نادية حرحش تكتب لـوطن: لا للتقاعد التعسفي للمعلمين!

07.03.2018 06:59 PM

نستقبل آذار استقبالنا البهيج بانتهاء فصل الشتاء، يوم المرأة ويوم الأم ويوم الأرض، وهناك يوم للمعلم في بعض الدول.

في فلسطين تغلبت وزاراتنا على الجميع وأحالت معلماً في سن الثلاثين للتقاعد المبكر، فهل يعتبر الأمر سابقة، أم مجرد إجراء تعسفي طبيعي في ظل فساد حكم مستفحل في كل مكان؟

وقبل تناول الموضوع أكثر، يجب التوقف عند سبب إحالة المعلم الشاب الى التقاعد، فالسبب موقفه من الاحتجاجات التي قادها المعلمون قبل سنتين، أي ان ما جرى كان اجراءا انتقامياً ضد المعلم من قبل صانع القرار في الوزارة منذ سنتين.

هل لنا ان نتخيل ماذا يعني هذا الاجراء؟

أي نوع من القمع يتم ممارسته من اجل المطالبة في حقوق تعتبر مبدئية لمعلمي المدارس؟

نحن نتكلم هنا عن المعلمين بناة المستقبل، ناقلي التعليم وحاملي شعلة الامل لأبنائنا.

كيف نروج لنظام تعليم غير تقليدي، منفتح، ريادي، قيادي، والمعلم هذا يعرف انه عندما عبر عن نفسه قضي على مستقبله؟

لا أعرف ما الذي يجب ان نسكت عنه او نحارب من اجله في ظل هذه التراكمات من الانتهاكات الانسانية.

لماذا تصبح مرة اخرى الطامة أكبر عندما نرى تجاوزات وانتهاكات وزارة التربية والتعليم؟

بكل بساطة، لأنه المكان الذي نعد للمستقبل من خلاله ... أهذا هو مستقبل الاجيال؟ حاضر مبني على القمع والعقاب عند التعبير عن الحق؟

المشكلة لا تنتهي عند وزارة التربية والتعليم، التي تحولت ممارساتها الى إجراءات عجيبة منذ عرض "انجاز" الى نوع المسابقات التي تبدأ باسم الوزير وتنتهي بصورته على العملة النقدية.

المشكلة في تعاطينا لهكذا ممارسات انتهاكية والتعامل معها على انها خاصة لمكان بعينه أو شخص بذاته .

ضحية اليوم من ممارسات القمع والترهيب كان معلماً. ولكن هذا لا يعني ان ما جرى لهذا المعلم يؤثر علينا كمجتمع من كل الاتجاهات. لا استطيع الا ان اتساءل، اذا ما كانت نتيجة وقوف معلم بالاضرابات قد أدى الى فصله او احالته الى التقاعد المبكر.

تخيلوا ان هذا الشاب يتقاعد في هذا العمر؟ كم من المعلمين بانتظار إحالتهم الى الاقالة او التقاعد؟ ما الذي نتوقعه من الدوائر التعليمية من المعلمين الاخرين، من الطلاب ، من الاهل ؟

في بلاد العالم الطبيعي، أعرف مبدئيا، انه لن تكون هكذا حوادث لأنه من المستحيل التفكير أن هناك وزارة تقوم بهكذا فعل لمدرس ولكن، هذا لا يأتي فقط لأن النقابات فاعلة. لا اعرف ما الذي يقال في هذه الاثناء عن نقاباتنا المختلفة. اين دور النقابة؟ حالة تطويع النقابات ليس ايضا فرضيا او غريبا ، لأن المشكلة ليست مصادفة. فحالة التطويع هذه تبدو جماعية. لقد تحولنا الى مجتمع متكامل في حالة تقويضه وتطويعه.

غدا يصادف يوم المرأة... كم حالة تشبه حالة قمع هذا المعلم الشاب عند النساء؟ من الواجب ان تكرس النساء يومهن غدا من اجل قضية معلم المدرسة. لأن الموضوع لم يعد يقتصر على تمييز وتنكيل بجنس محدد. ولكن التنكيل صار مؤسساتيا يطال كل من يخالف رغبات الامر او صاحب السلطة.

قضايانا تتضاعف وتتشابك ، ولا زلنا نردد نفس الشعارات والمطالبات من اجل قضية على حساب اي قضية اخرى. فتحولت قضايانا الى ايام احتفال ، نقف فيها على المنصات ونندد ونطالب ونتذمر.

يجب ان يكون يوم المرأة هذا العام يوم نصرة للمعلمين المهددين بانهاء مسيراتهم التعليمية قبل ان تبدأ بالتشكل. يوم المرأة هذا العام، يجب ان تكون صرخاته ضد الاضطهاد والقمع الممنهج من قبل السلطات المختلفة، وفي هذه الحالة وزارة التربية والتعليم، التي تكسر كل قواعد الريادة في كل مرة ، تؤكد ان التعليم اذا ما استمر في هكذا مسار كمؤسسة، فلا عتب على الاجيال القادمة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير