نادية حرحرش تكتب لـ"وطن": عهد التميمي والابتزاز الاعلامي

15.02.2018 11:53 AM

كيف يمكن تحول النضال الشخصي او العام الى حالة من الابتذال المجتمعي والسياسي ؟ سؤال يتلخص من خلاله حالة او قضية عهد التميمي . تلك الفتاة الصارخة الشقراء ابنة نضال النبي صالح منذ كان شعرها الاشقر الخيلي يعكس براءة الطفولة وانتهاك الاحتلال للحريات في ابسط مضامينها. عهد فتاة كالكثيرات من الفتيات تحت الاعتقال، ما الفرق بينها وبين غيرها ؟ انها كانت منذ صغرها معرضة لآلة الاعلام وخروج شكلها من التقليد المعروف عن الفلسطينيين او العرب ؟.

ان تحويل قضيتها الى قضية رأي عام محلية ودولية هو امر بلا شك مهم. ولكن تحويل القضية الى مجرد "هليلة" اعلامية وتحويل عهد الى ايقونة نضالية اعلامية هو الامر المريب. ليس بسبب حظ عهد من الاعلام وعليه المطالبة بتوزيع الاهتمام على غيرها طبعا .

ولكن ما يريب هو انتهاء هذه الصبية الواعدة الى الزنازين. ليس لأنها شقراء وعليه يصبح لها مفاضلة على غيرها، وليس من منطلق ان "السجن للرجال"، ولكن من منطلق ان فعل عهد الذي يتم محاسبتها عليه لا يرقى الى السجن. ان تقضي فتاة في ريعان عمرها الذي لم تفتح افاقه بعد وراء القضبان من اجل صفعة حماسية لجندي على باب منزلها،  لم يقدم للنضال ولا القضية اي شيء، اكثر من هوجة اعلامية وشعبية نصفق من اجلها ولا يريد احد منا ان يكون مكانها.

قبل صفعة عهد للجندي، كانت احدى امهات المقدسيات قد جرت المجندة/الشرطية الاسرائيلية من شعرها على درجات باب العامود، في مشهد بكل تفاصيله مهيب. جرأة ام على الدفاع عن ابنتها، كقطة هبت وشرعت مخالبها في وجه الثعلب المعتدي.

اهانة للشرطية وكسر لكبريائها وسلطتها امام الملأ وبانتشار كاسح. لماذا لم تعاقب تلك الام بنفس طريقة عهد؟ لماذا تم اطلاق سراحها وكان تغريمها الف او الف وخمسمائة شيكل مع اقامة جبرية في منزلها لمدة عشرة ايام ؟.

لأن الفعل لا يستحق اكثر من وجهة نظر القانون بكل بساطة. كيف تحول القانون مع عهد لهذا الاستعراض الناهض. كيف تحولت صفعة قاصر الى جريمة بنظر القضاء المحتل نفسه؟.

هي استعراضات القوى من قبل الجانبين . هناك من اقنع اهل الفتاة بأن اعتقالها لن يفرق عن توقيف ذويها . بأن بعض الضغوطات الاعلامية ستؤثر. ونسوا انهم يتعاملون مع منظومة احتلال تفكر ابعد من هذا بمرات كثيرة . فهذه منظومة تقلب الحق باطل بالاساس، فكيف بالترويج لما حولته لبربرية امام الحضارة ؟.

ماذا يعني ان تقضي فتاة اياما او شهورا في السجن من اجل عرض للكبرياء امام محتل؟.

يعني الكثير امام ما سيجري لهذه المرأة الشابة بعد ان تخرج من ظلمات السجن الى ظلم الواقع. واقع الاضطهاد المباشر بداخل السجن وخارجه. واقع انتهاء مراهقتها بين جدران المعتقل بدل من انتهاء طفولتها بين عيون والديها وشوارع قريتها .  اي مكسب لهذه الانسانة ستجني من هذه الدعاية التي يتسلق عليها الجميع، ابتداء من المقربين منها وانتهاء بوسائل الاعلام المختلفة ؟.

بين الكثيرات من المناضلات الحقيقيات في غياهب المعتقلات الاسرائيلية، قلما نرى او نسمع او نعرف عن معاناتهن، عن قصصهن، عن نضالهن، عن تفاصيل المآسي التي تعرضن لها وتتبع في حياتهن وعائلاتهن.

في المقابل، يهرع الاعلام الى محاكمة استعراضية،  يلهو بها الاحتلال علينا، ونقف نحن متأملين بجمال عهد وابتسامة عهد، ولربما عرض ما يكون استفزازيا من عهد.

مع كل ابتسامات عهد، فإن بعيون هذه المرأة الصغيرة ما انطفأ. الا يلاحظ اولئك المحولون لهذه الطفلة لايقونة نضال استعراضي، بأن نظراتها يملؤها الخوف والهيبة . هل كانت مجبرة على ان تكون في هذا المكان . كانت كما تزال طفلة. طفلة تصرفت برعونة امام محتلها، من اقنع المقربون منها ان تحويلها الى قضية رأي عام سينفع امام محاكم الاحتلال؟ على من يتوقعون التأثير ؟ على صاحب القرار الاسرائيلي ؟ الذي يسجل انتصارا في كل اعتقال ؟ ام على الرأي العام الاسرائيلي الذي حول من الفتاة المقاتلة من اجل بيتها الى بربرية تهاجم الجندي المسالم؟.

هل سيفيد عهد العريضة الموقعة من الملايين ؟ هل سيشفع لعهد عدد المشاركات والاعجابات والمزايدات عليها ؟ .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير