خالد البطراوي يكتب لوطن هلوسات وطن: حقا قام

09.04.2018 08:54 AM

وطن:  أعتقد أيها الأحبة أن حالة التخبط لدينا إزاء المناسبات الدينية المسيحية قد فاقت حدها ما يستوجب " الحكي بالمرشبح" كما يقولون.

المسيحيون في بلادنا هم إخوتي وأخواتي وأهلي وربعي وعشيرتي وتاج راسي شأنهم شأن المسلمون. تربينا معا ونعيش جيران معا وتحملنا ما تحملناه من معاناة معا، نتنفس الهواء الذي يتنفسونه ونعشق الأرض التي يعشقونها ونحافظ على كنائسهم ومساجدنا وقدسنا وقدسهم.

منا ومنهم الشهداء والجرحى والاسرى ومقاتلو الثورة، لم يصدف يوما في حياتي ولن يصدف أن أسأل رفيقا لي "هل أنت مسلم أم مسيحي؟"، أشاركهم ويشاركونني أفراحهم وأتراحهم ... وأفرح لفرحتهم وأحزن لأحزانهم، ولا زلت أرى المطران إيلاريون كبوشي مكبلا بالسلاسل في السبعينات وأذكر كيف حملنا على أكتفانا المرحوم القسيس عودة رنتيسي وسرنا به في شوارع رام الله والبيرة نردد "رام الله بنعمرها ... إسلام ومسيحية " ردا على محالاوت تفرقتنا من قبل الاحتلال.

من كان منكم يظن أن قضية الدفاع عن الأقصى إنفرد بها المسلمون من الفلسطينيين فهو خاطىء، ومن كان يظن أن المسألة العربية الأرثودكسية في فلسطين هي شأن مسيحي داخلي .. فهو أيضا خاطىء. ان مهمة التصدي لعمليات بيع وتهريب الأراضي الوقفية الأرثودكسية في فلسطين مسألة يجب التصدي لها من قبلنا جميعا دون إستثناء، فلنا صوت الحياة الأول، كما يقول الراحل محمود درويش. إن إستقبال البطريرك الذي سرّب وباع الأراضي الى الاحتلال من قبل رسميين فلسطينيين مسألة تستحق ليس فقط التوقف عندها، بل والاعتذار.

لم يعد مسموحا أن نعلن العام الماضي عطلة رسمية في مناسبة دينية مسيحية ثم نتراجع عنها في العام الذي يليه. لم يعد مسموحا أيضا أن نشعل قنديل رمضان في رمضاننا ... وتحت مبرر الأوضاع المتوترة مع الإحتلال ... أن لا نضىء شجرة الميلاد. رمضاننا هو رمضانهم فهم يحترمون مشاعرنا الدينية، وأعياد ميلادهم هي أعياد لنا أيضا ويجب أن نحرص على  إحترام مشاعرهم أيضا لأننا ببساطة منهم ولأنهم منا.

وأنتم، يا نصفنا الثاني أقدر عاليا رجاحة عقولكم وسعة صدركم وسعيكم لتفويت فرص التشرذم والتشتت، لكنني في ذات الوقت أدعو من يصمت منكم على قول كلمته وأن يقولها " بملْ الفم" .. فلا أحد "يمن عليكم " هنا ، وأدعوكم الى عدم التردد أو التراخي في تنفيذ شعائركم الدينية ولا " تلتمسوا لنا عذرا" فإن حالة التخبط هذه التي تسود قرارتنا تجاهكم تجعلنا نخجل من أنفسنا وأراني أعتذر لكم عن نفسي وعن عائلتي (على الأقل). لقد ألمنى جدا ما كتبته زميلتي المهندسة على صفحتها قائلة " لا إحنا مش إكسسوار ...  إحنا أهل وحراس هالدار " .. تألمت لأنها تعبر بمرارة عن كيفية شعورها إزاء حرمانها وحرمان عائلتها من إعتبار عيد الفصح المجيد .. عطلة رسمية لهذا العام. فعلا ... هم أهل وحراس هذا البلد ولا يجب أن يشعر أحدا منهم أنهم " أكسسوارات" أو "ديكور" نتغنى به دوما تحت شعار لا نطبقه عملا ... نتغنى به قولا فيما يتعلق بالتعايش الديني في بلادنا.

إن الرواية الفلسطينية لصراعنا مع الاحتلال والصهيونية هي رواية مسيحية إسلامية بامتياز وعلينا أن نكرسها دوما قولا وفعلا وذلك يربك الاحتلال الساعي دوما الى ترسيخ روايته في المحافل الدولية.

إنني أضم صوتي الى صوت مجلس الكنائس الذي يدعو الجهات الرسمية الفلسطينية الى إعتبار الأعياد المسيحية أعيادا وطنية رسمية شأنها شأن الأعياد الاسلامية وذلك ليس " ديكورا" بل قناعة راسخة بالتلاحم المسيحي الاسلامي في فلسطين وتعميقا للنسيج الاجتماعي وتكريسا لثقافة إحترام الآخر وتحديدا لدى الجيل الجديد، وفي مواجهة ثقافة الظلام التي يراد لها أن تسود في وطننا العربي والاسلامي تغيبا لثقافة التنوير.

الشهيد كمال بطرس إبراهيم يعقوب ناصر أحد قيادي الثورة الفلسطينية وأحد شهداء عملية فردان عام 1973 حيث تعرض للإغتيال هو والشهيد كمال العدون ومحمد يوسف النجار كان ملهما لنا في نضاله وإستشهاده وأشعاره ومن بينها ما ردده
لن نبكي
لقد أخرسنا الدموع
وأنطوت الضلوع على الآسى
فخرا وكبرا
من سار في درب العلا
لا بد أن يموت
لأننا في موتنا
نستلهم الحياة
نحقق الحياة
ونخلق الحياة
من العدم

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير