نادية حرحش تكتب لـوطن: التقاعد المبكر القسري للمعلمين... لقد بلغ السيل الزبى

08.03.2018 01:12 PM

كتبت بالأمس عن موضوع إحالة المعلم إبن الثلاثين ربيعا للتقاعد المبكر، فكرت للحظات أنني أبالغ. بالنهاية هناك أمور إدارية داخلية تحدث، ومعلم أو معلمان أو ثلاثة لن يغيروا من منظومة البطالة المستفحلة، ولكنني تمنيت لوهلة بيني وبين نفسي أن نستغل يوم المرأة على الأقل للدفاع عن حق المعلم في هذه الحالة.

تساءلت عن دور النقابة التي تم تطويعها لدرجة لم نسمع  حتى أصداء لردة فعل لم تحدث.

أعترف بأنني لم أعول على حراك نسائي أو شعبي استغلالا ليوم المرأة. فهناك الكثير من القضايا النسائية التي لا يتغير التنكيل والظلم فيها .

لم تترك لي الحكومة ولا وزارتها مجالا لإعادة التفكير في تساؤلي. وكانت صدمة أن يكون خبر اليوم. وبالتزامن مع يوم المرأة، يتم إحالة ١٢٠ معلما ومعلمة إلى التقاعد المبكر قسريا.

فيديو لإحدى المعلمات المفصولات ينتشر كالورد في يوم العيد.

يوم تحتفل فيه وزارة التعليم وغيرها من الوزارات بالمرأة  بعطلة رسمية، ليبدأ الأسبوع القادم للطلاب والطالبات بمعلم ومعلمة مفصولين.

لا يهم ما هو التعليم الذي نروج له في المدارس، فيما يخص الحريات والفرص والمقاومة (السلمية) والمطالبة والتغيير والديمقراطية وحقوق الانسان .... كل ما يتم طبعه في المناهج يبدو وأنه مرتبط كما بالمشاريع والمنظمات المختلفة بمتطلبات الجهة المانحة.

نقول بصوت عال أمام الطلاب ونحفظهم: قم للمعلم .... ونرفس هذا المعلم بالواقع .

وزارة التعليم لا تستطيع منع اختطاف الطلاب من حرم جامعاتها من قبل الاحتلال الاسرائيلي، وتمارس خطف وسائل الحياة من المعلمين.

أسباب التقاعد المبكر فني ، ويتجرأون على فعله بهذه الطريقة المجحفة الظالمة القاتمة ، ولا يفكرون بشجب حتى ولو بالشعارات من أجل الطلاب العزل في الجامعات.

لكن طلاب المدارس ، ما هو مصيرهم ؟ وإلى اين المصير ؟

كيف يمكن ان نعلم الجيل على السعي للحرية ، والمحافظة على الحقوق ، ورفع الظلم ، اذا ما تم تهديد المعلم وضربه في عقر رزقه. نزع سبل الأمان المبدئي من حياة عوائل كاملة وتشتيتها وهز أمنها ؟ هذه رسالة التربية والتعليم لأبنائنا؟

هذا هو "الإنجاز" الذي خططت له وزارة التربية والتعليم في فترتها "الانتقالية، المؤقتة" (لمدة ستة شهور- قبل سنتين) ؟ إحالة ١٢٠ معلما ومعلمة للتقاعد المبكر؟

هل لنا أن نتكلم ولو خلسة عن "قانونية" هذه الاجراءات؟

نعلم الأجيال أن القانون لم يوضع من أجل إقامة العدل، ونؤكد لهم أن السلطة مفسدة ، وأن صاحب الكلمة الفصل هو صاحب المقام لا القانون. وأن الشرعية هي بالقوة لا بالتشريع. وأن هذا القانون إن وجد ، يمكن العبث به وتجييره لمصلحة صاحب المقام.

ولأن الضرورة والمصلحة الوطنية العليا تتطلب التخلص من أعداد جديدة من الموظفين ، فلم يكن هناك ضرر من التخلص من مئة وعشرين معلما ومعلمة.

يعني وكأن معاشات المعلمين هي من تزيد عجز ميزانية الحكومة الفاضلة.

ولأننا شعب لا نتعظ ولا نتعلم ولا نأخذ العبر الا عندما يطالنا الخراب ولا نشعر بالخسارة الجماعية ونظن اننا نحتفظ بأمننا فرديا . لا أشك بأن ما جرى بوزارة التربية والتعليم سيلحق بوزارات أخرى.

والنقابات في سبات ....

نعرف لماذا ...

فما العمل ؟ كيف نتحول الى شعب لن يؤكل كما أكل الثور الأبيض؟

هل نقرر نحن الأهل عن الاضراب وعدم إرسال أبنائنا الى المدارس؟

هل تستطيع المدارس بمديرياتها ومديريها الاعتراض والاضراب؟

أعرف الجواب مسبقا ، فالفصل هو المصير اذا ما اعترض معلم على القرار.

يجب ان نصل الى مرحلة نعترض بها على الظلم الواقع على غيرنا بلا التفكير بمصالحنا المباشرة.

وموضوع التعليم والمعلمين لا يمكن الا ان يكون موضوعا شخصيا . لأن المعلم هو الانسان الذي يقضي ابننا حياته معه لـ١٢ سنة. المعلم هو المصدر الأولي للاعتناء بعقول أبنائنا. المدارس هي من يصنع الفكر للأجيال القادمة . كيف يمكن ان نأمن مستقبل لا يأمن فيه المعلم على وظيفته.

كفاكم ظلما لهذا الشعب ....

فلقد بلغ السيل الزبى ! لم ننس بأن هذه الحكومة لا تمثل الا وضعية "المؤقت" و "الانتقالي" . فقرارات الإقالة يجب أن يسبقها قرار تعيين حكومة شرعية تمثل الشعب من خلال انتخابات شرعية.

كيف تحولت الحكومة ووزاراتها الى حكومة دائمة، على الرغم من تحديد ميقاتها بستة أشهر قبل أكثر من سنتين ؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير