نحن في حاجة الى التحليل النفسي لرجال السياسة !!!!

23.11.2017 05:15 PM

كتب: معمر رمضان خلة

لا توجد فروقات كبيرة ما بين التحليل النفسي الطبي والتحليل النفسي السياسي، فبينما يركز علماء الطب النفسي على فهم ذات الانسان العادي، يركز علماء النفس السياسي جل اهتمامهم على رجال السياسة. لكن قد تكون مهمة فهم الذات السياسية أصعب من فهم الانسان العادي، كونها تتعلق بأشخاص من ضمن وظائفهم وواجباتهم الخداع والتمويه، لكن هذا الامر قد لا يستمر طويلا، ولابد ان تظهر شخصياتهم الحقيقية يوما من تحت أي قناع كان.

وتعتبر لغة الجسد هي أصدق لغة في العالم وهي اللغة الوحيدة التي لا تكذب والتي لم يروضها الانسان على الكذب حيث يستطيع بلسانه الكذب على مئات الاشخاص في آلآف المواقف لكن بلغة جسده وطريقه جلوسه فلا ولن يحدث ذلك أبداَ. صحيح إن لغة الجسد تستخدم للكشف عن حالة و مشاعر و إنفعالات الشخص فقط وليس للكشف عن جوانب شخصيته الا انها تعطي فكرة عن حالة و مشاعر و إنفعالات الشخص خلال فترة زمنية خاصة و محددة أو خلال حدث معين اثناء إجتماع او لقاء عمل أو أثناء مقابلة تلفزيونية او حوار صحفي.

فعندما يضع شخص ما قدمه الأولى في عالم السياسة، تبدأ تحولات كبرى تتفاعل داخل نفسيته حيث يكون محاصرا ما بين عبء السلطة وبريقها وما بين مراقبة الشعب لحركاته وسكناته. إنه يعيش وضعا صعبا ومضغوطا، حافلا بالتناقضات، منقسما بين شخصيته الحقيقية بانفعالاتها وبين شخصية السياسي الذي يجب أن يخرج إلى الناس بمظهر الرجل المتوازن القوي.

لذا يجب أن يوجد لدينا أخصائيون نفسيون ومحللون يرصدون نفسية السياسي من خلال مظهره وخطابه ومنشئه، وكل تفاصيل حياته ما ظهر منها وما بطن.

حيث لم يعد التحليل النفسي ترفا فكريا أو مجرد نميمة، بل أضحى واحدا من أكثر الوسائل تداولا لمتابعة أصحاب القرار ومن بيدهم زمام المور.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل يتقبل رجل السياسة عندنا فكرة تعرضه للتحليل النفسي؟ لإنه قد يعتقد يقينا أنه فوق ذلك، وأن إخضاعه للتحليل قد يمس صورته، رغم أن مشهدنا السياسي الفلسطيني يعج بالكثير من الحالات النفسية الجديرة بالوقوف عليها وتحليلها، وربما يقود ذلك إلى التنبؤ بردود أفعالها وقدرتها على الاختلاف والمواجهة مع الآخر. للوصول إلى قراءة حقيقية لنفسية رجل السياسة الذي يتحكم في مصائرنا.

حيث يجمع علماء النفس والمحللون المتخصصون بأن هناك حاجة إلى ثلاث جوانب يجب الإمعان لها عند تناول أي شخصية سياسية للتحليل النفسي . أولا التحليل اللفظي لكل التعبيرات العفوية خصوصا أثناء المقابلات الصحفية، ثانيا تحليل تعبيرات الوجه والإيماءات غير اللفظية، وأخيرا إستطلاعات الرأي وشهادات المقربين والمعارضين. رغم أنه من الصعب الوصول إلى قراءة حقيقية وصادقة للحالة النفسية لرجل السياسة.

الا أن الشعب بعتبر هو أول محلل نفسي يواجهه رجل السياسة. خارج النظريات والمفاهيم النفسية حيث يستطيع شعبنا الفلسطيني أن يستنتج أن هذا المسؤول متقلب والآخر عدواني أو مزاجي أو مهزوز. وأستطاع شعبنا بالفعل بخبراته السابقة أن يعرف من رجل السياسة المثقف الواسع الاطلاع والمتحكم في انفعالاته، ومن السياسي الذي يستعمل أقذع الألفاظ، ويعتمد على العنف كوسيلة للتعبير عن رأيه ومن الذي يكره أن يخالفه أحد فيه.

إن التحليل النفسي لرجال السياسة هو فرصة لنعرف المضمر والمخفي في أذهانهم ونفسياتهم، وشرفة منها نطل على دواخل من يحكمنا، حيث أن هناك الكثير من الناس يتأثرون بهذه المظاهر الخادعة حيث يتصورون أن الذين يحكموننا أشخاص فوق العادة.

ومجتمعنا الفلسطيني ايضا قد يصبح مريضا من شدة الانغلاق مثله في ذلك مثل رجل السياسة. وعندئذ لا بد من تحليل المجتمع الفلسطيني ايضا نفسانيا:

اي لا بد من تشخيص المشاكل الكبرى التي تنخر في اعماقه والتي تهدده بالانفجارات والحروب والانقسامات . ولكن المشكلة هي ان اي تشخيص دقيق لمشاكل مجتمعنا يصطدم بالثالوث المحرم: الجنس والدين والسياسة. فمن يتجرأ على الخوض في مشاكل الجنس في المجتمع الفلسطيني؟ من يتجرأ على طرح المسألة الدينية بشكل علمي موضوعي؟ من يتجرأ على نقد السياسة والزعماء السياسيين؟ هكذا نلاحظ اننا نصطدم فورا بالعقبات الكبرى التي تحول دون تشخيص مشاكل مجتمعنا الفلسطيني. لا يوجد اي حزب سياسي لا في السلطة ولا في المعارضة قادر على تسمية الاشياء باسمائها وتشخيص الامراض الكبرى التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير