حرب الجبهات الثلاث التي يشنها الفلسطينيون على اسرائيل: مجلس حقوق الإنسان ومحكمة الجنايات الدولية والاتحاد الأوروبي

28.05.2018 10:00 AM

ترجمة خاصة- وطن: كان اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة هذا الأسبوع هو الحدث الأبرز والأول، الذي حظي بتغطية إعلامية واسعة النطاق.

ولم يكن من المستغرب أن يصوت مجلس حقوق الإنسان على تشكيل لجنة تحقيق في الاحداث الدامية على حدود قطاع غزة، والتي قتل فيها جيش الاحتلال (65) فلسطينياً في يوم واحد، في مجزرة طالت النساء والأطفال والشيوخ والرجال.

ونتيجة لهذا القرار، من المتوقع أن يعين الدكتور زيد بن رعد بن الحسين، المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، لجنة دولية خاصة للتحقيق في "انتهاكات حقوق الإنسان، وانتهاك القانون الدولي باحتلال الأراضي الفلسطينية".

وفي هذا السياق، من الضرورة الانتباه إلى التعريف الواسع للولاية التي سيتم منحها الى لجنة التحقيق تلك، والتي من المتوقع أن تكون بمثابة إعادة تفعيل للجنة غولدستون، سيئة السمعة. وسنناقش هذا التعريف الواسع في وقت لاحق.

وفي سياق متصل، شهدت لاهاي حدثا هاما اخر نهاية هذا الأسبوع، حيث التقى وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، مع مدعية المحكمة الجنائية الدولية، وطلب منها فتح تحقيق ضد إسرائيل. اما السياق المباشر للطلب الفلسطيني، فكان الأحداث الأخيرة على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة، ولكن الطلب شمل هذه المرة طلبا لإجراء تحقيق واسع النطاق.

وقد طالب المالكي المحكمة الجنائية الدولية، التي بدأت تحقيقا فعليا ضد إسرائيل، في العام 2015، بالتحقيق في "جرائم" إسرائيل المتعلقة بتوسيع الاستيطان، وسرقة الأراضي. ويطالب الفلسطينيون، كجزء من التحقيق، المحكمة الجنائية الدولية باتخاذ إجراءات ضد كبار المسؤولين الإسرائيليين على اعتبار انهم مسؤولون شخصيا عن عمليات جيش الاحتلال.

اما الحدث الثالث، فقد كان بيان الاتحاد الأوروبي، الذي أصدره الأسبوع الماضي، والذي يحث إسرائيل على إجراء تحقيق فوري في الملابسات المحيطة بإصابة "جعفر فرح"، مدير مركز مساواة المتخصص بمساعدة المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل. كان "فرح" قد اعتقل الأسبوع الماضي خلال مظاهرة، في مدينة حيفا، احتجاجا على تعامل إسرائيل العنيف مظاهرات الفلسطينيين على حدود غزة.

وفي هذا السياق، لماذا لم يطلب الاتحاد الأوروبي من إسرائيل التحقيق في إصابة ماني نفتالي، أثناء مظاهرة في بتاح تكفا، أو جرح أرييه إلداد، وموتي يوغيف، أثناء إخلاء مستوطنة "عمونا". ولماذا يترك كل هذه القصص، التي تعاملت فيها الشرطة مع محتجين يهود، وجاءت للتركيز على إصابة جعفر فرح فقط.

تترابط الفعاليات الثلاثة وتتشابه ليس بسبب محتواها فقط، وليس بسبب الشخصيات التي تقف وراءها وتديرها، أي وزارة الخارجية الفلسطينية، ووزيرها رياض المالكي. وإن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ليس هو المحكمة الجنائية الدولية، وليست المحكمة الجنائية الدولية هي الاتحاد الأوروبي. فمعظم دول الاتحاد الأوروبي لم تدعم قرار مجلس حقوق الإنسان بشأن التحقيق ضد إسرائيل.

كما ترتبط هذه الفعاليات كونها تعكس اتجاها واجماعا لكل الفلسطينيين. فبعد هذه السنوات من قلة الإنتاجية السياسية، والاعتداءات والجرائم المتكررة من قبل إسرائيل، أدرك الفلسطينيون الآن، في ضوء أحداث غزة، ان من الأفضل لهم محاولة تدويل النزاع.

والهدف من ذلك هو نقل ساحة إدارة الصراع واخراجه من حدود قطاع غزة والضفة الغربية، إلى مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، وإلى جنيف، وإلى لاهاي وبروكسل.

ان الأمل الفلسطيني، الذي لا نراه عقلانيا، وفق الكاتب، هو أن نقل الصراع إلى الساحة الدولية سيغير ميزان القوى، في الوقت الذي تتمتع فيه إسرائيل بالتفوق على حدود غزة، من حيث الميزات الرقمية والتكنولوجية، مما يغنيها عن الساحة الدولية، وفق الكاتب.

وكجزء من استراتيجية العمل الفلسطينية هذه، يحاول الفلسطينيون استبدال لغة إدارة الصراع، من "اللغة الدبلوماسية" الى "المعركة القانونية".

وقد تكون افتراضاتهم القانونية لا أساس لها. غير ان لغة القانون الدولي قد تميل إليهم، فهي تتأثر بشدة بالأجواء المعادية لإسرائيل في جميع أنحاء العالم، وبالتالي سوف تتسبب بالحاق الضرر بإسرائيل.

واستعداد لذلك، يبدو ان على إسرائيل ان تضع استثمارا مهما فالمعركة القانونية صعبة، وليست بسهولة المعركة على حدود غزة، كما تراها إسرائيل. وبالنسبة الى الفلسطينيين، فان الانتصار في كل من لاهاي وجنيف أصعب بكثير، ولكنه الخير الوحيد الذي يحتوي فرصا للانتصار على إسرائيل.

 

(ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع "واي نت" بالإنجليزية)

تصميم وتطوير