مجلس الأمن.. تصوير الاغتصاب والانتحار

02.04.2018 10:26 AM

كتب: حمدي فراج

ن يشيد نتنياهو بشجاعة وبسالة جنوده الذين ارتكبوا مجزرة يوم الارض بحق الفلسطينيين ، فهذا أمر نستطيع ان نفهمه ، فالرجل عوضا عن انه يشكل هرم هذه الدولة الاحتلالية ، يعيش أزمته الخاصة المتعلقة بسلسلة تحقيقات بدت كأنها لن تنتهي حول قضايا فساد ورشى وخيانة الامانة طالت زوجته وابنه ، فكيف سيستنكر ما قام به جنوده.

و ان يرفض ليبرمان اجراء اي تحقيق حول هذه المجزرة ، فهذا ايضا شيء نستطيع ان نفهمه ، وخاصة ان مثل هذه الدعوة لاجراء مثل هذا التحقيق ، لم تصدر عن جهات دولية رسمية وازنة ، ولا عن دولة عربية كبيرة كمصر او السعودية التي تربطهما باسرائيل علاقات ولقاءات آخرها فتح المجال الجوي السعودي امام الطيران الهندي الى تل ابيب . الدعوة صدرت عن حزب اسرائيلي صغير يدعى ميرتس ، رد عليه ليبرمان ان يذهب الى العيش في رام الله .

لكن أن يرفض العالم من خلال ممثليه في المحفل الدولي ، اصدار بيان ادانة لهذه المجزرة التي لا تقتصر رهبتها وحقارتها على هذا الكم الكبير من الجرحى والشهداء  ، فقط ، بل على سلميتها ، إذ حرص منظموها دعوة مشاركيها عدم استخدام اي وسيلة عنف حتى رشق حجارة لا تصل ، ولا حتى ارتداء اي زي عسكري ، والاهم من ذلك الاعلان المسبق عنها وبرامجها وخطوط سيرها باسبوعين كي تأخذ اسرائيل اجراءاتها اللازمة ، والتي يفترض ان تكون حمايتها وسلامة المشاركين فيها خاصة ان فيها اطفال ونساء وشيوخ بعشرات الالاف ، أما وان هذا لن يكون ولا بأي حال من الاحوال ، فعلى الاقل تجنب ارتكاب مجزرة على الشاكلة التي حدثت .

يشبه الى حد كبير عدم اصدار بيان ادانة في مجلس الامن ، ما تناقلته وسائط التواصل الاجتماعي عن مصور مغربي قام بتصوير عملية اغتصاب فتاة في الشارع، لتصبح جريمة التصوير اشد وطأة من جريمة الاغتصاب ، وكان بالتالي وقعها على ذوي الضحية أكثر اثرا وعمقا وألما ، لانهم لم يكونوا ليصدقوا ان يرى احدهم ابنتهم يتم اغتصابها على يد  وحش آدمي ، و لا يقوم بانقاذها او مساعدتها ، لأنهم في هذه الحالة يتجاوزون انهم امام الوحش الى انهم وسط الغابة التي تعج بالوحوش ، وهذا يذكرنا بالامريكي الذي اراد الانتحار باشعال النار في نفسه ، فاتصل بمصور صحفي معروف ، وافاه على الموعد ، ولما رأه المصور مترددا بعض الشيء ، أخذ يحثه على المضي قدما في عملية اشعال النار في نفسه كي يفي بوعده الذي قطعه أمامه ، حتى أقنعه وصوره .

مجلس امن لا يستطيع اصدار بيان ادانة "معتدل" إزاء مسيرة شعب في ذكرى مجزرة يوم من تاريخ نضاله "يوم الارض" ، هو اشبه بالمصور المغربي والصحفي الامريكي ، لا يمكنه منح الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله ، لا ولا ان يهب لتقديم الحماية الدولية له كما بدأ البعض يتشدق مؤخرا  .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير