حول المصالح السياسيه والاقتصاديه وآثارها البيئية في العالم

23.01.2018 10:03 AM

كتب: عقل أبو قرع

لا يمكن انكارالتداخل والترابط بين مراكز القوى السياسيه والاقتصاديه العالميه وبين القرارات أو تطبيق القرارات المتعلقه بالحفاظ على البيئه، وما القرار الذي اتخذه الرئيس الامريكي الحالي "دونالد ترامب" بوقف الالتزام أو بوقف التطبيق العملي لخفض انبعاث الغازات الى الجو الا مثالا على ذلك، وهناك وفي مناطق اخرى من العالم التي تشهد الثوره الاقتصاديه والعلميه والتقدم السريع والنمو القياسي، مثل دول الصين والهند والبرازيل والارجنتين وجنوب أفريقيا وتركيا وغيرهما، نرى وبوضوح الاثار المدمره والتداعيات بعيدة المدى للعنفوان الصناعي والتكنولوجي على البيئه وعلى البشر الذين يقطنون النظام البيئي وعلى الاجيال القادمه التي سوف تعيش في وعلى هذا النظام. 

ومن يشاهد عدد وشدة الاعاصير والكوارث الطبيعيه التي باتت تتكرر كل عام أو موسم، ومن يقرأ عن مليارات الدولارات التي يتم انفاقها للحد ولو بشكل ضيئل من التلوث البيئي في مدن الصين والهند والبرازيل والارجنتين ومصر والولايات المتحده واوروبا وغيرهما، من الممكن ان يلاحظ حجم التحديات البيئيه التي تواجه العالم، والتي تهدد مناطق كامله بالانقراض أو بالدمار وتهدد مناطق زراعيه هائله بالتصحر، وتهدد مدن بالغرق نتيجة ذوبان الجليد وارتفاع مستوى المحيط، ونحن لسنا بالبعيدين عن ذلك، وبالاخص في قطاع غزه، حيث تشير التقارير الى أنه لن يكون صالح للحياه البشريه خلال سنوات قليله قادمه. 

وتتنامى هذه التحديات البيئيه، في ظل التخبط حول تطبيق اتفاقية المناخ العالميه، وانسحاب أكبر اقتصاد في العالم من اتفاقيه تهدف للحد من بث الغازات الى الجو وبالتالي التقليل من التلوث البيئي وأثاره المدمره،  ونحن نعرف أن الهدف الاساسي من اتفاقية المناخ العالميه هو وضع خطة او الاتفاق على الية عملية، مع برنامج زمني محدد، للحد من انبعاث الغازات والملوثات الى الجو، وبالتالي الحد من التغييرات المناخية والبيئية العنيفة، التي تجتاح العالم، وتهدد الغذاء والتربة ومصادر المياه، وحتى تعتبر من اكثر المخاطر على الاقتصاد العالمي، وعلى الصحة العالمية، وعلى الامن الغذائي، وحتى على الاستقرار السياسي والاجتماعي لدول ومناطق مختلفة في العالم.

حيث حسب احد التقارير الدولية، سوف يخسر العالم التربه الصالحه للزراعه، المتوفرة حاليا، خلال الـ 60 عاما القادمة، اذا استمر الوضع الحالي على ما هو عليه، والذي يؤدي الى تداعي خصوبه التربه وبالتالي عدم امكانية زراعتها، والسبب الاساسي لذلك هو التغيرات المناخية التي يحدثها البشر، وبالاخص الدول الصناعيىة الكبرى والتي تتحكم في الاقتصاد العالمي، من خلال زيادة بث الغازات والملوثات الى طبقات الجو، وما ينتج عن ذلك من ارتفاع درجة حرارة الارض والتربة، ومن زيادة التصحر، اي عدم القدرة على زراعة التربة، ومن ذوبان للجليد، وبالتالي حدوث الفياضانات، واغراق مساحات من الارض،  وكذلك بسبب الاستخدام المكثف للمبيدات الكيميائية وتراكمها في التربه، وكل ذلك سيكون له تداعيات كبيرة على الاجيال القادمة وامكانية توفير الحياه لهم.  

وحين الحديث عن الحد من الغازات التي تلوث الجو والبيئة، فهذا يعني الحديث عن الحد من النشاطات الاقتصادية، او الى التوجه نحو الاستثمار اكثر في نشاطات اقتصادية صديقة للبيئة، او نشاطات صناعية نظيفة وخضراء، وهذا يعني أو يؤثر على المال والاستثمار والعمل والتشغيل، وهذا يعني بالضبط السياسة وتداخل المال مع السياسة، او تداخل وتأثير رجال المال والاقتصاد على السياسيين، وهذا يعني محاولة تفسير قرار الرئيس الامريكي المنتخب حديثا بالانسحاب من اتفاقية المناخ التي وافق عليها الرئيس الاسبق، حيث يلعب المال الدور الرئيسي في ايصال او بقاء السياسيين في الحكم وصنع القرار.

ومع التوقع بان يزداد الاستهلاك لمصادر الطاقه غير النظيفه، وبالتالي بث المزيد من غازات الاحتراق الى الجو، وتلويث البيئة واحداث تغيرات مناخية، يعود الجدل والنقاش والاخذ والرد، حول فعالية ما يعرف بـ " ضريبة الكربون"، كأداة تهدف الى الحد من استهلاك مصادر الطاقة التقليدية، ومن ثم تقليل انبعاثات الغازات الى الجو، وبالتالي الحد من احداث تغيرات مناخية وبيئية في العالم، من مظاهرها، ارتفاع حرارة الارض والتصحر وذوبان الجليد، والفيضانات والاعاصير وما الى ذلك، وهذا يعني بأن يتم فرض ضريبة، او رسوم، او رفع الاسعار، بشكل مباشر او غير مباشر، على مصادر الطاقة التقليدية، من نفط وفحم وبنزين وديزل وغيرهما، والتي تحوي كربون، والذي عند الاحتراق او الاستعمال يتحول الى " ثاني اكسيد الكربون"، الذي يتصاعد الى الجو، ويعتبر من اكبر الملوثات وبالتالي من اكثر العوامل التي تؤدي الى الاحتباس الحراري، ومن ثم الى التغيرات المناخية والبيئية.

وفي بلادنا، ورغم اننا لسنا بالبلد الصناعي او الزراعي ذو التأثير الملموس على البيئة والمناخ في العالم، الا اننا قد نتأثر بما يقوم به الآخرون في العالم، وبسبب البقعة الجغرافيه الضيقه عندنا، والمصادر الطبيعية المحدودة، والزيادة المرتفعة نسبيا في إعداد السكان، فقد يكون هذا التأثير علينا  كبيرا وملموسا، ان لم يكن الان فسوف يكون بعد فترة، وبالتالي فإن ما يتم في العالم من نقاش او جدل حول اساليب الحد من التغيرات المناخية،  قد يكون له انعكاس علينا، ولو بشكل غير مباشر، سواء في المدى القصير او البعيد. 

وفي ظل قتامه تداخل السياسه ومراكز القوى على حساب البيئه ولصالح اصحاب الاقتصاد والمصالح ، فأن الاشاره الى تقرير دولي اخر نشر حديثا تعتبر تحذيرا قويا، حيث يشير التقرير الى ان تلوث الهواء فقط، يؤدي الى وفاة حوالي أربعة الاف شخص يوميا في الصين، وكل ذلك بسبب انبعاث الغازات الى الجو، الذي احدثته النشاطات الاقتصادية المكثفة خلال السنوات الماضية،  وما لذلك من تداعيات صحية ومناخية، والحد من التغير المناخي في العالم، يعني الحد من التلوث البيئي، الذي يعتبر السبب الاساسي الذي ادى ويؤدي الى حصول التغيرات المناخية واثارها، والتلوث البيئي يعني بث الملوثات الكثيرة، وبالاخص الى الهواء، من المصانع ومن المعامل ومن محطات الطاقة التقليدية وتكرير النفط وغير ذلك.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير