في ذكرى قيام دولة الاحتلال، الحلم الصهيوني ينقلب الى فاشية

16.04.2018 03:25 PM

ترجمة خاصة-وطن: تحتفل  دولة الاحتلال  بمرور (70) عاما على قيامها. وسيكون هذا الحدث كبيرا وبارزا، من عدة جوانب، وخصوصا إذا ما نُظر الى الصعوبات التي واجهتها إسرائيل منذ العام 1948، وفق مصطلح الكاتب. ومن الواضح الان ان "الحلم الصهيوني" قد أصبح حقيقة واقعة، وان الجنة التي طال انتظارها، قد قامت، وهي إسرائيل، وفق مصطلح الكاتب.

كان هدف الصهاينة الأوائل يتمثل في الهروب من العنصرية التي كانت متصاعدة في أوروبا، وبشكل كبير في ذلك الحين. كما هدفوا الى السيطرة على "أرض أجدادهم"، وفق مصطلح الكاتب، ومن ثم خلق مجتمع جديد وعادل يعيشون فيه.

وقد أقيمت دولة الاحتلال، رغم الصعاب والتحديات، واستقطبت الكثير من السكان، حيث وصل الكثير من المهاجرين الى إسرائيل بحرا وبرا وجوا، وواصلت الدولة الجديدة النمو والازدهار، وفق الكاتب.

وفي عدة مواجهات مع الجيوش المجاورة، التي خاضت حروبا ضد إسرائيل، صمدت إسرائيل ودافعت عن نفسها بطريقة أدهشت أصدقاء إسرائيل واعدائها في العام 1967. وعلى إثر ذلك، احتلت دولة الاحتلال مساحات واسعة من الأراضي، واوصلت للعالم رسالة مفادها ان إسرائيل قوة لا يستهان بها، وبواسطتها أصبح "الحلم الصهيوني" حقيقة، وفق مصطلح الكاتب.

وما لبث الحلم ان مات، وحلت بدلا منه العنصرية، والتعصب الديني، والفاشية، وكره الأجانب، والعرب، والفلسطينيين، وازداد التطرف القومي. وقد بذلت القيادات الإسرائيلية جهودا كبيرة لجعل الشعب الإسرائيلي يقبل الرواية الجديدة للحلم الصهيوني، ويقتنع ويؤمن بها، دون ان ينظر اليها على انها احتلال لشعب اخر. وعليه، لم يدخر الكيان الجديد (دولة الاحتلال) أي جهد لتبرير الواقع الجديد، والاعتبارات الأمنية والعسكرية والسياسية، رغم انها تتسبب بمعاناة شعب اخر.

وكانت معاناة المحرقة اليهودية، والتفوق اليهودي كعرق، من الحجج الرئيسية التي تم استعمالها في الترويج للرواية الجديدة. فهل كان هذا هو الحلم الصهيوني الذي انتظرناه؟

ومهما كان الحلم الصهيوني في ذلك الوقت، فان هيئته وشكله هذا اليوم مختلفان، وليس ادل على ذلك من الكيفية التي يعيش في خضمها الإسرائيليون، ومن الشعور بالقلق الدائم الذي يحسون به. فالحقائق على الأرض واضحة، ولا يمكن إنكارها. رغم انه قد يساء فهمها، بشكل مقصود او غير مقصود، وقد يتم تجاهلها، او تبريرها وتسويقها. الا ان من الواضح ان إسرائيل اليوم تقوم بكبت ما يقرب من (5) ملايين فلسطيني، وتحرمهم من الحقوق المدنية الأساسية، وتغتصب أرضهم.

وفي حقيقة الامر، يخيل لبعض الإسرائيليين أن هذا هو الحلم الصهيوني الجديد، الذي قد يتحول إلى كابوس قبل أن نتمكن من الاستيقاظ منه، وفق الكاتب.
السيناريو المرجح: سيكشف عن احداث جديدة، لا يمكن التنبؤ بنتائجها

ستقوم إسرائيل قريبا بإعلان السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وسيتم انفاذ القانون الإسرائيلي على جميع أنحاء الضفة الغربية (وربما يتم اتباع قطاع غزة في وقت لاحق). وتبعا لذلك سيحصل السكان الفلسطينيون على "وضع إقامة". لكنهم لن يتمكنوا من السفر بحرية خارج الضفة الغربية، او الاستقرار النهائي فيها كما كانوا حتى هذه الأيام، وبالطبع لن يتمكنوا من الحصول على جنسية إسرائيلية، كما انه لن يكون بإمكانهم التصويت في الانتخابات.

وعلى الرغم من أن الوضع الاقتصادي للسكان سيتحسن نوعا ما، الا ان هذا سيكون التحسن سيكون محدودا، ولن يكون مساويا للوضع المعيشي للمواطن الإسرائيلي. ولن يتم الإقرار بالحقوق الأساسية للفلسطينيين. وسيتمكن جيش الاحتلال من قمع الاحتجاجات والمظاهرات. لكن ذلك سيتطلب المزيد والمزيد من القوة لاحتواء الجماهير، بسبب الاحتقان الكبير بداخلها، وسيؤدي في نهاية المطاف الى حدوث انفجار كبير لن تتحكم به إسرائيل.

ويمكن القول انه ستتم السيطرة على هذه الاحداث من المرة الأولى، او من المرة الثانية، وربما بعد ذلك، من خلال زيادة جرعة القوة، ورفع مستوى القمع. وسيبقي هذا الوضع إسرائيل في موقع السيطرة.

ولكن، هل هذا هو الحلم الصهيوني الذي انتظرناه؟

وبطبيعة الحال، لن يقف العالم مكتوف الأيدي. ولكن قد يكون منافقا الى ابعد حد، ولن يستطيعوا الا ان يأخذوا الروايات الإسرائيلية، حتى وان تعلق الامر بالاحتلال الوحشي، والقمع الذي يمارسه على شعب آخر.

وقد يتبع ذلك عقوبات اقتصادية على إسرائيل، ومقاطعة للرياضيين والفنانين والسياسيين الإسرائيليين، بالإضافة الى مقاطعة للشركات والمنتجات الإسرائيلية. وقد يتضمن حظرا على الصادرات والسلع الاستراتيجية لإسرائيل. وسوف يقف "صديقنا الحقيقي"، الولايات المتحدة، إلى جانبنا. غير ان ذلك لن يتمكن من التصدي لمطالبات بقية دول العالم، ووقف الاحتلال.

ويبرز السؤال مرة أخرى، هل هذا هو الحلم الصهيوني الذي انتظرناه؟

ومن الممكن ان تتوسع هذه الحالة، وان تؤدي الى عزلة شبه كاملة لإسرائيل من قبل المجتمع الدولي. غير ان البراعة الإسرائيلية، وفق الكاتب، يمكن ان تاتي بمخارج لهذه الازمات، مثل تطوير مصادر طاقة بديلة، وتحسين كفاءة انتاج الأغذية، وتحسين القدرة على تهريب كل شيء، بما فيها أحدث أجهزة "أيفون". وإن الإيمان بتفوق الشعب اليهودي سيُضَلّل القيادة الإسرائيلية، كي تستمر بالعمل وفق طريقتها العنيفة المعتادة، وقد تحدث صدامات داخلية في إسرائيل،نتيجة التعصب الديني. وقد يحاول الطرفان جعل هذا الصراع دينيا، وهنا ستواجه إسرائيل خلافا دينيا داخليا، وحربا دينية مع الفلسطينيين.

ومرة أخرى، هل هذا هو الحلم الصهيوني الذي انتظرناه؟

ويبقى السؤال، الى متى ستستمر هذه الحال؟

ويجيب، ربما تستمر الى سنوات، وربما الى أجيال. وهنا ستصبح المعاناة عند كلا الطرفين كبيرة جدا، وسيصبح سفك الدماء شديدا. وسيتطلب الامر قيادة ذكية وشجاعة عند الطرفين. قيادة قادرة على الاقناع، وذات رؤية واسعة، قادرة على رؤية الماضي ومعاناته، وقادة على الوصول الى قرار بوقف المعاناة عند كلا الجانبين.
فهل هذا هو الحلم الصهيوني الذي انتظرناه؟

وبمجرد الوصول إلى هذه النقطة، سيكون التوجه المستقبلي واضحا: "لا مزيد من الحروب، ولا مزيد من سفك الدماء". وإسرائيل الجديدة، أو فلسطين، أو "المدينة الفاضلة"، بغض النظر عن التسميات، ستكون علمانية وديمقراطية. ويجب ان يكون جميع من فيها متساوون، ولن يكون فيها أحد أفضل من الاخر، ولن يكون هناك إنسان أكثر إنسانية من الاخر".

ويخلص الكاتب، "لن تكون هناك حاجة بعد الآن للحلم الصهيوني، سواء كان الحلم الصهيوني القديم، او الحلم الصهيوني الجديد. ولا بد انني مجنون بهذا التصور، لا بد انني احلم. غير انني لا اريد ان يكون حلمي هو الحلم الصهيوني.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: "ذي جيروزالم بوست"

تصميم وتطوير