المجلس الوطني.. ضرورة وامنيات وواقع

02.05.2018 09:09 AM

                                                       
كتب: سامر عنبتاوي

اتناول في هذا المقال انعقاد المجلس الوطني بدورته الثالثة و العشرون من ثلاث زوايا ، تبدأ بهل الانعقاد هام و ضروري ؟ وفي الثانية، ماهي الامنيات والتوقعات الوطنية من المجلس ؟ والثالثة تحليل واقعي للمجريات والمخرجات المتوقعة.

الضرورة

اجزم بان ما من وطني عاقل لا يؤمن بضرورة بل الحاحية التئام مجلس وطني فلسطيني لكثير من الاسباب، ومن اهمها ان المجلس لم بعقد منذ اكثر من عشرين عاما رغم المفاصل الهامة و القضايا الخطيرة التي طرأت على الوضع الفلسطيني التي تطلبت مراجعة نقدية لما اتخذ من مواقف و توجهات خاصة في حالة الانقسام الذي لم يترك مجالا لم يلامسه في الاداء والعمل الوطني، وايضا يضاف الى ذلك التطورات الدراماتيكية التي عصفت بعالمنا العربي والتحولات العالمية، ومن الطبيعي القول ان المجلس بصيغته واعضائه الذين رحل عدد كبير منهم او تراجع ادائهم بتقدم السن يحتاج الى التجديد، و قد عقد المجلس المركزي ( الوسيط ما بين المجلس الوطني و اللجنة التنفيذية ) و اتخذ قرارات هامة تشكل تحولا في نهج التعامل مع الاحتلال و داعميه، الا ان هذه القرارات بقيت حبرا على ورق في غالبيتها و لم تنفذ اللجنة التنفيذية التي حالها لا يختلف عن حال المجلس الوطني من حيث رحيل الاعضاء و السن و الاداء مما زاد الحاجة لعقد المجلس الوطني.

ومن الاسباب الهامة ايضا ان المجلس لم يكن مكونا من الكل الفلسطيني مما اوجب انعقاده للتغيير اضافة الى غياب المجلس التشريعي ( برلمان الضفة و القطاع ) و التداخل الخطير بين السلطة ومنظمة التحرير من خلال تداخل عمل التشريعي والوطني وازدواجية المهمات بين السلطة والمنظمة، و كان من البديهي ان م . ت . ف اسست كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني باكمله، و اكتسبت شرعيتها عبر سلسلة طويلة من النضال و التضحيات، و المنظمة هي من ابرمت الاتفاقات مع دولة الاحتلال كاتفاقية اوسلو التي افرزت السلطة الوطنية كذراع اداري للمنظمة في الضفة و القطاع ، و لكن تداخل الوظائف ادى الى تراجع اداء المنظمة لحساب السلطة لتصبح المنظمة بندا على اجندة السلطة بدل العكس مما افرز حالة غير صحية اوجدت فجوات بين الداخل و الخارج، و اضعف دور المنظمة، فكان من الضروري جدا انعقاد المجلس الوطني لاعادة الامور الى نصابها، و بث الروح و العمل في منظمة التحرير.

الامنيات

اذن هناك ضرورة قصوى لعقد المجلس للاسباب الآنفة و غيرها، و هنا يبرز السؤال الهام، ما هو المجلس الذي يريد الشعب الفلسطيني انعقاده ؟ و كيف يتمنى الشعب و مؤسساته وقواه شكل المجلس و تكوينه، بمعنى آخر هل المطلوب فقط عقد المجلس بتشكيلاته كما كان قبل عشرين عاما مع بعض الاضافات و بنفس النهج و الاداء و الشخوص و التوجه ؟؟ ام ان المطلوب مجلسا توحيديا قويا جديدا يؤسس لمرحلة جديدة ؟ مجلس تحكمه الشراكة السياسية و توحيد كافة الطاقات و الجهود و يتعامل مع كافة التغيرات المحلية و الاقليمية و العالمية، مجلس وطني يجري مراجعة شاملة للعمل الوطني و يهيء لوحدة وطنية شاملة تعد برنامج وطني شامل و جامع و موحد، مجلس يبعث الدماء من جديد في منظمة التحرير و يعيد بناء و تطوير مؤسساتها و هيكلاتها و ادوارها على اسس وحدوية ديموقراطية شاملة، مجلس يعزز اواصر الصمود لدى الشعب و يزيد عرى التواصل بين كافة اماكن التواجد و يدعم المقاومة الشعبية و يوحد الطاقات و الجهود، و بكلمات محددة، مجلس يحمل الكل الفلسطيني و يعبر بالشعب حقل الالغام و المؤامرات و التواطؤ ومحاولات تصفية القضية، بالتأكيد ان شعبنا و بعد طول انتظار تمنى انعقاد المجلس الوطني الموحد و الشامل الذي يعيد هيبة و قوة منظمة التحرير و يضع الاستراتيجية الشاملة و يضم الجميع بشكل ديموقراطي جبهوي يدعم نقاط القوة و يحارب نقاط الضعف.

