حتى لا تكون الجلسة الاخيرة

15.01.2018 11:36 AM

كتب: حمدي فراج

 لم تشكل مقاطعة حركتي حماس والجهاد جلسة المجلس المركزي الفلسطيني الاخير موضوعا ذا أهمية قصوى ، ولا كان حضورهما سيشكل فرقا جوهريا في المعطيات والنتائج ، على اعتبار انهما غير ممثلتان في تشكيلته وبقية التشكيلات المتفرعة عنه ، لكن المقاطعة بحد ذاتها هي رسالة قوية لهذا المجلس ولوالده الهرم "المجلس الوطني" الذي كان آخر انعقاد له قبل اثنتين وعشرين سنة لكي يلغي بنود الكفاح المسلح من ميثاقه ، وللابنة المتحررة من التحرير الا بالوسائل السلمية "منظمة التحرير" وابنتها "السلطة" التي هي بدون سلطة لكنها تتسلط على امها المنظمة وفق الشاعر : اسد علي وفي الحروب نعامة .

هذه المقاطعة يفترض ان تشكل رسالة استشعار بالخطر لكل ذي بصر وبصيرة في هذا المجلس من ان لا تكون جلسته الاخيرة هي الاخيرة ، التي تأتي في ظل ظروف أخطر بكثير مما كانت عليه الحال وقت انعقاده قبل ثلاث سنوات حين اتخذ قرارا وصف بالملزم ان يتوقف التنسيق الامني مع اسرائيل ، ولم تكف ثلاث سنوات عجاف وعجاب لوقفه ، شهدنا خلالها انتفاضة السكاكين التي قضى على مذبحها نحو اربعماية شهيد وانتفاضة الاسرى التي خاض فيها نحو ألف وخمسمائة اسير من خيرة ابنائنا وقيادات شعبنا اضرابا عن الطعام لمدة اربعين يوما ، وانتفاضة الاقصى التي سدت اسرائيل ابوابه امام المؤمنين المسلمين والمسيحيين وبقية المقهورين فاضطروا للصلاة على الاسفلت خمسة عشر يوما .

لم تكن دعوة القنصل الامريكي قد مهرت كي تشكل ذريعة اخرى "تتحجج" بها حماس او الجهاد ، ما دفع الشعبية للتحذير من المقاطعة اذا ما قام بتلبيتها ، لكن حركة فتح ومن خلال امناء سرها الاربعة عشر في الضفة والقدس ، كان لهم موقفا مبدئيا بأن توقفوا عند الدعوة بحد ذاتها وأوقفوا انفسهم من حضور الجلسة الافتتاحية  ، معتبرين ذلك بمثابة رسالة الى القنصل ، وهي غير متناقضة مع ما انفك الرئيس يردده ازاء امريكا ورئيسها من انه نأى بها عن ان تكون وسيطا نزيها في عملية السلام ، لكن عضو المجلس الثوري حاتم عبد القادر رأي ان دعوة القنصل "إهانة للشعب ،  و تمثل انهيارا خطيرا في الموقف السياسي الفلسطيني، ومؤشرا خطيرا وتراجعا اخطر عن الثوابت الفلسطينية و تضع علامة استفهام كبيرة على جدوى عقد المجلس المركزي والقرارات التي سوف تصدر عنه" .

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة ، ماذا سيتبقى للمجلس المركزي بدون كل هذه المكونات والمقومات الاساسية في ظل تعثر مشروع المصالحة الوطنية بعد مضي اربعة اشهر على تخلي حماس عن لجنتها الادارية واستمرار فرض العقوبات على غزة منذ تسعة أشهر وتسريبات عن "ابو ديس العاصمة" و تهديدات عربية رسمية يتم نفيها في الاعلام الرسمي مرة ، والثناء  لزعمائها في مسجد التشريفات مشوبة بآيات من الدعاء ان يبقيهم الله ذخرا لنا ، مرة أخرى .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير