في اليوم الثاني لاعلان صفقة القرن

05.03.2018 10:08 AM

كتب: حمدي فراج

كل شيء في "صفقة القرن" أصبح جاهزا ، بما في ذلك نقل السفارة الامريكية فعليا الى القدس في خضم احتفالات اسرائيل "بعيد استقلالها" السبعين ، ذكرى النكبة الفلسطينية ايار القادم ، ولم يبق ناقصا في الصفقة / الصفعة ، الا اعلان بنودها وتفاصيلها رسميا بعد اسبوع كما افادت مصادر امريكية اسرائيلية ، ونظن ان زيارة ولي العهد السعودي الى واشنطن هذا الاسبوع ومعه بنيامين نتنياهو ، معرجا على قاهرة السيسي ، الا من أجل قراءتها القراءة النهائية التي تسبق الاعلان عنها . فماذا في اليوم الثاني من الاعلان عنها ؟

المواقف العربية ليست ذات ثقل في الميزان العالمي ، وهذا ليس بحاجة الى كثير جهد او كم واسع من الذكاء ، حتى لو كانت القدس بما تمثل هي الثمن وهي الاضحية ، هذه المواقف معروفة ومفهومة ، مقروءة ومهضومة ، مرئية ومسموعة منذ سبعين سنة وأكثر ، ليتخيل المشككون في هذه النقطة كيف امكن لدولة ان تقوم من العدم امامهم وعلى مسمعهم دون ان يقضوا عليها في مهدها ولما يكن لها تعداد سكاني لا يتجاوز بضعة مئات الآف فقط ، وعتاد لا يتعدى السلاح اليدوي ، ومع ذلك هزمتهم مجتمعين .

الذي سيتغير بالنسبة لهذا النظام العربي برمته صبيحة الاعلان عن الصفقة ، انه سيجاهر بانحيازه الى العش الذي خرج منه ، عش الامبريالية العالمية في انها جزء لا يتجزأ من معاداته لشعوب هذه الامة ووضع مقدراتها رخيصة في ايدي اعدائها ، وهو نفسه العش الذي تخلّقت فيه دولة اسرائيل التي اصبحت في هذه الغمرة القصيرة من الزمن من اعتى دول العالم تسليحا وتصنيعا وتزريعا .

بعض من النظام العربي سيأخذ موقف الصامت من الصفقة ، وهو موقف متفق عليه مع المتناغمين ، وهو اشبه ما يكون بموقف "خط الرجعة" في حال حدوث امور دراماتيكية لم تكن في الحسبان .

الموقف الفلسطيني الرسمي سيندد ، و ربما سيسمح له بتجاوز دائرة التنديد قليلا ، يشجب يستنكر ، يفشل في الكلام ، وقد كشف مؤخرا ان اتصالات فلسطينية مكثفة تجري في الخفاء بين السلطة والادارة الامريكية ، لكن العلاقات الرسمية بين السلطة وبين اقطاب الصفقة من الزعماء العرب ظلت علاقات "اخوية" والاتصالات في الاتجاهين ظلت موصولة والاشادات بمواقفهم ظلت ذات نبرة عالية ، أما الاتصالات باسرائيل عبر ما يسمى بالتنسيق الامني فلم تنقطع رغم قرارات المجلس المركزي .

في الاسبوع التالي من الصفقة سنجد منابر اعلامية فلسطينية تذهب نحو تسويقها من باب "سلبيات الصفقة وايجابياتها" ، او "ما الذي نجح بن سلمان في اضفائه على الصفقة" ، او "ترامب يعد بصفقة في الصفقة" ، او "اطراف اسرائيلية عديدة تتحفظ على الصفقة" ، لكن اكثر ما أخشاه ان يكون "السلطة نجحت في رد الصفعة" .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير