الطلبة العرب في الداخل: عيد استقلالهم.. يوم نكبتنا

19.04.2018 02:52 PM

ترجمة خاصة- وطن: ليس بإمكان مديري المدارس العربية داخل الخط الأخضر،  تجاهل ما يسمى "يوم الاستقلال" السبعين لدولة الاحتلال، ولكنهم في ذات الوقت لن يحتفلوا وفق الطريقة التي ستتم بها الاحتفالات في المدارس اليهودية. ومن حيث العدد، يشمل ذلك (388) ألف طالب عربي، يدرسون في النظام التعليمي الإسرائيلي، في نحو (4) الاف مؤسسة تعليمية مختلفة.

ووفقا لمؤشر الديمقراطية للعام 2016، الذي أجراه "معهد الديمقراطية في اسرائيل"، فإن الهوية الإسرائيلية، التي يحملها العرب الفلسطينيون داخل الخ الأخضر ، تاتي في المرتبة الثانية بالنسبة لهم، بعد الهوية الدينية. وأنهم يعتبرونها (أي الهوية الإسرائيلية) مساوية لهويتهم العربية، وأنها تتقدم على هويتهم الفلسطينية، وفق زعم  الكاتب.

وقد رفض العشرات من مديري المدارس العربية، ورؤساء أقسام التعليم، والكثير من الأكاديميين، في قطاع التعليم في الوسط العربي، إجراء اية مقابلة معهم تتعلق بموضوع "يوم الاستقلال"، وموعده، وان كانت اية احتفالات ستجرى بهذه المناسبة في المدارس العربية.

اما الذين وافقوا على إجراء المقابلات، فاعترفوا بانه من الملاحظ وجود صمت متعمد حيال المناسبة. وقال أحدهم: "نعم، انه يوم عطلة بالنسبة للأطفال فقط، وهم يحبوه لأنه يوم عطلة جديد بالنسبة لهم ليس أكثر، فهم لا يعرفون يوم الاستقلال، ولا ماهيته ولا موعده". ويعتبر أولياء الأمور ان هذا هو الوضع الملائم للجميع، على اعتبار انهم لا يريدون اغراق أطفالهم في مثل هذه المناسبات وتفاصيلها".

ووفقا للدكتور خالد أبو عبسة، مدير "معهد مسار للتعليم"، فإن المدارس في الوسط العربي تتجاهل مناسبة "عيد الاستقلال"، كقاعدة عامة، ومستمرة من عام الى اخر.

وأضاف أبو عبسة، "لا أعتقد ان الكادر التعليمي العربي، والطلبة العرب،  يحتفلون بهذا اليوم بأي شكل من الأشكال. ستكون المدارس مغلقة، وسيمر "يوم الاستقلال" بصمت في الوسط العربي بأجمعه. وهذا مخجل كوننا غير قادرين على التحدث عنه، او انتقاده، رغم انه لا يعنينا، فهو ليس لنا، ويقف في حلوقنا لأننا مرغمون على عيش كل تفاصيله.

ويضيف أبو عبسة، انه أطلق على هذا الصمت والتحفظ حيال "يوم الاستقلال" اسم "ثقافة الصمت". ووصفها بانها أصبحت ثقافة سائدة، ومتعارف عليها كثيرا، في مدارس الوسط العربي في إسرائيل. وأضاف، ان الطلبة والكادر التعليمي في قطاع التعليم العربي لا يعرفون الا "يوم استقلال" واحد، هو "يوم استقلال" إسرائيل. وبالتالي ليس لديهم الحق بالتحرك في أي اتجاه غير هذا اليوم، سواء بالفعاليات، او النقاشات. ولهذا فهم محرومون من الفعاليات والنقاشات التي تتصل بتاريخهم العربي الفلسطيني، وتعبر عنهم.

وأضاف، "عندما نلتقي بطلابنا العرب في الأوساط الأكاديمية، ونتناقش معهم، ونسألهم، نكتشف انه ليس لديهم معرفة بأساسيات تاريخهم، مما يجعلنا نحس بأنهم معزولون عن تاريخهم الحقيقي، وانهم يشعرون بفراغ في الهوية".

ويضيف أبو عبسة، انه بالإضافة إلى "ثقافة الصمت"، هناك أيضا "ثقافة الترهيب". بمعنى ان المعلمين والمديرين يتجنبون مناقشة المواضيع التي تتعلق بالقيم، حيث انها تتطلب مناقشات جدية ومعمقة للغاية. ولكن ذلك يؤثر بلا شك على العملية التعليمية، على اعتبار انها موجهة نحو الإنجاز المدفوع بالقيم التعليمية والحياتية، وليس نحو التربية السياسية بالأساس. الا ان تجنب نقاش تلك القيم يؤثر على العملية التعليمية لأنها تعتبر منقوصة الحديث عن القيم.

ويضيف، "بخصوص فئة الأطفال، لا يعرف هؤلاء أي شيء عن عيد الاستقلال. وببساطة لا يعرف الأطفال هذه العطلة، ولا يفهمون معناها على الإطلاق".

وقد دعا أبو عبسة إلى تسهيل مناقشة هذه القضايا الشائكة في المدارس العربية، وفتح المجال امام الطلبة لتداولها وفهمها دون تحفظ. لكنه أشار في ذات الوقت الى أنه "كي يتم ذلك بنجاح، نحتاج إلى دعم وزارة التعليم الإسرائيلية، لأن أي تغيير في السياسات التعليمية تأتي من الأعلى. والا، فسيتم رفضها، او ستفشل".

وقال مصدر في وزارة التعليم الإسرائيلية: "في نهاية الامر هذه دولة يهودية وديمقراطية"، وفق نقل الكاتب.  وأضاف، نقلا عن المصدر، ان نظام التعليم يعمل وفق مبادئ "إعلان الاستقلال"، مع الاعتراف بحق الأقليات في الدولة، من خلال إجراء التعديلات اللازمة في نظام التعليم المدرسي، ولكن، من المؤكد ان من المستحيل إرضاء الجميع".

ويقول مدير قسم التعليم في إحدى البلديات العربية: "أنا أعيش في هذا البلد وأحترمه. ولكن ليس لدي أية صلة بما يسمى يوم الاستقلال". وأضاف، "لم تفعل الدولة ما يكفي لربطنا بها وبمناسباتها، ونحن بالتأكيد لا نشعر أن هذا اليوم يخصنا باي شكل".

وعاد أبو عبسة ليشرح أن عيد الاستقلال يمثل بالفعل فصلا مظلما في تاريخه، وفي تاريخ العرب في إسرائيل، فقال: "هذا اليوم هو يوم النكبة لنا، وهذه هي الحقيقة الواضحة غاية الوضوح، وربما لو حصلنا على اعتراف وحقوق، لتغير شعورنا. ولكن، طالما لم يكن الأمر كذلك، لا يمكن مطالبتنا بالاحتفال".

ومع ذلك، أشار المدير إلى بعض الاختلافات حيال هذا الموضوع في الوسط العربي، وخصوصا عندما يتعلق الامر بالبدو. ففي الوسط البدوي، يختلف الامر قليلا عن الوضع في الوسط العربي العادي، وذلك بسبب "الخدمة العسكرية". ولهذا، فإن بعض المدارس في الوسط البدوي تحتفل بالتأكيد بيوم الاستقلال.

وقال خليل: "اعتقد، انا كمدير، أنه يجب علينا أن نكون جزءا لا يتجزأ من الدولة. وسنمنح الطلاب حرية التعبير عن أنفسهم، وطرح الأسئلة التي يريدونها حول هذا اليوم. علينا ان نفتح النقاش كي يتمكنوا من التعبير عن أنفسهم، لأنهم حتى ان لم يتحدثوا عن هذا الأمر معنا في المدرسة، فمن المؤكد انهم يتحدثون عن النكبة مع والديهم وعائلاتهم". وأضاف، "أشجع شخصيا أن يكون الطلبة جزءا من البلاد، وأن يكونوا مواطنين موالين لها. غير ان لدينا مشكلة في هذا الجانب".

ويضيف، استعدادا ليوم الاحتفال، شددت وزارة التعليم الإسرائيلية على أن الأحداث التاريخية المتعلقة بالوسط العربي سوف يتم دمجها في البرنامج الاحتفالي، بما في ذلك: موضوع الغاء الحكم العسكري عن عرب إسرائيل، وحرب الأيام الستة، وأحداث يوم الأرض، وموضوع البث المباشر الأول لإذاعة صوت إسرائيل باللغة العربية، وفق الكاتب، نقلا عن الوزارة الإسرائيلية.

ومع ذلك، قالت الوزارة ان الاحتفالات تواجه مقاطعة غير مسبوقة من الوسط العربي هذه السنة، في ظل القرار الأمريكي بخصوص نقل السفارة الامريكية الى القدس.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع "واي نت" بالإنجليزية

تصميم وتطوير