الاحتلال يعتزم طرد 10 الاف من اهالي النقب بحجة استخراج الفوسفات

06.02.2018 02:04 PM

ترجمة خاصة-وطن: تعتزم دولة الاحتلال تنفيذ واحدة من أكبر عمليات الطرد والترحيل القسري في تاريخها (إعادة توطين المواطنين وفق ادعاء الكاتب)، متجاوزة بذلك الانسحاب من قطاع غزة في العام 2005، عندما قامت بإخلاء (8) الاف مستوطن من مستوطنات القطاع.

ووفقا لمسؤول ملف البدو في حكومة الاحتلال، فانه سيتم نقل (10) الاف مواطن بدوي يعيشون على الأرض التي تقول إسرائيل انها ستحولها الى منجم للفوسفات في منطقة النقب. وتأتي موافقة حكومة الاحتلال على الرغم من اعتراضات وزارة الصحة الإسرائيلية، التي تقول ان التنقيب في ذلك الموقع سيشكل "خطرا صحيا" على المجتمعات المجاورة.

وفي التفاصيل الجغرافية، سيؤدي قرار حكومة الاحتلال الى تشتيت كل هذا العدد من البدو الى عدة أماكن. حيث سيتم نقل عدد قليل منهم إلى منازل سيتم بناؤها على (10%) فقط من المساحة التي يعيشون عليها حاليا، بينما سيتم نقل عدد اخر الى (2-3) مواقع أخرى.

ووفقا للمسؤول، فقد اجتمعت السلطات مع العائلات لإقناعها بإخلاء المنطقة، غير انه لا يستطيع التأكيد بشكل كامل بان الجميع موافقون على النقل. وأضاف مدعيا انهم أينما كانوا يعيشون في الوقت الحالي، فهم غير معترف بهم، وعليهم الانتقال إلى "مكان قانوني"، وفق تعبيره.

ووفقا لتقارير لجمعيتي "بمكوم" و "عدالة"، اللتين تعملان في المناصرة القانونية للأقلية العربية، فان العمل في ذلك المنجم سيتسبب بمضار صحية كبيرة، لمنطقة يصل محيطها الى ثلاثة كيلومترات على الأقل. بمعنى انه وبالإضافة الى الطرد القسري لعشرات الالاف من الناس من أماكن سكنهم، سيتسبب المنجم بأضرار صحية للمنطقة التي يقع فيها، وفي محيطها ايضا. ومن المنتظر ان تستوفي خطة الاخلاء النقاش اليوم، الثلاثاء 6/2/2018، في لجنة الاقتصاد في كنيست الاحتلال. علما ان الخطة لا تتضمن المنجم فحسب، بل تسعى للاستيلاء على (13) ألف دونم تحيط بتلك المنطقة.

وفي تعقيب للسكان على مصيرهم المنتظر، قال محمد أبو جودة، البالغ من العمر (70) عاما: "كلنا خائفون، والكل يسأل عما سيحدث، وماذا سنفعل حيال ذلك". وأضاف، "لم يطلبوا رأي السكان، ولا يأخذونا في الحسبان ابدا. هذا موضوع كبير، ولا يمكنك ان تقرر تحويل المنطقة الى منجم دون التحدث إلى الناس. الا انهم سيضعوننا امام الامر الواقع، وهو انهاء منطقة بدوية بأكملها. كما اننا قلقون جدا إزاء المشكلات الصحية، والوفيات المحتملة التي ستنتج عن المنجم".

وبينما يؤكد "أبو جودة" انه، وغيره من السكان البدو، وعائلاتهم، يعيشون على أراضيهم تلك منذ الحكم التركي، فإن إسرائيل لا تعترف بملكيتهم لها. بل أكثر من ذلك، فان السياسة الإسرائيلية حيال كل التجمعات البدوية هي استخدام تكتيكات متنوعة لإجبار السكان على الرحيل او طردهم قسرا. مثل التهديد المستمر، واشعارهم بعدم الاستقرار الدائم، وهدم المنازل وغير ذلك.

ويضيف أبو جودة، "انه ومنذ العام 2009، أعلنت حكومة الاحتلال انها ستقوم بتأسيس تجمع بديل للبدو، وأنها لن تحدد مكانه النهائي الا بعد ان تقرر الحدود النهائية لمنجم الفوسفات، مما يعني انهم تركوا لأنفسهم إمكانية التوسع، والتهام المساحات التي يريدون، وان المنجم يعتبر بالنسبة للحكومة أكثر أهمية من السكان".

وفي سياق التأثيرات الصحية، كشفت دراسة أجريت في العام 2014، من قبل الطبيب الأمريكي المستقل، جوناثان سامت، وهو طبيب مختص في علم الأوبئة في جامعة جنوب كاليفورنيا، "أن تعدين الفوسفات يزيد من مستوى الجسيمات في الهواء القريب من مستوى التنفس، ويتسبب بالتالي في ارتفاع معدلات امراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب".
اما "شركة إسرائيل للكيماويات"، التي ستنفذ عمليات التنقيب، فلا تعترف ان هناك مشاكل صحية ستنتج عن العمل في المنجم.

وتضيف انه قد تم اجراء دراسة في الماضي لم يتم بموجبها الوصول الى نتائج تؤكد إمكانية حدوث مخاطر. وأضافت ان العمل في المنجم سيلتزم بالمعايير الصارمة "لقانون الهواء النظيف"، وانه سيجري تحت اشراف السلطات المعنية. وان المنجم سيقوم بالتنقيب عن الفوسفات المستخدمة في الأسمدة الكيماوية، ومنظفات الغسيل، والمبيدات، والأدوية. وأضافت ان ذلك الحقل يعتبر الاحتياطي الفوسفاتي الوحيد في إسرائيل. وأضافت انه ان المنجم سيدعم نحو (6) الاف أسرة.

ويضيف أبو جودة "يقولون انهم سينقلوننا الى مكان امن، لكن هذا غير صحيح. ولن يسال عنا أحد عندما نصاب بالمرض". ويضيف، نحن لسنا "خنازير من غينيا"، وحياتنا على المحك، ويجب عليهم الاستماع لنا".  وأضاف، "يجب أن يتركونا كي نعيش في سلام على أرضنا كغيرنا من الناس". وحذر أبو جودة "من ان مثل هذه الحركة قد تتسبب بحرب داخلية لأننا لن نسكت". وخصوصا ان "وزارة الصحة اجرت فحوصا كثيرة، ووجدت ان المنجم خطير، ولكن الحكومة لا تريد الاستماع لنا".

اما عمر كشارة، البالغ من العمر (23) عاما فيقول: " لن نوافق على الانتقال من هنا، حتى ولو مسافة كيلومتر واحد. جدي الذي يبلغ من العمر (90) عاما عاش منذ كان طفلا، أي قبل قيام دولة الاحتلال. هذه أرضنا، نحن مرتبطون بها ولن نغادرها، حتى لو هدموا منازلنا، سنبنيها مرة أخرى".

اما برهان محمد، (60) عاما، فتساءل: "هناك أماكن أخرى للتنقيب عن الفوسفات، لماذا ينقبون بيننا نحن؟"

وفي ذات السياق، قال دوف خينين، عضو الكنيست عن القائمة المشتركة: "ان الحكومة تتصرف كأنها ذراع للمصالح التجارية "لشركة إسرائيل للكيماويات" المتنفذة، بدلا من رعاية مصالح مواطنيها. يبدو انه ليس هناك قيمة للحياة، عندما يتعلق الامر بجني الأموال وبتحقيق الارباح".

لقد وافقوا على الخطة، فهم لا يرون أن هناك قرى ومواطنين في المنطقة. ولا يرونها الا مساحات فارغة ومفتوحة امامهم، ولا يهتمون للبشر، ولا سيما المواطنين العرب البدو".

 

ترجمة: ناصر العيسة، عن: ذي جيروزالم بوست

تصميم وتطوير