ياسمين تطلق حملة في رام الله.. بشجاعتك تواجهين التحرش

28.03.2018 09:36 AM

ترجمة خاصة-وطن: تقود فتاة فلسطينية عائدة من الولايات المتحدة الامريكية، حملة ضد التحرش الجنسي، مستوحاة من حركة "#مي تو" الامريكية. وتهدف الفتاة الى كسر الحواجز المحيطة بهذه الظاهرة في المجتمع الفلسطيني، من خلال رفع الوعي الفردي، والمجتمعي، بهذه الظاهرة.

ياسمين مجلي، فتاة فلسطينية-أمريكية، تشكل القوة الدافعة والمحركة لحركة "# مي تو" الفلسطينية، وفق الكاتب. وقد ولدت المبادرة في زاوية هذا "العالم الأبوي"، وفق مصطلح ياسمين. وترغب ياسمين في تشجيع المجتمع الفلسطيني ككل، وليس النساء فحسب، على مواجهة التحرش الجنسي، الذي تفضل النساء التعامل معه بطريقة سرية، وتجنب اظهاره الى العلن، على اعتبار ان اغلب ردود الفعل ستنعكس على المرأة، رغم انها في موقع الضحية.

تقوم الفتاة ببيع القمصان، والجاكيتات الخفيفة، والسترات القطنية، مع شعار "انا لستُ حبيبتك" و "انا لست فتاتك"، كرد حاسم، وعالي الصوت، ومكتوب (على لسان النساء)، كشكاوى نسائية، في وجه ممارسات التحرش التي تتعرض لها الفتيات في بعض شوارع وساحات الضفة الغربية.

وتقول مجلي، بينما كانت تقوم بتعليق بضائعها على الشماعات في متجر بيع الملابس الخاص بها: "ان ما أقوم به هو إطلاق لحوار، يتجنب الناس الخوض فيه، ويعتبرونه حراما في بعض الأحيان".

وكغيرها من المبادرات الجريئة، واجهت الفتاة البالغة من العمر (21) عاما ردود فعل عنيفة من المحافظين، ومن الكثير من النشطاء الذين يقولون ان "احتلال اسرائيل هو الاولوية الأولى بالنسبة للفلسطينيين، قبل تلك المبادرات". فضلا عن ذلك، لا يرضى والدا ياسمين تماما عن مبادرتها.

يذكر ان والديها ينحدران من احدى القرى الفلسطينية، وهاجرا إلى الولايات المتحدة منذ سنوات، قبل ان يعودوا الى الضفة الغربية، في العام 2013.
وقالت ياسمين، التي عادت الى الضفة الغربية، في العام 2017-بعد تخرجها من "جامعة نورث كارولينا"، في مدينة "غرينزبورو" الامريكية، في تخصص "تاريخ الفن"-انه "يجب على ان اتحقق من انوثتي عند باب البيت، في كل مرة اعود فيها الى البيت، كي أكون في سلام مع والدي ووالدتي".

وتضيف مجلي، ان عملية البدء بمناقشة قضية تحرش جنسي، مع الناس، او حتى مع نشطاء اخرين، تعتبر امرا في غاية الصعوبة. وهذا عكس القبول والتجاوب الذي تلقاه مبادرة "مي تو" في الولايات المتحدة، حيث تُقبل الضحايا من النساء والفتيات على الحديث، وبأعداد متزايدة.

الفوارق الثقافية تتطلب نهجا مختلفا

على الرغم من ان النساء في العالم العربي قد قطعن خطوات واسعة نحو المساواة، فاق عدد الرجال في العديد من الجوانب، مثل التعليم الجامعي، وزيادة الالتحاق بقوة العمل، إلا انهن ما زلن يكافحن للخروج من قيود "السلطة الأبوية".

وتحدد المجتمعات العربية التقليدية أدوارا جامدة للجنسين، مع منح الرجال صفة "الوصي" على قريباتهم. ولهذا، فانه يحظر على الذكور والاناث إقامة علاقات صداقة أو جنس خارج إطار الزواج. وفي العادة، تتعرض النساء اللواتي ينتهكن قواعد الالتزام هذه إلى نبذهن من قبل الاهل والاقارب. وفي الحالات القصوى، يقدم الأقارب من الذكور على قتل النساء، معتمدين على التساهل الذي تتعامل به المحاكم الفلسطينية مع جرائم قتل النساء.

وتتجه القواعد والمحددات امام النساء لتصبح أكثر مرونة في المدن. ولكن، حتى في مدينة رام الله، التي يكثر فيها الأجانب، ينبغي على النساء جميعهن تلمس خطواتهن والانتباه الى كل ما يحيط بهن.

وقالت وفاء عبد الرحمن، التي تشرف على مجموعة مغلقة للصحفيات عبر موقع " فيسبوك"، إن النساء يتعرضن للوم الشديد إذا شكون. وأضافت: "ان اللوم سياتي بالتأكيد، سواء فعلتِ شيئا خاطئا، أو حتى أعطيتِ إشارة خاطئة. كما أنكِ قد تكونين معرضة للوم على اللباس الذي تلبسينه، وربما على الطريقة التي تتحدثين بها".

وقالت الطالبة الجامعية نادين موسى، (22) عاما، انه لم يسبق لها ان مرت في وسط مدينة رام الله دون ان تتعرض للمضايقات الشفهية. واضافات انها لا تواجه مثل هذه المضايقات في الاحياء البعيدة عن وسط المدينة، وان الحرم الجامعي الذي تدرس فيه يعتبر امنا نسبيا، رغم انه مختلط.

وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية، لؤي ارزيقات، ان الشكاوى المتعلقة بالتحرش في الشوارع قليلة جدا، حيث تخشى النساء عواقب الشكاوى ان تقدمن بها، مثل احتمال وقوع شجارات دموية بين اقاربهن من الذكور والأشخاص الذين يضايقوهن في الشوارع.

وأضاف ارزيقات ان طبيعة الابتزازات التي تصل الى الشرطة كشكاوى من النساء، تعود الى مضايقات عبر الانترنت. وان العام 2017 شهد تسجيل (2,000) شكوى تتعلق بابتزاز ومضايقة نساء عبر الانترنت.

وان حوالي ثلث هذه الجرائم الالكترونية تدور حول ابتزاز الرجال للنساء، لأسباب جنسية او مالية. وعادة ما يهدد المُبتَز الضحية بنشر صور لها على الانترنت. علما ان تلك الصور قد تكون عادية عند غيرها من النساء، او عند أناس كثيرون، مثل صورة للمرأة بدون غطاء الرأس.

وفي هذا السياق، قالت أمل خريشة، مؤسس جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، والتي تتطوع لها الناشطة ياسمين مجلي، أن "النساء لا يتمتعن بالحماية القانونية، على الرغم من التحسينات التي تمت مؤخرا، مثل إنشاء وحدة الجرائم الجنسية في جهاز الشرطة الفلسطينية".

وأضافت خريشة، ان اصلاح قانون العقوبات، ليشمل موادا عقابية ضد التحرش اللفظي، قد تعثرت بسبب جمود المجلس التشريعي الفلسطيني، نتيجة الانقسام المستمر منذ أكثر من عقد من الزمن. واضافت: "كل ما يدور من حديث حول مساواة المرأة، وضمان حقوقها، ما هو الا كلام لا يتجاوز الشفاه".

وأضافت، انها شهدت تغييرات تدريجية على سلوك النساء بخصوص الإبلاغ وتقديم الشكاوى. وان الكثير من النساء يتوجهن الى جمعيتها، وبشكل متزايد، من اجل الحصول على المشورة. وفي متابعتها لهذه الشكاوى، احالت جمعيتها ما لا يقل عن (200) شكوى إلى الشرطة الفلسطينية خلال العامين الماضيين، مقارنة بعشرات الشكاوى فقط قبل ذلك بسنوات.

تختلف المضايقات ضد النساء في الشوارع من بلد عربي الى اخر
ففي مصر، ما تزال ظاهرة المضايقات منتشرة على نطاق واسع النطاق، رغم الضغط الذي مارسه المجتمع المدني، وقانون العقوبات لعام 2014، الذي يحكم بالسجن لمدة تصل الى (5) سنوات على من يقوم بمضايقة امرأة في الشارع. وقد وصف البعض القاهرة بأنها المدينة الأكثر خطورة على النساء في العالم.
اما في منطقة الخليج العربي، فتعتبر ظاهرة مضايقة النساء في الشوارع أمرا غير شائع نسبيا، حيث تقيد الأعراف الدينية والقبلية طبيعة التعامل بين الرجال والنساء غير المتزوجين.

وفي السعودية، على وجه التحديد، أصبحت مجمل القضية محل نقاش جديد، حيث تستعد النساء لقيادة السيارات، للمرة الأولى، في شهر حزيران من العام 2018، بعد رفع الحظر الحكومي على القيادة النسائية للسيارات.

وفي الضفة الغربية، تقوم ياسمين مجلي بمتابعة نشاطها الذي تسميه "فعل الآلة الكاتبة"
فقد شوهدت كثيرا وهي تجلس خلف طاولة على دوار الساعة في رام الله، بينما كانت تدون ملاحظاتها على آلة كاتبة موصولة الى جهاز كمبيوتر محمول (أي كانت تقوم بالطباعة على الكمبيوتر، ولكن من خلال الة طابعة يدوية، لجلب الاهتمام عبر الصوت الناتج عن الطباعة). وبينما كانت على تلك الهيئة، كانت النساء يجلسن قربها لقص رواياتهن عن المضايقات التي يتعرضن لها. وأضافت ياسمين ان نشاطها هذا يهدف الى توثيق شكاوى النساء، كما يهدف الى جلب الدعم والحشد لتمرير القوانين اللازمة لحماية المرأة.

فكرة تصميم ملابس تحمل رسالة نسوية
تضيف ياسمين ان تلك الفكرة نشأت بينما كانت في الجامعة، حيث لبست جاكيتا يحمل عبارة "لستُ حبيبتك"، واخر يحمل عبارة "لستُ فتاتك". وارادت منهما ان يعكسا جذورها العربية، كي يبتعد عنها الشبان. وفي وقت لاحق، من العام 2017، نشرت ياسمين صورة الجاكيت على الانترنت، بمناسبة يوم المراة العالمي، مما أثار انتباه متصفحي الانترنت، كما اثار اهتمام الكثير من المُشترين المحتملين.

وفي شهر اب 2017، أطلقت ياسمين شركة "بيبي-فيست"، وباشرت عملها عبر ورش عمل في غزة والضفة الغربية، لإنتاج وبيع القمصان والجاكيتات والسترات التي تحمل الرسائل التي تنقل فكرتها. وتقدر ياسمين انها باعت ما يقارب (500) قطعة عبر الانترنت، مع حوالي (70%) من المبيعات في الشتات.

ويتوقع بعض المشككين تأثيرا محدودا لمبادرة ياسمين على المجتمع الفلسطيني. فقد قال نادر سعيد، وهو خبير استطلاعات راي فلسطيني، "ان السياق الفلسطيني العام مزدحم بقضايا أكثر إلحاحا، مثل الاحتلال الإسرائيلي، مضيفا ان المستطلعين يضعون في العادة موضوع حقوق المرأة في نهايات قائمة الأولويات تقريبا.

وعلى النقيض من نادر سعيد، هتف أحد النشطاء، ويدعى عبد الرحمن، تأييدا لياسمين مجلي قائلا: "انا منفتح على كل ما اتيتِ به الى هنا، ولقد ان الأوان لان نفتح هذه الخزانة المظلمة، التي كنا نفضل الاختباء فيها، والادعاء ان كل شيء على ما يرام، بينما هو ليس كذلك. دعونا نفتحها، ونرى ما يخرج منها".

"ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع "واي نت" بالإنجليزية"

تصميم وتطوير