خطاب استعراضي لنتنياهو في مؤتمر ميونخ

19.02.2018 10:35 AM

 يكتب اليكس فيشمان في "يديعوت احرونوت"، ساخرا من خطاب نتنياهو في ميونخ: يقف رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام القادة وخبراء الأمن من جميع أنحاء العالم، ويلوح بشظية من جناح الطائرة بدون طيار، كما لو كان داعية انتخابات يحاول إثارة اهتمام جمهور ناعس من خلال استلال الحمام من الأكمام. لحسن حظه أن الناس الذين جلسوا أمامه في مؤتمر ميونيخ هم أناس مهذبون، لذلك لم يضحكوا بصوت عال. ولكن من المؤكد أنهم تساءلوا في قرارة أنفسهم: ما الذي يفترض أن يعنيه هذا العرض الطفولي؟ ما الذي يعينه إظهار إسرائيل كدولة بائسة؟

ففي نهاية المطاف، يعرف جميع الخبراء أن إسرائيل هي ثاني أكبر دولة في مجال الطائرات بدون طيار بعد الولايات المتحدة. وحسب مصادر أجنبية فإن الطائرات الإسرائيلية بدون طيار، حرثت سماء الشرق الأوسط آلاف المرات خلال العقود الماضية. لا توجد دولة لم تحلق الطائرات الإسرائيلية غير المأهولة في أجوائها، ووفقا لمصادر أجنبية فقد سقطت طائرات كهذه أيضا، نتيجة هذا الإخفاق أو ذاك. إذن، ما هو ذلك الأمر المخيف لإسرائيل إلى هذا الحد في الطائرة الإيرانية غير المأهولة؟ لكن نتنياهو لم يتحدث إليهم، بل تحدث إلى الجمهور في إسرائيل، الذي لا يزال معجبا "بأحابيله"، وبالعناق المهذب الذي حظي به من قبل قادة العالم، والذي يترجم فورا في إسرائيل على أنه إنجازات دبلوماسية غير مسبوقة.

في الأسبوع الماضي، عرض ملك الكلمات والترهيب الصاروخ السوري الذي ضرب الطائرة الإسرائيلية كتهديد وجودي تقريبا. نحن في حالة حرب، وإسرائيل أطلقت النار مئات المرات على سوريا في السنوات الأخيرة. ووفقا لتقارير أجنبية، فقد أطلقت إسرائيل النار أيضا على أهداف أبعد بكثير. وهناك تقارير عن تحليق طائرات إسرائيلية فوق لبنان وسوريا وبلدان أخرى. ولكن عندما يتمكن السوريون من إسقاط طائرة مقاتلة إسرائيلية، في سماء إسرائيل، تُسمع لدينا على الفور صرخات الحزن والبؤس.

لقد قرر شخص ما القيام بعملية غير ضرورية بالفعل، وتعتبر أكثر ارتباطا بوعي العدو: ضرب سيارة المراقبة الإيرانية على بعد 300 كيلومتر من الحدود ... وتم إسقاط طائرة إسرائيلية، فهل يغير هذا الوضع في الشرق الأوسط؟ هل يحولنا ذلك إلى مساكين؟ هذا هو ثمن الحرب. ولكن أحدهم يرغب في تضخيم الحدث من أجل تنمية مشاعر القلق الوجودي لدى الجمهور.

بشكل عام، تدير دولة إسرائيل سياسة أمنية غريبة: إنها تخرج للعمل، ويحدث عطل، وعلى الفور يأتي الرد الكلاسيكي: المعاقبة. وإلا فإن الجماهير الإسرائيلية سيصاب بالاكتئاب، وربما يفقد الثقة بقيادته، وربما تفقد إسرائيل الردع. وعندها يخرجون لتنفيذ عمليات عقاب، يمكن لكل واحدة منها أن تشعل المنطقة في أي وقت.

في قطاع غزة، على سبيل المثال، قصفت إسرائيل نفقا هجوما، كجزء العقاب على تفجير العبوة الناسفة على السياج والتي أصابت أربعة جنود. ما هي العلاقة بين القنبلة وتفجير النفق؟ إذا كان هناك نفق تعرفه إسرائيل، فيجب أن تدمره، بغض النظر عن أي عقاب. لماذا يجب انتظار أي خطأ عسكري، من أجل إصلاحه بواسطة عملية تعتبر دائما حيوية، بغض النظر عن مزاياها المعنوية والدعائية. صباح أمس، أوضح لنا وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن العبوة الناسفة كانت جزءا من مؤامرة إيرانية. ويلاه كم مخيف. من حسن الحظ أن هناك بيبي الذي يوضح للإيرانيين ما تعنيه شظية الطائرة بدون طيار.

علينا أن نقول الحقيقة: لقد أصر الجيش الإسرائيلي على عدم شن هجوم شامل على منظومة المضادات السورية للطائرات التي هددت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي في العامين الماضيين، واكتفى بهجمات منفردة وغير مهمة. والسبب بسيط: لقد تخوفوا هنا من أن يحصل السوريون على بطاريات أكثر تطورا من الروس بدلا من البطاريات التي سيتم تدميرها. قبل أسبوع حصلنا على دليل يثبت حدوث خطأ استراتيجي هنا، فلماذا جاء الآن هذا العرض المتظاهر بالبؤس؟

رئيس الوزراء يعرض إسرائيل في ميونيخ، كدولة يلتف حبل الإرهاب الإيراني على عنقها. لم يكن هناك أي رجل مهني جلس في نفس القاعة في ميونيخ، ولم يقرأ المصادر الأجنبية ويفترض بأن إسرائيل هي قوة نووية. فعن أي دولة مسكينة يتدلى حبل الإعدام فوق رأسها، تحدث نتنياهو؟

يجب على الحكومة ورئيس الوزراء التعامل مع التهديدات الأمنية بإصرار - في غزة وسوريا وإيران وفي كل مكان آخر – وليس النواح والتسبب بالسخرية لإسرائيل من خلال تصويرها كدولة تعيش حالة رعب.

تصميم وتطوير