نادية حرحش تكتب لـ"وطن": بدنا نطير طائرات ورق مش مولوتوف

17.04.2018 04:16 PM

للحظات، ويمكن لأيام حلقت مع فكرة ملء السماء بطائرات الورق. والحقيقة ربما كنت طفولية او ساذجة ولكني عدت مع نفسي الى تلك الأيام البعيدة عندما كانت طائرات الورق جزء من طفولتنا وبساطتنا.

وسط حقيقة مؤلمة لواقعنا الذي تختلط فيه ذكريات الاحتلال ونجاهد من اجل احياء ذاكرة المكان والزمان والتاريخ المعاش، فكرت بهكذا فكرة ، وسط محاولات لإحياء ذكرى نكبة ستتلوها نكسة قادمة ، وباننا قد نحمل ذكرياتنا واطفالنا الى تلك الايام الذي كان الامل والحلم فيها يرسم طموحنا وما نريده من المستقبل.

لم اكن خلاقة ولم ابتكر فكرة. ما رأيته من طائرة ورقية تحلق في سماء غزة كان حقيقيا. هؤلاء لا يزالون يبدعون في اصرارهم على الحياة..... ومع الاسف على الموت .

وليس هذا بغريب. فعندما يقابلك القصف والقتل لأنك تمشي في شارع او تخرج لاحتجاج او تلعب على الشاطئ او تكون آمنا كما تظن في بيتك ، ويأتيك قصف من سماء يحاصرها احتلال فلا غرابة ان يصبح الموت رفيقا كما الحياة.
ولكن....

لماذا نصر احيانا على عدم اقتناص فرص الحياة وندعو الى الموت بأنفسنا .

نحن شعب غير انظار العالم نحو قضية كان الاحتلال ينهيها عندما رفع طفل فلسطيني حجرا في وجه بندقية .

ليس عيبا ولا عارا ان نقاوم بسلمية عندما نستطيع . وما جرى خلال الاسابيع الفائتة في غزة من مسيرات سلمية من اجل العودة مدهش ويعلم دروسا في المقاومة وحب الحياة.

قد نضحك احيانا لاستفزازات نقوم بها ، ولكننا نعرف بأن الحرب من اجل التحرير طويلة. ولا تغلب الشعوب بقوة السلاح .

فلو تمعنا جيدا ، فان اسرائيل لم تغلبنا بعد. نحن واجهنا كل العالم وبقينا رغم ممارسات القتل والتهجير والترهيب خلال 7 عقود. نحن لا نزال باقون ...ولا يزال هناك انسان منا يخرج ليقول للعالم انا موجود لأكون حرا.

تحويل الطائرات الورقية الى حارقة ، سيدمر كثيرا ، ليس اللحظة ولكن المستقبل. سيسرق من ابنائنا بهجة العيش في وقت هناك اجيال من الاطفال يكبرون على محاولات تحليق الطائرات الورقية .

لماذا نريد ان نعطيهم اسبابا لقتل اطفالنا ؟

ما اردته ان نتحدى كعائلات باطفالنا وانفسنا الاحتلال بطريقة تؤكد للعالم اننا شعب يصر على الحياة بصفاء سماء الربيع، بينما نتذكر نكباتنا ونعيش ويلات الاضطهاد.

اتمنى ان يكون هناك عاقل يدرك مخاطر اطلاق طائرات حارقة 

نريد اطلاق طائرات ورقية نبعث فيها الامل للحياة .

نريد ان نرسل رسائل لاسرانا خلف القضبان،

لشهدائنا في السماء،

لمدننا وقرانا التي لم نعد نستطيع الوصول اليها ،

لأحبتنا الذين لا نستطيع الوصول اليهم ،

للاطفال الذين يقتلون في اليمن وسوريا ،

نريد ان نتلقى رسائل بطائرات ورقية من العالم الحر،

نريد طائرات ورقية تذكرنا ان هناك طفولة ستنتهي اذا ما استمرت الحروب البغيضة.

نريد اطفالا فلسطينيين يحملون طائرات ورقية في المستقبل ..لأنهم أحرار .

والحرية لا تأتي بالسلاح فقط.... الحرية تحتاج وعيا ، وادراكا ، وحكمة.

لنبنٍ معا وطنا متعطشا للحرية من أجل الحياة لا الموت.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير