في الذكرى الأولى لرحيله

علاّم .. هل تفيكَ اللغة وتكفيكَ الحروف؟

08.03.2018 12:13 PM

وطن- كتب: معمر عرابي

لا أدري لماذا تلحّ علينا الذكريات كثيراً، تستحضر كل الذين غابوا عنّا جسداً، لتؤكد لنا أنهم باقون فينا روحاً وقلباً وضميراً وأثراً، لا أخفيك صديقي ورفيقي الحبيب علام  أن القهوة التي كنا نحتسيها معاً بانتظام في مكتبي ما زالت حاضرة في ذاكرتي، رغم أن لا شيء يشبهك في هذا العالم، ولا أبالغ إن قلتُ في حضرتكَ كل المعاني، ولكن كل لغات الأرض لا تعزي فاقداً عما فقد.

للذين لا يعرفونك أكتب، وأواسي الذين عرفوك، عرفتك يا رفيقي منذ 25 عاماً أمضيناها معا بذكريات جميلة ومواقف أليمة، أعوام من أعمارنا لا تكفيها الحروف لأن تكتبها، اذ لكل قضية ضمير وأنتَ الضمير للقضية بالنسبة لي.

أعوام طوال حملت لقاءات وسفريات جمعتنا في مختلف عواصم العالم، أتذكر كيف كنتَ دائماً تقصّ عليّ رؤيتك المستقبلية للمشهد السياسي الذي كان يعصف بقضيتنا وما حولنا، كنتَ الدليل يوم أن كانت تستعصيّ علينا الرؤية السياسية في ظل ضبابية الاحوال التي كانت تلفّنا، فكان حديثك وتحليلك ينمّ  دائما عن وعي وإدراك بجل ما يدور حولنا، فكنتَ صاحب التحليلات العميقة، وصاحب الرؤية الوطنية الثاقبة.

ورغم ذلك لم تثنك الصعاب التي لاقيتها عن شغل الدور الريادي في خدمة الشعب عبر مؤسسات شعبية ومجتمعية، وتشهد لك مخيمات اللجوء بذلك، فكنت طبيب الفقراء للاجئين تداوي جراهم وتخفف عنهم معاناتهم، وإلى جانب ممارستك لمهنة الطب، كانت مساعيك وتطلعاتك ولمساتك واضحة في تأسيس جمعية الاغاثة الطبية والتي ضمت مئات المتطوعين الذين زرعت فيهم روح الانتماء للوطن وللأرض التي أحببت، الى جانب دورك في تأسيس شبكة المنظمات الأهلية، وكانت لمساتك واضحة ايضاً في مساعدة المعاقين والمحتاجين، فكنتَ القائد الذي همه أن يُنبت الخير في هذا الوطن مهما كانت التحديات، ففكرك السياسي ودورك المجتمعي الذي يعاند الصعاب من أجل الازدهار له أثر واضحا على كل من عرفك.

رفيقي علّام لن أقول لكَ ارقد بسلام، فنحن لم نعرف السلام يوماً، ونحن الذين حاربنا لأجل السلام ولم نجده بعد، وبعد رحيلك هل بقي في قلبي معنى للسلام!

كلا، إن فقدكّ أفقدني حتى السلام مع روحي اذ غبتَ عني وتركتَ فيّ ضجيج الذكريات، وتركتَ صوتك يذكرني دائماً أني فقدتُ رفيقا عزيزاً وقائداً، كيف لا أفتقدكَ وأنتَ الضمير الحيّ الذي بنى وعمل من أجل الوطن والشعب، وما زالت المؤسسات التي ساهمت في بنائها معطاءه كأنت، تذكرنا بك وبأثرك الجميل الذي لا يُخفى على أحد.

إن الأرض يا علام تضييق بي كثيراً كلما حاولتُ أن أستحضرك، وتضيق بي الاماكن كلما دُعيتُ الى جلسات ومؤتمرات تتناول دور المنظلمات الأهلية التي كان تأثيرك فيها واضح، وأثرها على شعبنا الذي يعاني الاحتلال منذ عقود، ربما أفلحُ لو قلتُ أنكَ الحاضر رغم الغياب.

الرحيل موجع يا رفيقي، ورحيلك الأكثر إيلاماً.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير