الموساد وحماس: حرب في الظلام واغتيال العقول

25.04.2018 03:59 PM

ترجمة خاصة-وطن: يبدو أن العمل الأكثر خطورة بالنسبة إلى حركة "حماس"، خلال هذه الفترة، لم يعد القتال، او الاستعداد والحشد له، بل العمل في مجال التكنولوجيا المتقدمة.

وفي هذا السياق، اتهمت حماس، وبعض المسؤولين الماليزيين، جهاز "موساد" الاحتلال باغتيال المهندس الفلسطيني فادي البطش، من خلال إطلاق النار عليه من قبل مسلحين على دراجة نارية، قرب مسجد في ماليزيا في وقت سابق من هذا الأسبوع.

وخلال يوم واحد، كونت الشرطة الماليزية فكرة حول المشتبه بهم بقتل البطش، وهو خبير في مجال هندسة الكهرباء، وكادر من حماس، بارع في تصميم الطائرات بدون طيار، والصواريخ.

ويتشابه حادث اغتيال البطش، إذا تم تنفيذه من قبل الموساد-وفق الكاتب-بشكل تام مع الاغتيال الذي وقع في تونس، والذي قتل فيه محمد الزواري، الذي كان مهندسا للطيران، وخبيرا في صنع الطائرات بدون طيار لصالح حماس، وربما لصالح لحزب الله أيضا.

وأفادت التقارير الواردة من تونس، إلى ان الزواري صمم سفينة بحرية غير مأهولة يمكنها مهاجمة سفن بحرية أخرى من تحت الماء. كما ألمحت العديد من التقارير الأجنبية، الى قيام الموساد بعمليات مشابهة، وبشكل مستمر في سوريا وإيران. ومن المتوقع أن يكون الموساد نشطا، وبشكل روتيني، في جميع أنحاء العالم. مع الإشارة الى ان هذه الاغتيالات، لخبراء الأسلحة ذات التقنية العالية في حماس، مختلفة عن العمليات الاعتيادية من حيث المستهدفين. لأن إسرائيل عرفت ان أهداف حماس القادمة تكمن في تدريب قادة عسكريين تكنولوجيين، وبشكل استراتيجي، ومن ثم تنفيذ هجمات ضد إسرائيل.

ويؤشر نمط الاغتيالات لمهندسي حماس الى ان الموساد يقوم بتطوير تفكيره، بحيث أصبح يعتبر ان خبراء الأسلحة في حماس أكثر خطورة وأكبر تهديدا من اعمال حماس العسكرية الاعتيادية. وبالتالي، لا يمكن تجاهله من قبل القادة العسكريين الإسرائيليين، وفق الكاتب.

ويبدو من خلال العمل المكثف في متابعة العمل التكنولوجي لحماس، ان مدير الموساد، يوسي كوهين، يضع نصب عينيه تعقب التكنولوجيا العالية التي تعمل فيها حماس، وتسعى الى تطويرها، من اجل احباطها في مهدها. ولهذا امر كوهين بتأسيس صندوق للاستثمار في الشركات التكنولوجية الإسرائيلية الناشئة، والشراكة معها، وذلك للمرة الأولى خلال فترة ولاية كوهين.

يشار الى ان الموساد توصل الى استنتاجات، ونفذ دروسا خلال السنوات الماضية، كان أبرزها نجاحه في تشجيع العلماء الإيرانيين على الانشقاق بين عامي 2005 و2010، وفق الكاتب.

والسؤال الأهم الان: حتى ان كان الموساد هو القاتل في تونس، وفي ماليزيا، هل سيكون هناك دليل حقيقي يؤشر على الموساد؟ وهل سيترك خلفه آثارا حقيقية تؤدي كشفه؟

فعملية الاغتيال في تونس تكاد تكون مرت من تحت عشرات الكاميرات المزروعة في الشوارع. وبالتالي، لا بد انها وقعت ضمن تسجيلات الفيديو. الا ان نتيجة العملية تبين مدى قدرة المنفذين على الانسحاب بكل سهولة، ودون ترك اية اثار.

وتم اعتقال ما بين (5) و (10) من المشتبه بهم الأجانب، وتم استجوابهم من قبل الشرطة التونسية. ولكن يبدو أن جميعهم تمكنوا من خداع السلطات في التحقيقات، او انهم رتبوا خدعا تنجيهم من الإدانة. حيث انه لم يظهر أي من عملاء الموساد في اية لقطة فيديو على الإطلاق. ولهذا، اشتكت حماس من أن المحققين التونسيين لم ينجزوا عملهم، ولم يكملوا تحقيقهم.

وفي المقابل، كان اغتيال الموساد لمسؤول حماس البارز محمود المبحوح، في العام 2010، في دبي، قد اعتبر فشلا موساديا كبيرا، وغير محسوب، لأن لقطات الفيديو كشفت عن هويات كل عملاء الموساد المنفذين للعملية.
والسؤال الان، هل ستكون حادثة الاغتيال في ماليزيا شبيهة بحادثة دبي أو تونس؟
تشير الأدلة الأولية إلى أنها ستكون مثل حادثة تونس.

فعلى الرغم من أن السلطات الماليزية تمكنت من استخلاص مقاطع فيديو للقتلة، وتبين منها، وبوضوح، ان من شاركوا في الاغتيال هم من البيض الأوروبيين، الا ان السلطات لم تستطع، حتى الان، القاء القبض على الفاعلين. ولم يتم العثور على أسلحة القتل. وربما تكون وجوه القتلة قد حجبت بواسطة خوذات الدراجات النارية التي اعتمرها الجناة.

وإذا لم يكن هناك أي لقطات فيديو واضحة لوجوههم، وبشكل مباشر، فإن الفرصة الوحيدة في اكتشاف هوياتهم ستكون بمحاولة تتبع أية تسجيلات لأنشطة تخطيط ومراقبة سابقة، ربما قاموا بها في محيط منزل البطش قبل الجريمة.

ليس من الواضح الى اين يتجه التحقيق، والوقت هو الكفيل بكشف الأمور. ولكن، من المرجح أن الهجمات باستخدام التكنولوجيا العالية، وتجنب الكشف عن طرق القتل، وأدواته، والفاعلين، ستكون هي الصيغة المتبعة لعمليات البحث عن "تكنولوجيي" حماس، واستهدافهم، من الآن فصاعدا، وفق الكاتب.

 

"ترجمة: ناصر العيسة، عن: ذي جيروزالم بوست"

تصميم وتطوير