مسيراتُ العودة المُستمرة، الرَّدُ المُزدوج على اجراءات الاحتلال وأصوات التطبيع والاستسلام

06.04.2018 08:55 PM

كتب نزار الهسكوري : عقدت جماهير الشعب الفلسطيني اليوم بقطاع غزة قِمَّتها للأسبوع الثاني على التوالي واستبقت بذلِك قِمما يعتزمُ العرب تنظيمها، كقِمة جامعة الدول العربية.

هذه الجماهيرُ ردَّت على الأمير محمد بن سلمان، ورئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم ال ثاني وجميع الأصوات التي باتت تنادي جهراٌ بما تسميه "حق اليهود بأرض فلسطين " ، حتى أن قطر والسعودية التي اختلفت على كُلٌّ شيء أجمَعَت على كسبِ وِد العدو الاسرائيلي .

جماهير الشعب الفلسطيني جدَّدت موقفها الصريح في وجه الاسرائيلي أولاٌ ثًم في وجه من سبقّ ذكرهم، فأعلَنت أن العودة حقٌ ثابتٌ ولا عودة عنهُ ,وأعلنت رفَضها الصريحَ لمؤامرات ابن سلمان وكافة مشاريع التصفية التي تُحاكُ في السِّر والعَلن لإجهاض واحتواء الحركة النضالية والثورية، فقد مضى زمن الوصاية العربية، أردُنية، مِصريةٌ، سعودِيةٌ والجميع بات يُدركُ أن كل من ذٌكر قد سقطت وصايتُه مع أخد الفلسطينيين لزمام المُبادرة ، هذه الوصايةٌ التي أجهضت ثورة 1936 على سبيل المثال لا الحصر ، وحاولت فرضّ مشاريع يرفضها الشعب الفلسطيني، من مشروع المملكة المتحدة ، ومحاولة اقامة دولة فلسطينية على جزء من أرض فلسطين ,والحلول المرحلية الوهمية التي بنتها البرجوازية الفلسطينية اليمينة ,والتي سقطت منها المبادرة أيضاً .

من خلال هذا الزخم الثوري الناهض والذي أبرز بطولاتٍ ، من مشهدِ زرع الأعلام الفلسطينية عند الخط الزائل، تحت نيران قنًّاصة العدو، ومشهدِ وصول الفتيان والفتيات الى هذا الخط، ومشاهد جمع الاطارات على مدار أسبوع كامل وإشعالها لتضليل وحجب رؤية ورماية قناصة ونيران العدو .

هذا الزخم وهذه الأساليب دخلت اليوم فصلاً نوعياً جديداً ,حيث أن هذه التحركات تنطوي أيضا على بذور ضغط على القيادات الفلسطينية المُهادِنة بشكلٍ أو بآخر والمُنقسِمة على نفسِها , هذه التحركاتُ تجاوزت اليوم هذه القيادات ,وتجاوزت معها الانقسام القاتِل , وجرفت معها الكثير من الأطروحات الاستسلامية والمواقف المتذبذبة ,وزجت وأيقظت مختلف القطاعات الشعبية الفلسطينية ,كما وضعت جماهير الشعب الفلسطيني بقطاع غزة تحديداً على عتبةِ مواجهةٍ والتحامِ مُباشرٍ مع جنود العدو الاسرائيلي ,وعليه فان اللحظة يقودها الشُّبان الموجودون ميدانياُّ والذين يقودون المواجهة ,مع الأخد بعين الاعتبار العوامل الذاتية والموضوعية ومقدرة هذه العوامل على الاستجابة ,ومن هذه العوامل الاستفادة من المزاج الشعبي الفلسطيني وتوظيف طاقاته ,وهذا المزاج الشعبي هو أحد اشتراطات استدامة هذا العمل المتمثل بمسيرات العودة والتي من المخطط استمرارها مع سقفٍ من السلمية حتى مسيرة العودة الكبرى بالخامس عشر من أيار في ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني ,والتي ستترافق هذه السنة مع نقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية وما يمَثِّلهُ هذا الحدثٌ من خطورةٍ وتحدٍّ للشعب الفلسطيني والأمة العربية والاسلامية .

اليوم تدخل تحركات الشعب الفِلسطيني هذه أسبُوعها الثاني على التوالي ,ولا تزال بنفس الزخم والإصرار على المُواصلةِ والاستمرار ,اليوم عقد الشعب الفلسطيني قِمَّتهُ ,وأصدَر حُكمه على مشروعِ صفقة القرن ومُختلفِ المشاريع المُشابِهة "العودةُ حقٌّ مُقدسٌ ومِن الثُّوابتِ التي لا تنازُل عليها ولا تفريطَ بِها "

"ان المظاهرات التي شهدها قطاع غزة خلال الأيام الماضية منذ الجمعة ,لم تقُل كلِمتها الأخيرة بعد ,وستعمل في الأيام القادمة على الاحتكاك بجنود الجيش المنتشرين على الحدود "

هذه العبارات التي صرَّح بها الخبير العسكري الصهيوني "يواف ليمور" بصحيفة "اسرائيل هيوم" انما تؤكد جدِّية التحدي والخطر والتهديد القائم على العدو مع صعوبة التعاطي معها ,وهي تًظهرُ قناعةَ لدى العدو ,يبدوا أن بن سلمان وحمد بن جاسم لا يمتلكونَها وقد تعوَّدنا على ذلِك في تقديراتِهم لعدوانِهم على اليمن وسورية على حدٍّ سواء ,فالعدو بتقديراته هذه يُقرُّ بأن مُختلف محاولاته العنيفة للقضاءِ على مسيرات العودة على مدار الأسبوعين لم تنجح في وأدِ هذه الأخيرة ,فهذه الحالة الشعبية باتت جزءا من البرنامج اليومي للشعب الفلسطيني بقطاع غزة ,وعليه فان التخوف هُنا ليس من اجراءات ليبرمان الوحشية ,بل في ضعف الحماية السياسية لهذه التحركات ,على قاعِدة قطف ثمار ما تحقَّق حتى اللحظة والاستثمار السريع لما تحقق ,فقد تعودنا على الاستعجال لدى بعض الأوساط الفلسطينية ,فلا يُمكن أن نعتبِر أن الحدَّ الأقصى لمسيرات العودة هو "كسبُ التعاطف الدولي" أو "اثبات سلمية الشعب الفلسطيني" كما تردَّد كثيراً على لسان بعض الأوساط ,فهذه المواقِف قد تخلق البلبلة وتُضعفُ هذه الحالة الثورية التي أثبتت مدى استعدادِها للتضحية .

وبناء على ذلك فان المطلوب هو تجذيرُ هذه الحالة من خلال عدم السماح للعدو على التكيُّفِ مع مستوى معيَّنٍ من هذه التحركاتِ ,فقد نجحت القيادات الميدانية الشبابية التي تمتلك زمام المبادرة من ابتكار أساليب جديدة من "احراق الكوشوك ,التمويه من خلال المرايا ,استخدام الخيام بشكل دائم ..." ,ولا ينبغي أن يتوقف زخم هذا التطور في أساليب الاحتكاك مع العدو على الحدود الزائلة لقطاع غزة ,ليبقى للطور التأسيسي الكلمة الفصل في تطوير هذه الأخيرة .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير