إسرائيل تضيق الخناق على تمويل المنظمات غير الحكومية

18.10.2017 01:33 PM

وطن- ترجمة ناصر العيسة: عن "جيروزالم بوست"

نشرت صحيفة "ذي جيروزالم بوست" مقالا للكاتبة لاهاف هاركوف تناولت فيه موضوع اعتزام الكنيست الإسرائيلي اتخاذ خطوات حاسمة للحد مما أسمته "مشاركة حكومات أجنبية في تمويل منظمات وأنشطة سياسية قد تؤدي إلى إلحاق الأذى بالجنود الإسرائيليين".

وافق الائتلاف الحكومي، بالإجماع، على زيادة إجراءات الحد من تمويل الحكومات الأجنبية للمنظمات السياسية غير الحكومية في إسرائيل. وبالفعل تم الاتفاق، خلال اجتماع لقادة الائتلاف الحكومي ولجنة التشريع البرلمانية، على القيام بهجوم من أجل تجفيف التمويل الأجنبي، يبدأ بالتحقيق في "تورط حكومات أجنبية في تمويل منظمات وأنشطة سياسية قد تؤدي إلى احتمالية إيذاء ضباط وجنود في الجيش الإسرائيلي"، وفقا لما ذكره المتحدث باسم الائتلاف. وقد تلقى هذا التوجه الدعم الكامل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.

وفى حديث له في المؤتمر الصحفي الذي عقد مع ما يسمى "وسائل الإعلام المسيحية" وهي مجموعة قنوات ومنابر اعلامية اميركية مؤيدة لاسرائيل ، في متحف إسرائيل بالقدس، مساء الأحد 15/10/2017، عاد نتنياهو وأكد على قرار الحكومة بالقضاء التام على تمويل المنظمات غير الحكومية التي تعتبر مناهضة للجيش الإسرائيلي. حيث قال: "ليس هناك جيش أكثر أخلاقية من الجيش الإسرائيلي، وهذه حقيقة ماثلة لا شك فيها، ولهذا اتخذنا قرارات هامة أولها تشكيل لجنة برلمانية تحقق في موضوع قيام دول أجنبية بتمويل منظمات تعتبر مناهضة للجيش الإسرائيلي وجنوده وتتصرف ضدهم". وأضاف: "سنقوم بوضع حد لذلك، لأن جنودنا يحافظون على أمننا، ويجب علينا بالتالي أن نحافظ على سلامتهم".

وفي السنوات الأخيرة، طفا على السطح موضوع ممارسة "الحق" ضد الدولة من قبل منظمات غير حكومية. حيث قامت بالإدلاء بشهادات ضد إسرائيل، وتوجيه اتهامات، وتقديم دعاوى والتماسات في الخارج، بما يشمل المنظمات الدولية، بأن الجيش الإسرائيلي يقوم بجرائم حرب.

المنظمتان الأكثر شعبية وتأثيرا اللتين سيستهدفهما القرار بشكل سريع هما: "منظمة كسر الصمت"، التي يقوم نشاطها الرئيس على جمع شهادات من جنود وضباط قدامى في الجيش الإسرائيلي ممن "يدعون" وقوع جرائم حرب، ومنظمة "بتسليم"، وهو اختصار للاسم المطول "مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة".

قام الكنيست، في شهر تموز من عام 2016، بإصدار قانون يطلب من أية منظمة غير ربحية تتلقى أكثر من نصف تمويلها من كيان سياسي أجنبي، الإشارة إلى ذلك في أي منشور أو رسالة توجهها تلك المنظمة إلى أية هيئة منتخبة أو إلى أي من موظفي الخدمة المدنية في إسرائيل. إضافة إلى ذلك، يجبر القانون الجهات المعنية على نشر قائمة بجميع المنظمات غير الحكومية، والبلدان التي تلقت منها تبرعات، وذلك على الموقع الإلكتروني الخاص بسجل المنظمات غير الهادفة للربح. تجدر الإشارة إلى أن الغالبية العظمى من المنظمات التي تقع ضمن اختصاص القانون (أي مكتملة التسجيل لدى وزارة العدل) هي منظمات يسارية.

وخلال الاجتماع المذكور لقادة الائتلاف ولجنة التشريع البرلمانية، اقترح وزير السياحة ياريف ليفين - وهو حلقة التواصل التي تربط الحكومة بالكنيست - سن قانون محكم وخال من الثغرات، ولا يسمح للمنظمات غير الحكومية بالتواري وراء ادعائها الإنساني المعهود (أي بأنها منظمة تنشط في حقوق الانسان). ويهدف تشريع القانون الجديد إلى منع البلدان الأخرى من التدخل في الأنشطة السياسية الإسرائيلية الداخلية من خلال تبرعها الموجه إلى المنظمات غير الحكومية.

اقترح رئيس الائتلاف ديفيد بيتان (من الليكود) أن تقوم لجنة برلمانية بالبحث والتحقيق في المسألة، ووضع الموضوع على جدول الأعمال لإحراج أحزاب الوسط مثل "ييش عتيد"، الذي تحدث زعيمه يائير لابيد بلهجة قوية ضد المنظمات غير الحكومية، واصفا إياها بأنها ضارة جدا للجيش الإسرائيلي وجنوده. كما تلقى الاقتراح تأييدا قويا من زعيم "شاس" أرييه درعي، ومن عضو الكنيست موشيه جافني أحد قادة "يهوديت هتوراة".

من المتوقع طرح الاقتراح للتصويت في الكنيست خلال دورته الشتوية التي تبدأ أواخر شهر تشرين الأول 2017. عضو الكنيست عن "ميرتس" تمار زاندبيرغ دعت إلى توسيع عمل لجنة التحقيق ليشمل النظر في مصادر تمويل المنظمات غير الحكومية اليمينية أيضا، وعدم الاقتصار على المنظمات اليسارية.

وأضافت الكاتبة نقلا عن عضو "ميرتس": "سيكون الجزء الذي سيحقق في تمويل المنظمات غير الحكومية اليسارية بسيطا: نذهب إلى الموقع الإلكتروني لأي من هذه المنظمات، أو إلى موقع تسجيل المنظمات غير الحكومية، ونحمل قائمة الجهات المانحة، وينتهي الأمر. أما الجزء الاخر، أي الذي سيتناول تمويل المنظمات اليمينية، فسيكون أكثر أهمية ومثيرا للاهتمام. ويهمنا أن نعرف، على سبيل المثال، لماذا يتم التكتم على كميات التمويل والمانحين للكثير من منظمات اليمين ومنظمات المستوطنين".

وأضافت نقلا عن زاندبيرغ "يسرنا أن نبحث في عدد المانحين المقربين من نتنياهو، والذين يساهمون في دعم المنظمات اليمينية التي تضطهد المواطنين والمنظمات اليسارية، كما تقوم باختلاق وترويج الأكاذيب حولهم. وسيسعدنا أيضا معرفة مقدار الموارد الحكومية والمال العام الذي يصل إلى أيدي منظمات غير حكومية في الأراضي الفلسطينية والتي تستخدمها في حملات معادية للسامية".

كما أشادت حركة "ام ترتسو" اليمينية بقرار تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية، حيث قال مديرها، ماتان بيليغ: "لقد حذرنا منذ ما يقرب من عقد من الزمن من تدخل الحكومات الأوروبية في السياسات الداخلية في إسرائيل. وقد شاهدنا كيف تبرعت حكومات أوروبية العام الماضي بعشرات الملايين لمنظمات تشتكي وتحاكم جنود الجيش الإسرائيلي من جهة، وتدافع عن القتلة في المحاكم، وتشارك في حملات مقاطعة إسرائيل من جهة أخرى". وأضاف "يتوجب على الدول الأوروبية تلك وقف أنشطتها غير الديموقراطية والتخريبية ضدنا. كما يتوجب عليها أن تفهم أن إسرائيل دولة مستقلة ذات سيادة ولها الحق الكامل في تقرير المصير والدفاع عن النفس".

تصميم وتطوير