الواقع

الانقسام مستمر و يتعزز و حالة الفرقة مستمرة و التجاذبات و الاستقطاب و التراشق الاعلامي مستمرين، و في ظل ذلك تم الدعوة لانعقاد المجلس و تحديد موعده مما خلق حالة من النقاش الحاد بين من يؤيد و يعارض او يطالب بالتأجيل لاعطاء الفرصة للحوار الوطني و تطبيق مخرجات القاهرة و الشاطيء و بيروت و التوجه لعقد مجلس توحيدي شامل، الا ان الامور تسارعت و بدأ المجلس اعماله بغياب حركتي حماس و الجهاد اضافة الى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي وضعت اسبابا لها وجاهتها لعدم الحضور كما و اكدت ان ذلك لا يعني ابدا مغادرة المنظمة او الدخول في تكتلات خارجة عنها .

ان عدم مشاركة حماس و الجهاد و الجبهة لم يمنع انعقاد المجلس و بالتالي عقد المجلس في دورته الثالثة و العشرين و سيخرج بمخرجات تؤثر على من شارك او لم يشارك، بل تنعكس على الشعب بأكمله، كما يجب التأكيد على ان من شارك لم يخن و المقاطع لم يخرج من العمل الوطني و أن الخلاف نتج عن عدم الاعداد و الحوار الوطني و تطبيق ما اتفق عليه و حالة الانفراد في القرار، كما أن الملاحظات و المواقف من شكل الانعقاد لا يبرر تشكيل الاجسام و المؤتمرات الموازية و لا التشكيك بتمثيل المنظمة .

و بصراحة و واقعية و رغم موقفي الواضح بضرورة المشاركة بمجلس توحيدي فقط، الا ان الواقع يقول بان المجلس قد عقد فما المطلوب منه للخروج باقل الخسائر و التأسيس لمرحلة مختلفة ؟

المطلوب ان تكون هذه الدورة آخر الدورات التي تعقد بالشكل الحالي و ان يفتح الباب على مصراعيه لدخول كافة القوى، و ان يخرج المجلس بالدعوة الصريحة و القوية لانهاء الانقسام و استعادة الوحدة و ان يؤسس لمجلس شامل و توحيدي و ان تكون المداخلات و الكلمات و المخرجات بهذا الشكل .

و المطلوب ايضا القول بصراحة بأن من لم يحضر ليس خارجا عن الصف الوطني و تهيئة الامور و التوجه الحثيث للم الشمل ، و هذا يتطلب التركيز على تطبيق ما اتفق عليه بين حركتي فتح و حماس و سائر القوى .

و المطلوب اقرار الشكل الديمقراطي و التمثيل بالانتخابات حيث امكن لاعضاء المجلس مع مراعاة التنوع و التمثيل الشامل لكافة المكونات الشعبية و التوزيع الجغرافي .

و مطلوب ايضا و بشكل قوي ان يشكل المجلس الوطني الغطاء و الحاضنة لقرارات المجلس المركزي مع الزام الذراع التنفيذي ( اللجنة التنفيذية ) بتنفيذها بالكامل .

و المطلوب اقرار فشل الاتفاقات مع الاحتلال من اوسلو و حتى باريس و الاعداد لتوجه وطني يشمل المقاومة و الصمود و التخلي الكامل عن المفاوضات الثنائية و الرعاية الامريكية و التعويل عليها ، و تحديد العلاقات مع المحيط حسب الموقف من القضية و الموقف الصارم من اجرائات التطبيع و الهرولة بل و التحالفات مع الاحتلال .

و المطلوب ان يطالب المجلس و بقوة وقف الاجراءات العقابية ضد قطاع غزة و الدعوة لانتخابات في كافة المؤسسات و خاصة انتخابات تشريعية و رئاسية تجدد الشرعيات و تعيد للنظام السياسي الفلسطيني هيبته .

و المطلوب اخيرا دعم الحريات و اواصر الصمود و تعزيز الاقتصاد الوطني و دور المرأة و الشباب في المشاركات المقبلة و تحديد الواجبات و الصلاحيات مما يؤدي الى :

(الفصل بين دور السلطة و المنظمة و عدم ازدواجية المنصب بين رئاسة المنظمة و السلطة و تغيير وظائف السلطة بحيث تقوم بادارة شؤون الناس المعيشية و الحياتية للمواطنين مثل الصحة و الاقتصاد و التعليم و غيره، و وضع الملف السياسي و الوطني برمته في يد منظمة التحرير الواحدة و الموحدة ).

ما بين الضرورة و الامنيات و الواقع يقع مصير الشعب الفلسطيني الذي شتته و قسمه و فصله الاحتلال و داعميه الى ضفة و قطاع و قدس و داخل و شتات الا ان الاحتلال نفسه و بطر يقة غير مباشرة يعيد توحيد الشعب الفلسطيني بالمعاناة و للشعور العام بالمصير الواحد من محاولات انهاء القضية برمتها .

لقد اصابت مسيرات العودة دولة الاحتلال بمقتل بهذه الحشود الضخمة التي ارسلت رسائل واضحة بالوحدة و الابداع في المواجهة و عدم تضييع البوصلة و الانكفاء للمشاكل الحياتية اليومية نتيجة الحصار ليتوحد الجميع نحو قضايا و تطلعات الشعب و قضاياه المصيرية، و عل هذه الاصوات تصل صداها الى اروقة انعقاد المجلس ليرد برسالة وحدة شاملة تؤسس لمرحلة جديدة .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير