نادية حرحش تكتب لـوطن: الى ابناء القدس .. احذروا ليس كل جسد عارٍ فرصة لمتعة...انه نسق عمليات اسقاط ممنهجة

22.12.2017 03:12 PM

 

دخلت ابنتي الى المنزل فزعة قبل ساعة واخذتني الى الشباك . انظري! قالت برعب.

امامي محطة الباصات وعلى المقعد فتاتين. احداهما تلبس بنطالا قصيرا جدا ، فارهة الطول ممتلئة ، يعلو البنطال قطعة شبه البلوزة حمراء اللون. للحظة نسيت اننا في فصل الشتاء ونكاد نموت من البرد . كنت قد شاهدت هاتين الفتاتين بالامس ينزلن من سيارة عند الاشارة الضوئية، والتهت نفسي بالسؤال اذا ما كان مس قد اصابني ولم اعد اميز الفصول ولا الاماكن . فكرت للحظات ان احداهن قد تكون من عائدات امريكا في فصل الصيف . طردت الفكرة من رأسي في محاولتي للابقاء على مبدأ حرية التعبير ، وبالتالي اللباس. لا بد انها مراهقة متمردة قلت في نفسي.

كانت الفتاة نفسها بلا شك . لا يمكن عدم ملاحظتها ، ولا يمكن تقبل فكرة ان هناك مجالا لحرية اللباس في شارع عام من ابناء الحي او المدينة نفسها . فلم استغرب عندما قالت لي ابنتي انهما يهوديتان .

كانت ابنتي قد رأتهما بالامس كذلك امام محل البقالة وارادتا شراء الدخان وكانتا تتكلمان بالعبرية.

بعد عدة دقائق توقفت سيارة ونزل منها شابان . جلسا الى جانبهما ، وقامت الفتاة بالوقوف والحراك ثم بادرت بالكلام . بعد دقائق قليلة اخذت رقم احدهما ثم مشيتا نحو شعفاط.

نزلت الى الشارع وناديت الشابين . لا اظن ان عمرهما يتجاوز العشرين . احدهما يحمل مسبحة . اظن انني باغتهما بسؤالي ، واعترف احدهما انه اعطاها رقمه ، قلت من هما ؟ قالا معا : " انهن ***** يردن ان ****** . شعرت بالحرج للحظة ولكني لم اكن لاترك فظاظة الكلمات ان تسيطر على الموقف ، وبعد ان فهمت منهما الوضع ، ذهبت الى الدكان المقابل لاتبين الامر . فقال لي صاحب المحل انهما قاصرتين ويتصيدن الشبان وابناء المدارس ، ويكزدرن بالشارع منذ ثلاثة ايام .

اتصلت على الشرطة من فوري ولم يتفاجأ الشرطي من كلامي وقال : سنبعث دورية لاخذهما الان . انهما فتاتان مختلتان . نعرف عنهما. فقلت : الا تخافون عليهن؟ يتجولن في منطقة عربية ؟ فقال : لن يتعلمن الا عندما يؤذين . سأبعث بدورية الان .

بين احتمال انهما فتاتان سلطتهما الحكومة على المنطقة كما قال اصحاب المحلات وكما حللت ابنتي ، وبين احتمال ان يكون الشرطي على الهاتف محقا ، فتاتان من الاحداث على الارجح لا يمكن لجمهما يخرجن لتصيد الشبان. فان الحقيقة نفسها : ان ما يجري هو بعلم الحكومة او السلطات الاسرائيلية ، والهدف المرجو من تجوالهن اسقاط الشباب ، واذا ما حدث مكروه لهما فهذا افضل ! فالوضع يحتاج تفجير يؤجج من مشاعر الشارع الاسرائيلي : اختفاء فتاتين او العثور عليهم قتيلتين او اغتصابهن  في حي عربي .

لم تعد تبدو هذه القصص بالغريبة ، ولم يعد تحليل كهذا  يحث على نظرية المؤامرة او مجرد خيال بعيد عن الواقع . فلم ننس بعد قصة الشبان الاسرائيليين الثلاثة الذين اختطفوا على طريق الخليل . اولئك كذلك "كانوا معروفين لدى الشرطة ! ".

قبل ثلاثة ايام واثناء وقوفي عند درجات باب العامود ، لاحظت وجود مدمني المخدرات يظهرون في الساحة ويتجولن بين الدرجات وكأنهم اطلقوا من قفص. وفي خضم هذا الظهور سمعت صراخ فتاة من خلفي ، تبين فيما بعد انها وعلى حسب قول الشبان المتواجدين كانت سكرانة .لوهلة صدمت من الفكرة ، وظننت انهم يتجنون عليها. ولكن كم تبد الامور مصادفة بعد تجوال هاتين الفتاتين المباغت فيما بين بيت حنينا وشعفاط بالايام الاخيرة ؟

ما يجري ربما يكون دائم الحصول . قدت تكون هذه صفة من صفات الاحتلال ، وقد يكون هذا الاسلوب اسلوبا متعارفا عليه على مدار التاريخ . ولكن ان تطفو هكذا امور للعيان هكذا ، يقول انه وبلا شك ، ان الاحتلال باضطراب ، او ربما في عجلة من امره ، ولقد حان وقت تغيير ما على الارض باي وكل الطرق الممكنة .

ما يجري في القدس منذ احداث الاقصى الاخيرة ، او بالاحرى منذ انتخاب ترامب والحديث عن "صفقة القرن" وهناك محاولات غير متوقفة على فرض تغيير في السيادة على القدس يطال المكان والبشر بأي شكل ممكن . في نفس الاشارة التي نزلت عندها الفتاتين ، عارضات اجسادهن العارية للسوق الفلسطيني في احياء القدس ، هناك لافتة من البلدية مهداة الى معلمات المدارس من طلاب "اورشليم القدس" على حسب اللافتة .

هذا الغزو الحاصل من كل الاتجاهات ليس مصادفة، فهو غزو ثقافي بجدارة ، يراد منه السيطرة المطلقة على ما تبقى منا . جيل الشباب ، ذاك الجيل الذي بالرغم من صهينة التعليم لا يزال يخرج الى الشوارع عند ازمات المدينة الحقيقية . هناك جيل تم تدجينه من خلال العمل بالسوق الاسرائيلي ، ومع هذا انتفض عند الضرورة ، فالمحاولة الان هي الوصول الى الجيل الاصغر قبل ان يفكر اصلا من الانتهاء من المدرسة او الدخول الى سوق العمل او التعليم . اسقاطات عن طريق المخدرات والدعارة .الطريقة المثلى لاسقاط الشعوب .

فالى كل الاهل والشبان ، احذروا.. فليس كل جسد عارٍ معروضٍ للمتعة !

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير