خالد بطراوي يكتب لـوطن: نحن والعربان

26.03.2018 06:45 AM

وطن: (العربان ... لقب مقتبس من رفيقي نادر الجعبة)

نحن ( وأقصد الشعوب العرلبية) أيها ألاحبة ومع الاحترام لكل واحد منكم ودونما الانتقاص من أي شىء ودون اختزال التاريخ النضالي لكل منكم مفردين أو مجتمعين .... لسنا سوى صيصان تجارب للاحتلال الصهيوني وللاستعمار بدعم لامحدود من أنظمتنا العربية.

منذ بدء الصراع العربي الصهيوني وصناع الفكر الصهيوني يجرون تجارب علينا ويصنعون حدثا كي يروا ما هي ردود أفعالنا ويتصرفون وفقا لها ويستقرؤن كيف ستكون ردود أفعالنا على ما سيقدمون عليه مستقبلا.

أولى صناعة "صوص التجرية" معنا بدأت عام 1896 عندما قام الزعيم الصهيوني النمساوي الأصل ثيودور هرتسل بنشر "كتيب صغير" حمل عنوان " الدولة اليهودية" حيث طالب بانشاء دولة قومية يهودية وضرب أول إسفين بالقول " بالنسبة لموقع هذه الدولة فسوف نقبل بالمكان الذي يمنح لنا والذي سيختاره المجتمع الدولي".

بالطبع نامت العرب ( العربان) وانشغلوا بفوائد بول الابل الى أن جاء المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897 في مدينة بال السويسرية حيث تم تحديد مكان هذه الدولة اليهودية في فلسطين وبدات الهجرة المنظمة.

عند ذلك انشغل العربان بأي من القدمين ندخل المرحاض اجلكم الله، القدم اليمنى أم اليسرى.

الصهيونية لما رأت أن لا ردود فعل من العربان، حتى زادت من عمليات الهجرة اليهودية الى فلسطين وجاءت عام 1916 اتفاقية سايكس بيكو ليصار الى تقسيم بلاد الشام بين الاستعمار البريطاني والفرنسي وكانت فلسطين من حصة

البريطانيين بينما انشغل العربان بالجميلات القادمات من فرنسا وبريطانيا مع جيوش الانتداب والاستعمار وإنشغلوا " بالبكيني" على شواطىء البحر الأبيض المتوسط.

في الحرب العالمية الأولى ظن العربان أن الاسلام سوف ينتشر في كافة بقاع العالم، فوقف كل منهم وفقا لرؤيته مع هذه الدولة أو تلك بينما مرر اللورد "بلفور" وعده لليهود باقامة " وطن قومي" لهم في فلسطين وذلك في العام 1917.

إستمر العربان في الحديث عن فضل السجود أمام (واطاعة) أولى الأمر منكم، الى ان وافقت عام 1919 عصبة الأمم رسميا على الانتداب البريطاني على عموم فلسطين، فمددت الصهيونية أرجلها حيث عملت مع الانتداب ما بين الأعوام 1919 و 1948 على ارساء أسس اقامة الدولة اليهودية وبضمنها الهجرات المنظمة لليهود.

وجد الفلسطينيون أنفسهم دون سند الا من القليل القليل من العربان، فحصلت ثورة عام 1929 في اعقاب انشاء مدينة تل أبيب ( عام 1928) وثورة الأعوام 1936-1939. ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية التي امتدت حتى العام 1945 انقسم العربان على أنفسهم اذ ساند بعضهم "هتلر" حيث رددوا مقولة عدو عدوي هو صديقي" وأنشغلوا أيضا بتوعية الأجيال بثواب المشاركة في الجنازة وبترديد مقولة "إكرام الميت .. دفنه".

وفي خضم ذلك كله ازداد الهجرة اليهودية ونشطت العصابات اليهودية وبضمنها " الهجانا" " وشتيرن" "وأرغون" وارتفع عدد المهاجرين اليهود لتصبح نسبة اليهود في فلسطين حوالي الربع ويملكون حوالي 5-6% من مساحة فلسطين ليطل علينا التاسع والعشرين من تشرين الثاني لعام 1947 ( ونحتفل به ايامنا هذه على أنه يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني) عندما أعلنت الجمعية العام للأمم المتحدة عن القرار (181) القاضي بتقسيم فلسطين وإنشاء دولتين

مستقلتين – عربية و"يهودية" بحيث تكون ما مساحته (56%) لليهود على ان تكون القدس منطقة تحت الإشراف والحماية الدوليين.

تنافخ العربان شرفا وبدأ كل "يبحث في البارات عن ثاره" كما وصف نزار قباني العربان ذات يوم.

أسرعت الصهيونية الى جنى ثمار هذا القرار بأن ارتكبت في التاسع من نيسان من العام 1948 مجرزة دير ياسين باشراف مناحيم بيغن وزادت من عملياتها الارهابية لتبدأ عمليات اللجوء وتتوج الصهيونية جهودها باعلان الصهيوني بن غوريون قيام دولة " إسرائيل" في الرابع عشر من آيار لعام 1948 والعربان منشغلون باصدار الفتاوى المتعلقة بأحكام الزواج من الاجنبيات. بينما في اليوم التالي لقيام هذه الدولة وبعد اعلانها تظاهر العربان بأنهم قد " تنافخوا شرفا" واعلنت في الخامس عشر من أيار كل من سوريا ومصر ولبنان والاردن والعراق الحرب على "إسرائيل" الى أن جرى توقيع اتفاقية الهدنة عام 1949 فوجد الفدائيون الفلسطينيون أنفسهم " كساع الى الهيجا من غير سلاح". وإستمر العربان في الجدل حول حكم جلباب المرأة في الاسلام.

ولا بد لنا من الاشادة ببعض العربان للأمانة والتاريخ الذين قاوموا المشروع الصهيوني وواصلوا جهودهم في المحافل الدولية الى أن صدر قرار الأمم المتحدة في الحادي عشر من كانون الاول لعام 1948 رقم (191) الذي ينص على حق 850 الف لاجىء فلسطين في العودة الى بيوتهم التي هجروا منها وعلى "إسرائيل" تعويضهم عن الممتلكات المدمرة، علما بان هذا الكيان الغاصب قد سيطر على 78% من الأرض وفي تلك الحقبة أقر الكنيست الاسرائيلي عام 1950 " قانون العودة" الذي يعطي الحق المواطنة في فلسطين لأي يهودي في العالم، وفي ذات الوقت بدأ نجم أرئيل شارون يلمع بقيادته مذبحة "قبيا" في الرايع عشر من تشرين اول لعام 1953 اذا استشهد 27 من أبناء القرية ودمر ما يزيد عن 50 منزلا من منازلها الجميلة. ليتبعها بعد سنوات قليلة وتحديدا في

التاسع والعشرين من تشرين الأول لعام 1956 مذبحة كفر قاسم بسقوط ما يزيد عن 55 شهيدا.

إستمر العربان في تفسير أحكام الوضوء في الاسلام والتيمم بعد أن سرقت إسرائيل المياه، حتى حرب حزيران لعام 1967 المعروفة بحرب الأيام الستة في الخامس من حزيران والتي أذكرها جيدا حيث بسط الاحتلال الاسرائيلي سيطرته على كامل فلسطين باحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان وما زالت اذاعة " صوت العرب من القاهرة" ( تطن) في أذني بصوت المذيع أحمد سعيد وهو يؤكد "انتصارات العربان" وأسمع أغنية تقول " في البحر ح نرميهم".

إستفاق العربان قليلا على كف أحتلال القدس وخجلت الأمم المتحدة وأصدرت قرار (242) عام 1967 حيث أعلنت عدم شرعية الاحتلال ودعت الى الانسحاب من الاراضي المحتلة عام 1967 والاعتراف المتبادل وتسوية قضية اللاجئين وغنت فيروز والهبت حماس جماهير الشعب العربي بأغنيتها الشهيرة " مريت بالشوارع ... شوارع القدس العتيقة" .. ووصفت جسر الأردن بالقول " يا جسرا خشبيا .. يسبح فوق النهر" وإشتهر الشاعر العراقي مظفر النواب بقصيدته التي تقول " القدس عروس عروبتكم .. فلماذا أدخلتم كل زناة الليل الى حجرتها .. ووقفتم تسترقون السمع لصرخات بكارتها .. ورجوتموها أن تسكت صونا للعرض ... أولاد القحبة .. هل تسكت مغتصبة " الى أن يصل الى ذلك المقطع الذي يقول " تتحرك دكة غسل الموتى ... أما أنتم ... فلا تهتز لكم قصبة".

نسينا جميعا قرار الأمم المتحدة رقم (3314) بتاريخ 14/2/1974 الذي يقر بمشروعية مقاومة الاحتلال والفرق بين الارهاب الاجرامي ومقاومة الاحتلال وحق الشعوب في مقاومة المحتل بما في ذلك من خلال الكفاح المسلح وحق الشعوب في تقرير مصيرها" وإنشغل العربان بتنظيم ميادين سباق الخيل والجمال ومشاهدة مباريات الملاكمة بين الأسطورة محمد علي كلاي الذي أعلن اسلامه و " جو فريزر".

إستمر الاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية وقطاع غزة في النصف الثاني من سبعينات القرن المنصرم ولا زلت حتى هذه اللحظة أرى صورة الرئيس المصري أنور السادات يطل برأسه وهو ينزل من طائرته في مطار بن غوريون ملوحا لقادة الكيان الصهيوني ليصل في التاسع عشر من تشرين أول لعام 1977 الى القدس المحتلة ويلقي "خطاب السلام" أمام الكنيست الصهيوني ليصار الى تتويج اتفاقيات " كامب ديفيد" عام 1979 باعلان السلام بين مصر و"إسرائيل" ليجري بعدها في الثلاثين من حزيران عام 1980 ضم القدس االشرقية.

عندها انشغل العربان باصدار الفتاوي حول اذا ما كان يحق للمصريين زيارة القدس والصلاة بها من الناحية الشرعية.

"لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة" أنعشت هذه المقولة قلبونا مع اندلاع الانتفاضة في التاسع من كانون الأول من العام 1987 وجرى الزج بنا بأعداد هائلة في معتقل أنصار (3) الصحراوي الذي وصفه الشاعر الكرمي عبد الناصر صالح بالقول

هو السجن .. مدرسة للنضالات .. اضبارة للعلاقات ... شمس تخلف أجسادنا .. مضغة للسواد".

ظهرت حركة حماس وأعلن المجلس الوطني الفلسطيني في الخامس عشر من تشرين أول لعام 1988 دولة فلسطين وأذكر كلمات الراحل أبو عمار وهو يقول في المجلس الوطني الفلسطيني بالجزائر " وإنني .. بسم الله وباسم الشعب الفلسطيني أعلن قيام .. قيام دولة فلسطين" ولا زلت أرى مشهد وقوف أعضاء المجلس والتصفيق واطلاق البلالين" ... وانشغل العربان بالحديث عن حال المسلمين في أفغانستان والشيشيان، فيوجه مجلس الشيوخ الأمريكي في العام 1990 الصفعة للعربان باعترافه بالقدس الموّحدة عاصمة "لاسرائيل".

شهر تشرين الثاني ( نوفمبر) شهر غير طبيعي بالنسبة للفلسطينيين، اذ أن معظم الأحداث التاريخية التي عصفت في فلسطين على امتداد أعوام وأعوام

كانت في هذا الشهر "الفضيل" ففي الثلاثين منه عام 1991 أطل علينا مؤتمر مدريد للسلام الذي أطرب الجميع بمقولة " الأرض مقابل السلام" ليعترف بعدها عام 1993 الرئيس الفلسطيني أبو عمار بحق "دولة اسرائيل بالوجود في سلام وأمن ويوقع رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين رسالة يعترف فيها بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطسني" لتتطل علينا " أتفاقيات أوسلو" في الثالث عشر من أيلول لعام 1993 التي تقضي بالاعتراف المتبادل والانسحاب الاسرائيلي على مراحل من الاراضي التي احتلتها عام 1967 واقامة حكم ذاتي فلسطيني محدود لفترة انتقالية مدتها 5 سنوات .. ما زالت الى يومنا هذا.

