نادية حرحش تكتب لـوطن: لا عودة لما يمكن ان يكون عودة.. ويوم ارض جديد

29.03.2018 10:17 AM

تناقلت بعض المصادر خبر عزم حراك شبابي في غزة للخروج في مسيرة العودة هذا العام، وفي ذكرى النكبة أو يوم الارض باتجاه الحدود، تحت عنوان "العودة من غزة"، هذه المبادرة خرجت على غرار مسيرات العودة سنة 2011 من الحدود السورية واللبنانية، حيث نجح بعض الشبان بالدخول والوصول الى يافا وغيرها من المدن حينها.

فكرة العودة من غزة تجسد الكثير من المعاني والأهمية، في نهاية الأمر يعيش في غزة اكثر من 70 بالمئة من السكان اللاجئين من المدن الفلسطينية والقرى المجاورة. وبعد 70 عاماً من اللجوء، لا يزال الانسان في غزة يأمل في عودة رغم محاولاته المستميتة للبقاء على الحياة. وقد يكون حلم ابن غزة اللاجئ بالعودة أقرب إلى الأسى من ذلك اللاجئ وراء الحدود وعلى بعد مئات والالاف الكيلومترات، ولا يمكن الا أن يفكر المرء بمأساوية الحياة في غزة تحت سنوات من الحصار الخانق والعدوان المتكرر والانقسام الذي زاد على بؤس الشعب بؤساً.

مع هذا، يخرج من غزة من لا يزال يحلم بالعودة...

لم لا ... والملاذ الأقرب للحياة في غزة يحتاج الى الاف الدولارات من اجل فرصة محتملة للمرور من المعبر الوحيد المتاح مع حدود مصر، او نفق يخاطر به المرء اكثر بما يمكن ان يكون حياة بالاصل.

في ظل حياة لا يزال الإنسان في غزة يستجمع نفسه من خراب العدوان السابق، ويناضل يومياً من أجل جمع قوت يومه، ويعيش على بعض من الكهرباء وبعض من الموارد الشحيحة في كل شيء، وخصام لدود بين شقي السلطة على ما تبقى من فتات يرمى لغزة ، واستباحات إسرائيلية لا تتوقف، يخرج من غزة مبادرة كهذه.

تضعنا غزة دائما أمام انفسنا لنرى ضعفنا وبؤسنا.

غزة المحاصرة من كل الإتجاهات، والمنتهكة ،المستباحة على كل الاصعدة، لا يزال أبناؤها يبذلون من الأمل نهج حياة.

رمزية المسيرة في حد ذاتها، وفي الذكرى السبعين للاحتلال، الذي يعد العدة لاحتفالات دولية بهذه المناسبة. أمام غياب المبادرات او حتى التفكير بما يخرج عن النمط الثابت من الإمان في الحراك في شقوق الوطن الاخرى. مبادرات ومسيرات ان خرجت لا تخرج عن خطوط الامان والخطابات الفارغة والخوف القابع في داخلنا من الاحتلال ومن يواريه.

ولكن قبل أن تعرينا غزة بمسيرتها، قامت إسرائيل بخطوة احترازية. وحاولت ان تدفن المبادرة في أرضها وقبل يوم المسيرة، على ما يبدو احتقانا لبعض الدماء ولو مرحلياً، خصوصا ان اسرائيل تعد العدة لإحتفالات سيأتي اليها شخصيات من أنحاء العالم، فنقلت جريدة "إسرائيل اليوم" العبرية، خبرا مفاده أن اجتماعا (بدعوة من إسرائيل) مع حماس وفتح ومصر وغيرهم حصل من أجل عمل اللازم من قبل الأجهزة المحلية المختلفة.

لا داعي للتفاصيل اكثر..

في نهاية الأمر ، قد يكون من الأفضل دفن المسيرة قبل خروجها ، لكي لا يضيع المزيد من الأبناء الأبطال، ويستفيد من دمائهم من يبيع ويشتري بهذا الوطن.

قد يكون الشبان هؤلاء مجموعة من السذج، لمجرد حلمهم بالعودة، أو ريما الأصح لمجرد تفكيرهم بالخروج في مسيرة من غزة نحو الحدود. وقد يستطيع من تولوا أمر هذا الوطن التنازل أكثر إن بقي ما يمكن التنازل عنه، ولكن سيبقى هذا الوطن عامرا بأولئك الحالمين بعودة ...

كل نكبة ونحن على وطن حالمين..

وكما كان يوم ارض هبت فيه الجماهير قبل خمسة عقود، فان الدماء التي تجري في العرق الفلسطيني الأصيل ستعيش أيامها وسنواتها وعقودها من اجل يوم تفتخر هذه الارض فيه بأبنائها المخلصين..

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير