إسرائيل تسعى لاستثناء الجولان من اتفاقات دولية حول سوريا ما بعد الحرب

06.12.2017 01:05 PM

وطن - ترجمة خاصة: نشر موقع "واي نت" بالإنجليزية مقالا للكاتب شمعون شيفر، تناول فيه موضوع المحادثات بخصوص "سوريا ما بعد الحرب". وتطرق بالتفصيل إلى وضع مرتفعات الجولان السوري المحتل، وإلى أهميتها الاستراتيجية بالنسبة إلى دولة الاحتلال، وسعيها إلى إبقائها تحت السيطرة الإسرائيلية من خلال إخراجها من المحادثات السورية ضمن اية اتفاقيات لإنهاء الحرب السورية. غير انه خلص في النهاية الى انه لا يجب الركون الى الاتفاقيات مهما كانت، وانه لا شيء يحميك مثل قوتك:

سيجد المسؤولون الإسرائيليون، الذين لم ينفكوا يطالبون بالاعتراف الدولي لضم هضبة الجولان، أن القوى المسؤولة عن إعادة تقسيم سوريا ستقوم، بالضغط على إسرائيل من أجل التوصل إلى اتفاق يتضمن انسحابا إسرائيليا إلى حدود العام 1967.

وجاء على لسان الميجر جنرال عمرام ليفين، قبل عدة أيام، أنه يتوجب على إسرائيل أن تتوجه بمطالبة واضحة إلى قادة روسيا وإيران وتركيا، كي تعترف هذه الدول بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، في إطار أي تفاهم قد يتضمن إعادة رسم الحدود السورية ضمن الاتفاق النهائي لإنهاء الحرب الأهلية في البلاد التي مزقتها الحرب.

وأعرب ليفين عن خيبة أمله إزاء فشل إسرائيل في المشاركة في الحرب في سوريا، وهذا الفشل هو السبب في عدم تمكن إسرائيل من أخذ نصيبها، وجني بعضا من مغانم الحرب التي يناقش فلاديمير بوتين وحسن روحاني ورجب طيب أردوغان كيف سيقتسمونها، وكيف سينهب كل منهم نصيبه منها، وفق الكاتب.

وفي هذا السياق، يحاكي ليفين، أفكارا مشابهة تم تداولها في قبل خبراء أمن سابقين، ومسؤولين حاليين في أجهزة الاستخبارات، التي لا تتجاوز كونها أفكارا حالمة أو واهمة. والأسوأ من ذلك، أن هكذا أفكار تشير إلى أن أصحاب هذه الأفكار لم يتعلموا شيئا من الماضي، ولم يستخلصوا العبر والاستنتاجات من الكوارث التي نجمت عن سنوات من الغرق في الطين اللبناني منذ عام 1982، بما فيها التحالفات المجنونة مع الكتائب المسيحية في لبنان.

لقد أدرك صناع القرار في إسرائيل، انه كان يتوجب عليهم توخي كل الحذر والانتباه طيلة سنوات الحرب الأهلية السورية. فقد رفضوا طلبات متكررة من المتمردين من أجل تزويدهم بالأسلحة. كما رفضوا تقديم أية استشارات أو توجيهات عسكرية، حيث اقتصر دعم إسرائيل لهم على تقديم العلاج الطبي للآلاف من جرحى الحرب، وفق الكاتب. وفي ذات الوقت، رُسم لهؤلاء المتمردين منذ البداية سلسلة من الخطوط الحمراء التي لا يمكنهم تجاوزها، بهدف ضمان مصالح إسرائيل الأمنية.

والآن، وفي هذا الوقت الحساس، يشير الخبراء في جانبنا، وبتذمر واضح، إلى الغياب الأمريكي عن الطاولة النشطة التي يتم فيها رسم خريطة المصالح في المنطقة. فضلا عن ذلك، يقول الخبراء أن بوتين أصبح بمثابة "مَلّاك الأراضي" في الشرق الأوسط، في حين أن مَلّاكَنا، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليس جزءا من اللعبة، وفق الكاتب. إلا أنه يبدو أن الروس قد نسوا أنه بعد سنوات من الغرق في الطين الأفغاني، اضطروا إلى الهروب من تلك البلاد و"ذيلهم بين ساقيهم"، وفق تعبير الكاتب. وبالتالي، فمن السابق لأوانه أن نحكم فيما إذا بقي بوتين في موقف الكاسب الذي لا يمكن زعزعته في لعبته مع الأتراك والإيرانيين.

لا يمكن لأحد أن يضمن صمود الاتفاقيات المتعلقة بسوريا. فعناصر الانفجار ما تزال ماثلة على الأرض، من بينها: الإسلام المتشدد، والأكراد، والكراهية المستعصية بين العلويين والأغلبية السنية في سوريا. ويحق للقارئ أن يسأل ويسخر عما كان يحدث في "الاجتماعات التنسيقية" التي لم تأتي بنهاية مثمرة، بينما كان نتنياهو يفتخر بها في كل مرة هرع بها إلى سوتشي أو موسكو للاجتماع مع بوتين. ألم يكن هناك الكثير من "التنسيق"، بينما نرى الان الإيرانيين وجواسيسهم على مقربة من حدود مرتفعات الجولان؟ يتساءل الكاتب.

ويضيف الكاتب، من الواضح أن حدودنا الشمالية تزدحم بالأحداث والترقب. وبغض النظر عن التهديدات التي يطلقها نتانياهو ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، من المرجح أن يحد الروس من فعل الإيرانيين، وأن لا يمنحوهم حرية للعمل ضد أية أهداف في إسرائيل. ولكن لا يوجد بالفعل تنسيق قائم حاليا يمكن أن يمنع وقوع أية حوادث في المستقبل، ويمكن للوضع بالتالي أن يتدهور بسرعة، وأن يؤدي إلى انفجار مفاجئ.

ويتوجب على أولئك الذين ينتقدون الأمريكيين، ويتهمونهم بالتقهقر عن الساحة، وترك المسرح لبوتين، أن يأخذوا العبر من حرب فيتنام. فجروح الولايات المتحدة لم تلتئم بعد رغم مرور سنوات على تلك الحرب التي خسرت فيها الولايات المتحدة (58) ألف جندي، متسببة أيضا في انشقاقات عميقة في المجتمع الأمريكي. كما نتج عن ذلك إضرارا كبيرا بالقيم الأساسية لأمريكا، وفق الكاتب. هذا فضلا عن الانشقاق الداخلي في الرأي العام الأمريكي الذي نتج عن الحرب على العراق عام 2003. وفي ضوء ما سبق، يمكن لنا أن نفهم إحجام إدارات أوباما وترامب عن الانخراط المباشر في اضطرابات المنطقة.

ورغم ما سبق، يجب ألا نتناسى أن الولايات المتحدة ما تزال القوة الأعظم والأهم في العالم، حتى لو لم يكن ممثلوها جالسين على طاولة النقاشات-لمعرفة ماذا سيكون مصير جبهة النصرة والمنظمات الأخرى، أو ماذا سيكون مصير الرئيس السوري بشار الأسد-فإن اسم الولايات المتحدة موجود أمام ناظري كل شخص يفكر في استهداف إسرائيل. ولا شك بأن الولايات المتحدة ستقف إلى جانبنا في الأوقات الحرجة، كما فعلت في الماضي، وفق الكاتب.

ومرة أخرى، سيجد المسؤولون الإسرائيليون، الذين لم ينفكوا يطالبون بالاعتراف الدولي لضم هضبة الجولان، أن القوى المسؤولة عن إعادة تقسيم سوريا ستقوم بالضغط عليهم للتوصل إلى اتفاق يتضمن انسحاب إسرائيل إلى حدود العام 1967.

ويتساءل الكاتب في ختام مقالته: هل ما يزال الإسرائيليون راغبون بالسكن في بيوت الضيافة في مرتفعات الجولان؟ وهل يرغبون في التمتع بالمناظر الجميلة من أعلى الهضبة؟ الجواب نعم.

ويجيب، علينا إذا السكوت عن هذا النقاش، والدفاع عن مواطني إسرائيل من عشرات الاف الصواريخ التي يخزنها حزب الله من أجل قصفها على إسرائيل. وعلينا عدم الركون إلى الاتفاقيات مهما كانت، لأن لا شيء يحميك مثل قوتك. لأن الاتفاقيات قد تتضمن بندا يحد من الصواريخ، وبندا اخر قد يطلق الصاروخ عليك، من خلال تفسير فضفاض لبند اخر في ذات الاتفاقية.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع "واي نت" بالإنجليزية

تصميم وتطوير