ثم يأتينا عادل امام في مسرحيته التي يتحدث فيها عن أتفاق غزة أريحا في الرابع من آيار لعام 1994 بالقول " غزّوه وريحوه" بحيث يبدأ انسحاب قوات الاحتلال بالبداية من غزة وأريحا لتحتفل مدينة غزة بعودة الرئيس الفلسطيني الى غزة في الأول من تموز لعام 1994 ويصار الى توقيع اتفاقية "أوسلو" في الرابع والعشرين من أيلول لعام 1995 التي أتحفتنا بتقسم المناطق الى ( A&B&C) بحيث تكون منطقة (A) حيث السيطرة الفلسطينية على فقط 7%.

وبالطبع لم يعجب ذلك الاوساط الصهيونية حيث جرى اغتيال اسحق رابين في الحادي عشر من نيسان لعام 1995. انشغل العربان وقتها بالترحم على هذا الرجل الشجاع مستذكرين رواية الكاتب الرائع حنا مينا " نهاية رجل شجاع" طبعا ... شتان بين الرواية والحادثة. الى أن حلّ علينا الثالث والعشرين من تشرين أول باتفاقية "واي ريفر" حيث وقع رئيس الوزراء بنيامين نتيناهو خطة الانسحاب من الضفة الغربية وقطاع غزّة، لكن ذلك ما كان الا " سرابا" مع تزايد عمليات الاستيطان في الضفة الغربية بمقدار الضعف حتى نهاية العام 1999.

أصر رئيس حزب الليكود أرييل شارون في التاسع والعشرين من أيلول لعام 2000 على زيارة المسجد الأقصى فاندلعت في الوطن انتفاضة الأقصى وظل العربان يصدرون الفتاوى حول أهمية دعم المسلمين في البوسنة والهيرسك

والشيشان وتداعيات اغتيال الزعيم الشيشاني جوهر دودايف عام 1996. مع اشتداد وتيرة انتفاضة الاقصى كان لا بد من "إطفائها" من خلال مفاوضات "شرم الشيخ" في السابع عشر من تشرين أول للعام 2000.

ومن منا ينسى حصار المقاطعة والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في التاسع والعشرين من آذار للعام 2002 ليتبعها في نهاية العام ما سمي آنذاك بخارطة الطريق التي تقترح تسوية "نهائية شاملة" للنزاع مع نهاية عام 2005 وبضمنها تأسيس دولة فلسطينية قابلة للحياة جنبا الى جنب مع دولة إسرائيل ليأتينا شهر آذار من العام 2004 بإغتيال قائد حركة حماس الشهيد أحمد ياسين وتبعه إغتيال خليفته الشهيد عبد العزيز الرنتيسي ثم يفارق الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الحياة في تشرين الثاني من العام 2004 ويتربع الرئيس الفلسطيني محمود عباس " أبو مازن" – حفظه الله – سدّة الحكم في كانون الثاني من العام 2005 وتنسحب قوات الاحتلال في أيلول من ذات العام من قطاع غزة، لتفوز في آذار من العام 2006 حركة حماس في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني وتسيطر في أيلول من ذات العام بالكامل على قطاع غزة بعد إشتباكات مع حركة فتح وتنهار السلطة الوطنية في قطاع غزة مع سيطرة حركة حماس عليه في حزيران من العام 2007.

عندها أيها الأحبة، استيقط العربان وإنشغل البعض منهم بدعم الانقسام ومنذ ذلك الحين والى يومنا هذا ونحن "بين حانه ومانه" منشغلون بالمباحثات لانهاء الانقسام مع تهميش للقضية الفلسطينية دون التقليل من جهود الدبلوماسية الفلسطينية دون أن ننتقص من إنشغال العربان بالدعوات للمسلمين في بورما.

وإن سألت المواطن العادي ان كان يرى آملا بتحقيق الوحدة الوطنية فانه ينظر اليك "شذرا" ان لم يشتمك بأقصى الشتائم لأنك تستخف بعقله.

خلاصة هذا السرد التاريخي أن "بلاد العرب أوطاني .. من الشام لبغدان" قد تمزقت ... وأن شعوبنا العربية قد سحقت سحقا ... وأن الأنظمة العربية كانت ولا زالت تابعة للاستعمار القديم والجديد وأن الشعب الفلسطيني قد شكل على امتداد

التاريخ سدا منيعا بوجه الحلم الصهيوني بانشاء الدولة اليهودية "من النيل الى الفرات" .. وأيضا أنني واحد مهلوس مش عارف لوين بدي أوصلكم في هذا السرد التاريخي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير