رمضانيات 5.. عودة الرئيس وتجويع الابن الضال

22.05.2018 12:26 PM

كتبت: نادية حرحش

صورتان و تسجيلان يتصدران المشهد الرمضاني. دخول الرئيس محمود عباس الى المستشفى ووعكته الصحية، وجوع أهل غزة الذي يقترب من المجاعة.

في التسجيلين محاولة اثبات ما يريده الطرف تأكيده للناس.
دراما متأثرة بلا شك برمضان. يستحضرني نجمان تلفزيونيان. باسل خياط وغادة عبد الرازق. باسل خياط يمثل لدرجة الملل. اداءه مبالغ فيه تجعل المتلقي يغير المحطة، او يشتري الاداء بتصفيق واعجاب.

غادة عبد الرازق بالمقابل، تمثل لدرجة التقمص. تجبر المشاهد على دخول الحالة وتنسيك كل ما ارادته منك ان تلاحظه لتشد انتباهك في مظهرها المتجدد . تأخذ المشاهد الى قلب وجع الشخصية وفرحتها . تبكيك بحرقة، ولا تجيد الفرح في ادائها . وكأن ادوارها تعيد فيها تشكيل نفسها وتذكيرها بمكان ما كانت به.

هنا اتكلم عن مسلسل غادة عبد الرازق "ضد مجهول" ومسلسل باسل خياط "رحلة" . بالمناسبة رهام عبد الغني رائعة في دورها . متألقة بشكل استثنائي. بكل بساطة لأنها تتجسد بالدور بلا محاولة للتمثيل.
لنرجع الى مسلسلنا الواقعي...

مرض أبو مازن او وعكته الصحية بلا شك مهمة لنا كشعب. ليس فقط لأنه الرئيس وصحته مهمة، ومن الطبيعي ان يكون الشعب متطلعا على حالة رئيسه الصحية. ولكن لأن حالة الرئاسة في وضعنا استثنائية. قد نسخر ونعلق ونتساءل . ولكن الحقيقة ان الموضوع مهم، فالرئيس يشكل طوق النجاة الوحيد المتبقي من سفينة الوطن الغارقة. لا يوجد اي افق لما سيحدث باللحظة التالية لرحيله. ومهما حاولنا ان نكون ايجابيين متأملين، اعتقد ان المعظم متأكد ان القادم اسوأ.

في غزة اعيد كتابة ما نشره الصديق سفيان ابو زايده على صفحته :
"استمرار اغلاق المعبر كان مؤامرة لتمرير مشروعات مشبوهه.
فتح المعبر مؤامرة جزء من تمرير صفقة القرن.
تشديد الحصار على غزة مؤامرة
تخفيف الحصار عن غزة بعض الشيئ هو ايضا مؤامرة.
قطع الراوتب و تجويع الناس مؤامرة.
اعادة الرواتب او تغطيتها من اماكن اخرى ايضا مؤامرة.
هل تعلمون لماذا هذا التناقض؟
لان الاستهبال لهذا الشعب لم يعد له حدود."
قد تكون مسيرات العودة في غزة فتحت الباب على مصراعيه بالنسبة لما يعيشه أهل غزة.
نحدث العالم عن النكبة وندشن ذكراها من اماكننا الامنة , ولكن اهل غزة جسدوا النكبة في حاضرها . عن اي عودة وعن اي احتلال نتكلم ؟
عندما تتحول مطالب المسيرات بسد الجوع عن الشعب الفقير في رمضان .
عندما يحرق شابا نفسه في ميدان عام .
عندما يتعلق أمر حياة الرئيس أو موته بصرف راتب شهري.
وعودة الى رام الله وصحة الرئيس ....

الحمدلله اننا اطمأننا على حالته الصحية، بالنهاية ندعو له بالشفاء والصحة. ولكن لا اعرف من يخرج مسلسلات اعلام الرئاسة؟ من الذي اقترح عليه او جعله يتجول بالروب في اروقة المستشفى؟ هل كان يجري جولة تفقدية لمرافق المستشفى؟ هناك محاولة لاثبات ان الرئيس بخير فجعلوه يتجول حتى ولو بالروب! ولمن يمكن ان يشك ان هذا التسجيل قديم او مفبرك، فتم تثبيت الكاميرا على الساعة والتاريخ. ولكن نسي منتج هذا الفيلم ان الساعة ظهرت بأنها 21 ايار بتمام الساعة العاشرة ودقيقتين مساء، بعد ان ظهر الرئيس وهو يتجول الساعة العاشرة والنصف مساء.

تخيلوا ما ذا فعلوا بالرجل . رجل مريض يتم جعله يستيقظ ويتجول الساعة العاشرة والنصف مساء! يعني حتى الطبيب الذي تكلم تم تسجيله قبل جولة الرئيس. يعني لمن يخرج هكذا افلام، عليه توخي الحذر في دقة ما يجري، بالنهاية نحن نتكلم عن رئيس . وجل ما نقوم به في حياتنا هو مشاهدة المسلسلات .

حتى في احدى الصور هناك من يجلس على  الاريكة المجاورة للسرير (ليس ابنه الذي يجلس الى جانب رأس الرئيس) . بكل جدية تساءلت من هذا، لماذا يجلس بهذا الشكل العادي جدا امام الرئيس؟ ( ليس المطلوب ان يجلس المرء بطريقة رئاسية ولكن هناك بديهيات في الجلوس امام مريض يمثل الرئيس)  بدت الصورة وكأنها صورة عائلية، يجلس الشخص براحة وكأنه يزور زميل له في العمل .

لا احاول التهكم هنا، ولكن ما يجري محزن .
لماذا علينا ان نرى هذه الصور ؟ ما الذي سنفهمه عندما نرى الرئيس يتجول بالروب؟
الرجل مريض ولا يوجد داعي لاثبات انه لا يزال على قيد الحياة . ما نحتاجه الحقيقة كما هي . نعرف ان الرئيس رجل طاعن في السن، ومن الطبيعي ان يمرض. لا داعي لتجميل وضع لا يحتاج تجميل.
ربما من الافضل اغلاق هذه الجولة الرمضانية باعتراف على صفحة الصديق أنس ابو الرب :
أعترف .."

يفزعني ضجيج أصالة نصري، ولا يروقني أهل الثقافة الممتعظين دائما. هؤلاء لا يتسرّعون مثلي بإصدار الفتاوي والثرثرة بعلم أوبغير علم.
استمع للنميمة ولا أجيد وضع لمساتي فيها، لكن أستطيع إطلاق الشرارة الأولى بمهارة.
أفهم تمامًا، صيرورة أحاديثنا والتي تبدأ بشيء من السياسة، وبعض الاجتماعيات، وتويتات ثقافية محدودة العدد، والكثير من "العيب".
ولأني أفزع كذلك من صوت أصالة، لننهي بأرضية لا يوجد عليها الكثير من الخلاف..

فتبقى أغنية فيروز الجديدة "الى متى؟" لسان حال من ينتظر فرجا من السماء، فلم يأت أبدا ذلك الغضب الساطع من أي مكان.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير