لماذا باعت رزان خاتمها وهاتفها قبل استشهادها ؟.. وطن تحاور والد الشهيدة

02.06.2018 10:04 PM

غزة- وطن- رولا حسنين: في حضرة الشهداء لا يمكن لك الحديث عن شيء، قوافلهم تجمّد كل شيء فينا الا صراخ الثأر، ولا يمكن للصحفي أن ينقل خلجات قلب أب فقد ابنته شهيدة، ولكن في محاولة لاستحضار تفاصيل عيش رزان بين أسرتها، حاورت وطن أشرف النجار والد الشهيدة المسعفة رزان النجار (21 عاماً) والتي استشهدت أمس خلال اسعافها لجرحى مسيرة العودة على حدود غزة.

يقول أشرف "كنا نخشى على رزان منذ مشاركتها في الاسعاف التطوعي لمخيم العودة على الحدود الشرقية للقطاع، ولكنها أصرّت على أن تخدم شعبها وقالت لي "هذا طريقي يابا وأنا اخترته"، وكان خوفنا قد ازداد عليها يوم الرابع عشر من أيار حيث مليونية العودة، لأن الاحتلال يطلق رصاصه على الجميع، لا يفرق بين بشر ولا حجر ولا شجر، فهذا ياسر مرتجى كان يرتدي ملابس الصحافة وابنتي رزان كانت ترتدي ملابس الاسعاف ولكن الاحتلال قتلهما".

رزان باعت خاتمها وهاتفها قبل استشهادها !

ويضيف "رزان كانت تملك هاتف وخاتم، ومنذ انطلاق مسيرة العودة باعت ما تملكه حتى تبتاع مستلزمات الاسعاف الأولي وتحملها معها خلال عملها في اسعاف الجرحى، رزان كانت مثالاً في التضحية وحب الحياة والناس".

وبقلب يكويه الحسرة على أول ابنة نادته "بابا" يشير أشرف الى ان لرزان شقيقتين و3 من الأخوة، "هي اول من أصبحتُ أباً بمجيئها"، ولعل هذا الوجع لا يمكن للغات الأرض أن تتحدث عنه، فكيف لقلب أب مكلوم على فراق ابنته التي مهما كبرت تظل في ناظره طفلته المدللة، أن يسرد تفاصيل حياتها.

"بسبب الظروف الاقتصادية رزان لم تكمل علمها" بخلسة المتأوهين ألماً يتحدث النجار لـ وطن أنه عاطل عن العمل، حيث كان يعمل عامل بناء في أراضي الخط الأخضر قبل عام 2005، حيث الانسحاب الاسرائيلي احادي الجانب ثم الحصار الذي أطبق على القطاع، ترك أشرف بلا عامل، لا يستطيع اعالة أسرة مكونة من 8 أفراد، غالبيتهم في سن الطفولة.

رزان حُرمت من اكمال تعليمها بسبب الفقر !

هذا الواقع المرير حرم رزان من اكمال تعليمها بعد انهائها مرحلة الثانوية العامة، حيث باشرت بأخذ دورات تدريبية وميدانية حول الاسعاف الاولي، وحصلت على عدد من الشهادات في الاسعاف على مدار عامين، وبسبب نشاطها وتفاعلها الكبير تطوعت مع الاغاثة الطبية في مسيرات العودة.

ولعل الباحث عن تفاصيل أكثر عن حياة رزان، يحتمل ألم والدها في حديثه، ولكنه يصرّ على الولوج في تلابيب عيشها ليقول للعالم أن الاحتلال بقتله لرزان لم يقتل جسداً فقط، إنما قتل حياة مفعمة بالأمل والحب والتضحية، فيقول النجار لـ وطن "الشكوة لغير الله مذلة، أنا أسكن في بيت شقيقي، وخلال الحرب الاسرائيلية على القطاع قصف الاحتلال محلاً تجارياً لي كنتُ أبيع من خلاله الدراجات النارية، ما زاد وضعي سوء".

ويؤكد النجار "رزان باشرت في دورة تحاليل طبية، في عزيمة منها لدراسة التخصص الذي تحبه، ولكنها استشهدت قبل استلام شهادتها في هذه الدورة، لتنتهي بموت رزان أحلام كانت ترسمها لمستقبلها".

شقيقة رزان.. بين ألم الفقد وامتحانات الثانوية العامة

ولتتخيل قارئي الكريم حجم الوجع الذي تحياه عائلة الشهيدة المسعفة رزان، فإن ريعان النجار شقيقة رزان تتقدم لامتحانات الثانوية العامة، ما بين فقد الشقيقة الشهيدة وما بين نجاح قررت شقيقة رزان اهدائها إياه كما لو أنها تعيش معها لحظاتها العصيبة هذه وتشد من أزرها وتدعوها للنجاح.

كان يحلم أن يزفها عروساً فزفها شهيدة

ان الأب لا يستطيع تقبل فكرة ان تفارقه ابنته، ويضطر مجبراً لتقبل فكرة زواجها وانتقالها للعيش في منزل زوجها، وهذا ما كان يحلم به أشرف والد المسعفة رزان، فيضيف خلال حديثه مع وطن "تقدم لها في الفترة الأخيرة الكثير من الشبان وفي كل مرة أحاول اقناعها بفكرة الزواج كانت تقول لي "مش وقته يابا مش وقته"، فكان عرسها وهي تلبس الرداء الأبيض الخاص بالمسعفين، وكان عرسها يوم الجمعة كما تجري العادة في قطاع غزة للاحتفال بالأعراس، وكان زفافها موكباً كبيراً لا آخر له، وكان قلب أمها يتفطر عليها.

يختم أشرف حديثه بمناشدة الشعب الفلسطيني بضرورة اكمال مسيرة العودة التي بدأها قطاع غزة حتى العودة الى ديارهم، ورد حقوقهم، حيث تنحدر عائلة الشهيدة رزان من حيفا.

يشار الى ان رزان مسعفة متطوعة مع جمعية الاغاثة الطبية، شاركت الطواقم الطبية عملهم منذ انطلاق مخيمات العودة ومسيرات العودة على الحدود الشرقية لقطاع غزة في الثلاثين من شهر آذار.

وكانت رزان عبر منشوراتها على الفيسبوك تعلن تأييدها للمقاومة الشعبية، مؤكدة مواصلتها على المشاركة في مسيرات العودة الى جانب المتظاهرين.

 

تصميم وتطوير