الاحتلال يحارب رعاة الأغنام بمصدر رزقهم في النقب

20.02.2018 04:50 PM

القدس- وطن: قد تكون أولى الأفكار التي تتبادر إلى الذهن حين سماع كلمة " النقب" هي تربية المواشي، وفعلاً فقد اعتاش المجتمع العربي البدوي في النقب على تربية الأغنام التي مثلت مصدر الرزق الأساسي لعقود طويلة، ولكن طغت الكثير من الظروف العوامل خلال السنوات الأخيرة التي أثرت على حياة البداوة في النقب.

في شهر نيسان/ أبريل من العام 2016، تمت مصادرة 30 رأسا من الغنم هي ثروة ومصدر الرزق الوحيد للمواطن علي القرعان، ثم تغريمه بمبلغ 27 ألف شاقل لإخلاء سبيلها، ولكن لم تنته القصة بعد إعادتها إلى مالكها، حيث تمت مصادرة الأغنام مرة أخرى وطالبت الشرطة بتغريم علي القرعان بمبلغ 50 ألف شاقل أخرى، لإطلاق سراح 24 رأسا من الغنم المتبقية، التي نفقت منها ثلاثة أغنام وهي في حيازة الشرطة.

لم يستطع علي القرعان دفع المبلغ، فبيعت أغنامه في مزاد علني بمبلغ بخس، يقارب الـ20 ألف شاقل والتي تبلغ قيمتها في السوق أكثر من 60 ألف شاقل.

ليس المواطن علي القرعان الوحيد الذي عانى من هذه القضية، فما حصل مع علي القرعان هو سيناريو شبه روتيني في النقب، ومصادرة أغنام البدوي في النقب خطر يداهم معظم مربي الأغنام حسب شهادة الكثير منهم".

تعتبر تربية المواشي في النقب فرعاً مهماً من فروع الاقتصاد المحلي، وتعتمد الكثير من العائلات عليها كمصدر أساسي للرزق، وينظر الكثيرون نحو تربية المواشي والأغنام خاصة، على أنها تلامس أجزاء من الهوية الجامعة للفرد في النقب، حتى وإن لم تكن بهدف كسب الرزق، إنما تعتبر مكوناً في العُرف الاجتماعي والطابع الحياتي لأهل النقب العرب البدو الذين توارثوا تربية الأغنام عن الآباء والأجداد.

علت الكثير من الأصوات خلال السنوات الماضية، ضد ممارسات دولة الاحتلال بحق مربي الأغنام في النقب، والتي لا تعتبر جديدة العهد، فخلال التاريخ، حاربت دولة الاحتلال بسلطاتها التشريعية والتنفيذية طابع الحياة العربي البدوي في النقب، وحاولت شيطنته عبر قوانين مثل قانون" منع تربية العنزة السوداء" والقوانين العسكرية على أراضي النقب والتي بدأت مع بدء الحكم العسكري واستمر جزء منها حتى اليوم.

مر السنين، تحولت العديد من أراضي الرعي القريبة في القرى العربية، إلى مناطق ومنشآت عسكرية مغلقة، وقد يكون أكثرها بروزاً "مطار تل الملح"، ومستوطنة "نفاتيم" التي تحولت من أرض عربية زراعية مأهولة بالسكان جزئياً، إلى قرية زراعية يهودية ومطار عسكري.

يقول سليمان النصاصرة، وهو مواطن من مدينة رهط، وابن لعائلة تعتاش من تربية الأغنام منذ أجيال: "تملك عائلتي حوالي 1200 رأس من الغنم يعتاش من تربيتها خمسون نفراً، لا حدود للفائدة المكتسبة من تربية الأغنام إذا ما توفرت الشروط الملائمة، تربية الأغنام هي عرف اجتماعي وعمل مهم له دور في تشكيل وجه الطابع الحياتي في النقب".

وعن ظروف مهنة تربية الأغنام، قال النصاصرة، المعاناة الكبرى اليوم لمربي الأغنام

، هي نظرة الاحتلال إلى هذه المهنة على أنها خطر وتتخوف من عدم قدرتها على السيطرة عليها.

وأضاف النصاصرة: "تُلزم دولة الاحتلال مربي الأغنام بالضرائب بشكل انتقامي، رغم أنه من حق مربي المواشي وأصحاب المهن الزراعية الحصول على الدعم من الدولة، إلا أن العراقيل دائماً ما توضع من قبل وزارة الزراعة والجهات المسؤولة.

وأضاف النصاصرة: "تحددنا دولة الاحتلال في المراعي بشكل كبير جداً، فلا يمكننا الرعي في المناطق القريبة لمدينة رهط، لسيطرة "الكيبوتسات" عليها والتجمعات الزراعية اليهودية، ويعتبر الرعي فيها أحد أسباب تغريم رعاة الأغنام".

واتبع النصاصرة في الحديث عن ظروف مهنة مربي الأغنام "مدينة رهط ليست تجمعاً زراعياً، وهذه مشكلة للعديد من أصحاب المهن الزراعية، ولأن معظم أراضي العشيرة التاريخية مصادرة على أيدي مؤسسات دولة الاحتلال، عليك تقديم طلب لوزارة الزراعة للحصول على قطعة أرض تستأجرها لتأوي أغنامك فيها".

وتابع النصاصرة، "فعلاً تعطينا وزارة الزراعة قطعة أرض بعيدة عن مدينة رهط، لكنها تمنعنا من مدها بالكهرباء أو إحضار المولدات الكهربائية، أو أي من المعدات التي بإمكانها مساعدتنا في الحصول على نتائج أفضل من تربية الأغنام مثل ماكينات الحليب وغيرها، لذا نضطر للعمل بطرق بدائية وغير فعالة مقارنة بالمنتج اليهودي.

ويختم النصاصرة حديثه: "التحديات التي تفرضها دولة الاحتلال على مربي الأغنام، تدمر المهنة وتجعلها خاسرة جدًا.

وقال سليمان أبو عايش، من قرية اللقية "لدينا الكثير لنقوله عن تعامل دولة الاحتلال معنا، نرى بشكل مستمر أن السلطات تحاول التضييق علينا، هنالك حقوق أساسية لمربي المواشي لا نحصل عليها، منها أن التطعيم للأغنام يجب ان يكون مجانياً أانها حيوان زراعي يحق له الحصول على الدعم، وبعد العام 2013 أجبرتنا وزارة الزراعة على الدفع مقابل تطعيم أغنامنا.

وأضاف أبو عايش: "نعاني في المراعي التي نستأجرها في الربيع فالأسعار مرتفعة والضرائب عالية، بالإضافة إلى عدم وجود بنية زراعية مناسبة نستطيع الحفاظ على أغنامنا فيها، هذا الوضع يجعل من تربية المواشي خاسرة أكثر من مساحة الربح فيها والكثيرون يبتعدون عنها اليوم.

وقال وضعان الوج، وهو مربي أغنام وإبل، "نحن نعاني بشكل كبير في النقب، الحكومة تلزمنا بالضرائب، تعاقبنا في المراعي وتغرّمنا إذا رعينا أغنامنا دون موافقتها".

وتابع الولج "في المقابل، لا تسمح لنا ابداً باستئجار المرعى من التجمعات اليهودية، دون مرافقة موظفي الوزارة، معاناة مربي الاغنام صعبة، ولكن معاناة مربي الإبل أصعب، دولة الاحتلال تحارب الجمال ولا تعترف به على أنه حيوان زراعي".

وختم الوج حديثه: "الحكومة تهدم بيوتنا وحظائرنا دون إعطائنا أي بدائل، وتبقي أغنامنا وأبنائنا في العراء".

 

"عرب 48/ رأفت أبو عايش"

تصميم وتطوير