥٠٠٠ الى ١٠٠٠٠دولار ليحظى بحجة محترمة، اي في فندق وطيارة. والانسان غير المقتدر تكلف حجته اقل بقليل من الـ٥٠٠٠ في أحسن الاحوال، ناهيك عن الحجات المتميزة التي تتعدى تكاليفها العشرة الاف وتلك الملوكية والرئاسية وغيرها التي تقفز تلك الارقام بكثير.

ويترتب على الحج المصاريف التي تأتي بعده من هدايا واستقبالات وولائم وغيرها كل كذلك على حسب مستواه، فاذا ما ذهب مليوني (٢مليون) حاج هذه السنة بمتوسط الـ٥٠٠٠ دولار سيكون مدخول الحج ١٠٠٠٠،٠٠٠،٠٠٠ اي ١٠مليون المليون بأضعف حسبة ممكنة.

نصف هذا المبلغ هو بأقل تقدير من اموال الفقراء الذين يعيشون كل حياتهم من اجل هذه اللحظة، ولن اتكلم عن المنظر الذي آل اليه بيت الله الحرام من تحديث حتى أزعج في وصفه غير المسلمين كذلك، لانعدام روح المكان القدسي منه وتحول المنطقة الى ما يشبه التجمعات التجارية السياحية.

فإذا ما كنا كمسلمين مؤمنين بأن هذا الموسم هو موسم الله، موسم الحجيج لبيت الله حيث يكون الله أقرب وملائكته، فلم يبتعد الله عن بيته في هذه الايام؟ ايعقل انه غضب الله على امة الاسلام الذي وصل كفرها ذروته السبب؟ ايعقل ان يرضى الله بان تحارب اليمن من قبل العرب وقيادة السعودية؟ أيعقل ان يرضى الله بأن يرمى ابناء ملة حبيبه محمد بالبحر كمن يرمي الطعم للسمك بالآلاف؟ ايعقل ان يرضى الله عن امة يهرب شعوبها طلبا للحياة في وقت يدعم قادتها الموت من كافة الاتجاهات؟

في  خضم كل ما يجري من مآسي متلاحقة علينا كأمة تتوجه بكل ما لديها الي الله في هذه الايام من اجل طلب مغفرة وغسل ذنب والسعي الى طلب في دعاء ، نفكر وكأن الله لا يرى الا الشخص الآني منا، وكأن الله لا يهتم لما صرنا اليه كأمة تتقاتل فيما بينها وتتآمر على نفسها ، ولا تتوانى عن الاذى والاذية .


نستعد للوقوف امام الله ولا نخجل الطلب، رفع الايدي للدعوات والاستغاثة، في وقت تعاني الدول من الفقر الذي بات يصل الى المجاعة بين ابنائه. غلاء لا يحتمل، وفرص تنعدم امام الشباب وغيرهم، والشتات الملحق بكل اولئك اللاجئين الفارين نحو حياة مبهمة يحيطها الفقر والعوز...

اليس من الحق والدعوة الحقيقية للإسلام بأن تذهب هذه الاموال لردء شتات الملايين الفارين من سوريا والتي تلاطمهم امواج البحار وجبروت ظلم الانسان في الغربة واللجوء؟ لاعادة اعمار البيوت التي لا يزال اهلها في انتظار اعادة اعمار بطيء في غزة ومستشفيات وكهرباء. لاغاثة المنكوبين في اليمن، للكوليرا التي دبت بالمساكين ؟ لإطعام الفقراء في دول العروبة ؟

كم هو بريء الاسلام من مسلميه فقراء واغنياء، ظالمون ومظلومون، فالكل يمشي على نفس النهج من الجهل، والله بريء من افعالنا ومن هواجسنا ومن نفوسنا المريضة الجاهلة التي عمت بصيرتها فيعميها الله اليوم عن رؤية الحق وعمله.

فبينما نكيل المسبات على الحكام وظلمهم وندعو عليهم ونتمنى الخلاص منهم، نحن الشعوب لا نختلف عنهم، فهل من مسلم مؤمن يفكر ويتفكر للحظة ويهدي تكاليف حجته هذا العام للاجئ معدم؟

هل من مسلم مستعد بأن يقتطع ولو جزء بسيط من مصروفات حجته التي عقد الرحال اليها لمساعدة اللاجئين؟ فلو تم اقتصاص ١٠٠ دينار من كل حاج من اجل اللاجئين لانتهت أزمتهم، فهذه المئة دينار ستكون مئتي مليون دينار، ستكفل حتى بعدم نزوح الشعوب عن اراضيها.

اتساءل عن الدعوات التي سيلقيها خطباء الحج في الايام القادمة في صلواتهم.

هل سينادي الخطيب بتخليص الله لنا من داعش في عقر دارها، ام سيكتفي بالنيل بدعواته من بشار؟ هل ستكون الدعوات شاملة التخلص من الصهيونية والدعوة على اليهود بأنهم ابناء القردة والخنازير، والعلاقات السعودية الاسرائيلية في أحسن احوالها، حتى ان نتانياهو صار المبادر بالاتصال بالمملكة وبالوضع القائم ؟ هل ستكون الدعوات في لم شمل المسلمين ولقد اغلقت العرب ابوابها عنهم ؟ هل ستكون الدعوات على الشيعة لدرء الخطأ في الدعوات ؟ كيف سيرفع المسلمون ايديهم الى الله تذرعا ولقد منعت ايديهم عن تقديم الخير لانفسهم ؟ ام الله بالنسبة لهم مشروع شخصي ، لا يرى ولا يسمع الا ما نخبره به، فالفقير يزحف اليه للغني، والمريض بالشفاء والمخطيء بالعفو وكأن الله حساباته شخصية ستصرف لهم هناك .

بالله يا امة الاسلام ... فلقد اصبحنا بكم شر ام ، تعود بالشر على نفسها وعلى الامم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير