الاحتلال يروج لفصل غزة عن الضفة: يجب الاعتراف بدولة حماس في غزة

29.03.2018 01:39 PM

ترجمة خاصة-وطن: كتب الجنرال احتياط جيورا ايلاند، رئيس مجلس الأمن القومي السابق في دولة الاحتلال، على موقع "واي نت بالإنجليزية":

يبدو اننا على وشك بداية مرحلة جديدة من الاحداث والفعاليات، ذات الطابع الأمني، في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي الوقت الذي تعتبر فيه المنطقتان مرتبطتين ارتباطا وثيقا واساسيا بنظر الفلسطينيين، وخصوصا من وجهة نظر حماس، ومنظورها الاستراتيجي، الا ان بينهما اختلافات أساسية بيّنة وواضحة، مما يجعلهما بحاجة الى مواقف ومعالجات مختلفة، لكل منهما.
يبقى الوضع في الضفة الغربية وقطاع غزه مستقرا على حاله، حيث انه ليس من المتوقع حدوث أي اختراق دبلوماسي-ما لم يفاجئنا رئيس الولايات المتحدة الامريكية، دونالد ترمب بمفاجأة ما، من مفاجآته.
ولهذا، فان كل ما يمكننا علمه هو متابعة العلاقات السياسة القائمة حاليا، والتي تستند بالأساس على التعاون الاقتصادي والأمني بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وإذا كان هناك ثمة دروس يمكن الخروج بها من سياقات الاحداث الأخيرة، فهي دروس ذات طبيعة تكتيكية بالأساس، وغير استراتيجية.

ففي قطاع غزة، تعتبر الامور مختلفة هناك، وتستوجب الأوضاع تقديم مبادرة إسرائيلية تساهم في "حلحلة" الأمور هناك، دون تقريب غزة من الضفة الغربية. فالوضع هناك غير مستقر، وقد يسوء ويتدهور، او ينقلب في اية لحظة. وقد يكون الانفجار على شكل عملية عسكرية، كعملية الجرف الصامد، وقد يكون السيناريو ابعد من ذلك، وأكثر تعقيدا، كأن تخرج احتجاجات جماهيرية حاشدة تهدف الى اختراق السياج الفاصل، والعبور نحو إسرائيل، وفق مصطلح الكاتب.

الطريقة التي يجب علينا التعامل بها مع غزة
ويضيف الكاتب، هناك فرق بين الطريقة التي اعتدنا ان ننظر بها الى غزة، والطريقة الصحيحة التي يجب علينا التعامل بموجبها مع غزة. ويجب ان تستند هذه الطريقة على ثلاثة أفكار رئيسية هي:

(1) الفكرة الأولى ترى ان غزة كانت، وما تزال، بمثابة دولة مستقلة بحكم الواقع، منذ (11) عاما: حيث ان الدولة تمتلك أربع خصائص هي: ان تقع في منطقة محددة جغرافيا، وان تكون لها حكومة مركزية فعالة، وان يكون لها سياسة خارجية مستقلة، وان تمتلك جيشا خاصا بها وتديره بذاتها. وفي هذا السياق، يتوفر في حكم حماس في قطاع غزة الخصائص الأربع جميعها، ودون نقصان.

(2) الفكرة الثانية تتعلق بطبيعة المصالح: فعند تفحص تلك المصالح وتحليلها، يتبين انه ليس لدى إسرائيل اية مصالح سياسية، او اقتصادية، او جغرافية تتعلق بغزة. وكل ما تريده إسرائيل هناك هو المحافظة على مصالحها الأمنية دون مساس، وان تبقى المنطقة هادئة تماما. وعلى النقيض من ذلك، فان الرؤية بعيدة المدى لحماس، ومصلحتها الاستراتيجية تكمن في تدمير إسرائيل. اما مصلحتها على المدى القصير، فتركز كل جهودها فيها على احكام سيطرتها على غزة، والمحافظة على هذا الوضع.
ولهذا الغرض (أي حماية مصالحها قصيرة الامد)، تسعى حماس الى توظيف الشرعية الدولية لحمايتها، وتوفير المساعدات المالية والعينية العاجلة، لضمان ولاء سكان القطاع. ولهذين السببين، لا يوجد تناقض حقيقي بين مصالح إسرائيل من جهة، ومصالح حماس المباشرة، من جهة أخرى.

(3) الفكرة الثالثة ترى انه لا يمكن إعادة اعمار غزة طالما ان هناك إصرار على تحويل الأموال عبر السلطة الفلسطينية: فالرئيس الفلسطيني، محمود عباس، غير مهتم بإعادة اعمار القطاع، وفق الكاتب. بل انه أكثر حرصا على اسقاط حكم حماس في القطاع، وليس لديه أي تنازل عن ذلك، ولو كان على حساب مليوني شخص يعيشون بؤسا مشهودا في القطاع، وفق الكاتب. كما انه ليس لدى محمود عباس اية مشكلة في اندلاع نزاعات عسكرية جديدة بين إسرائيل وحماس، فهو يراها "نزاعات بين عدوين له"، وفق مصطلح الكاتب.

والاستنتاج الوحيد من هذه الأفكار الثلاث واضح، وهو: ينبغي على إسرائيل تغيير سياستها، والاعتراف بحقيقة وجود دولة مستقلة حقيقية الى جانبها، وتقع على حدودها، اسمها غزة، وان حكومة تلك الدولة (غزة) قد انتخبت أيضا بطريقة ديمقراطية نسبياً.
فضلا عن ذلك، من الأفضل لإسرائيل تشجيع الدول الغربية والعربية على الاستثمار في إعادة إعمار غزة. فكلما تم بناء المزيد من محطات توليد الطاقة، ومحطات تحلية المياه، ومشاريع الصرف الصحي في غزة، كلما زادت سيطرة حكومة حماس على غزة.
ويضيف، "أنا على دراية ووعي، بالادعاء القائل بأن حماس ستقوم باستخدام المساعدات لإنشاء المزيد من الأنفاق. لكن وجهة نظري انا مختلفة. حيث تقوم حماس بإنشاء الانفاق منذ سنوات بسبب تجاهلها، وعدم إجراء مفاوضات معها. ولأن الأموال والمواد لا يتم نقلها مباشرة لحماس، او من خلالها. ولهذا فهي تستولي على المواد لتقول انها تسيطر على كل شي، وانه لا يوجد من هو قادر على منعها من البناء".

ويضيف، انه إذا تم الاعتراف بحكم حماس كدولة فعلية في غزة، وإذا وقّعت على اتفاقيات تدعو إلى رقابة صارمة على مواد البناء، والخرسانة، وكافة المواد الأخرى المرسلة الى القطاع، فإن ذلك سيقودها الى الاستثمار بشكل أكبر في البنية التحتية المدنية.
ان الشرخ السياسي الذي فسّخ الكيان الفلسطيني الى جزأين، الضفة الغربية وقطاع غزة، اوجده الفلسطينيون أنفسهم، وليس إسرائيل. ولهذا، فانه ليس من مسؤولية إسرائيل، باي حال، توحيد هذين الجزأين وتحويلهما الى دولة واحدة. ومن الأفضل لإسرائيل تبني سياسة العصا والجزرة في مواجهة "الدولة المستقلة" القائمة حاليا في غزة (أي حماس)، بدلا من تهديدها بالعصا وحدها، على أمل أن تتعامل مصر أو عباس بإيجابية مع موضوع إعادة الاعمار في غزة.

 

ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع "واي نت" بالإنجليزية

تصميم وتطوير