رمضانيات 24: خلونا نعيش بتعايش

10.06.2018 12:30 PM

كتبت: نادية حرحش

رام الله تشبه مدينة الملاهي. خلال ساعتين استطعت الوصول الى ما يشكل مسافة 500 متر عن هدفي. شعور بأنك محشور في مصيدة ، لا يمكن التصرف. المكان الذي تريد الوصول إليه على مرمى عينيك ، ولكنك مستكين في سيارتك تنتظر طريق تفتح مع أنها مفتوحة. سيارات تفوق حاجة الشارع الذي لم يكبر بتضخم البشر والحجر حوله. الناس في الشوارع ، عائلات، شباب، اطفال ....متسولون كثر.

شعرت وكأنني في شارع استقلال باستنبول عندما أخذ عدد المتسولين بالإزدياد. مدينة كاملة هذه رام الله.
شعوري يتضارب في رام الله، حياة طبيعية ، اكتظاظ، أجواء عيد ، تذكرني بزمن بعيد مرتبط بالطفولة والمراهقة . أستأنس لوهلة ، أمشي ببطء بما يسمح به شرطي المرور. الكثير من البشر ... من أين خرجوا؟ أتساءل !

بشر يريدون الحياة .اقول في نفسي.
أرجع وأسأل : ماهي الحياة الطبيعية؟
أزمة أخرى في الطريق الى القدس، تعتبر جزء من الطريق. الحاجز. اكتظاظ مبرر آخر.
أدخل مع نفسي في انفصام مطلق. ما هو الوضع الطبيعي؟

يوقفني الجندي على الحاجز ، أستيقظ من استكانتي بالحياة الطبيعية الصاخبة، وتفقع من ورائي فقاعة رام الله الطبيعية وأعود أدراجي لقدس تحاول أن تدخل بفقاعة الطبيعة ولكن ..نوع السائل المستخدم يبدو غير فعال !!!

محمد صلاح على متن طائرة في طريقه إلى روسيا للمشاركة بكأس العالم. خبر مفرح فكرت مع نفسي.
وضعنا مع ميسي جيد، فسنكون في صفوف الأرجنتين للنهائيات بالتأكيد.

صديقة تودع ابنها في رحلته الى روسيا، استوقفني الفضول، فيديو  تنشره بافتخار الام التي ترفع رأسها بإنجاز ابنها. "لحظة دخول وفد فلسطين للمباراة"، تبين أن هناك مباراة للناشئين من الأطفال لكرة القدم تحت مسمى "كرة قدم للصداقة".

أعجبني الإسم ، ودخلت الموقع ، والمشروع بالشراكة مع أكاديمية جوزيف بلاتر. أو بالأحرى جزء تابع لأكاديمة بلاتر لكرة القدم.
جميل أن تكون فلسطين جزء من حراك كرة القدم العالمي. جميل أن يأخذ الموهوبين من أبنائنا فرصة للظهور والتركيز على مواهبهم.

شاهدت الفيديو للحظة دخول الفرق، قادني الفضول للدخول الى صفحة كرة قدم للصداقة او صداقة مع كرة القدم، وكان المشاركون والمشاركات من ناشئين حول العالم ، سوريا، مصر، السعودية ،فلسطين ، اسرائيل !

اخذت نفسا ، وفكرت في المشاريع التطبيعية التي تدخل في أوردتنا كالسموم ، ولحسن الحظ ان فعل الاحتلال أكبر من تحقيق حلم تطبيعي بانسانية الاخر المحتل، لأن الاحتلال الذي يحاول انسنة نفسه لا يرى انسانيتنا. نحن بالنسبة لهم اخرون يهددون امنهم فيمكن التخلص منا بلحظة الخطر، واللطيفون الودودون منا يمكن ابقاءهم ليشحنوهم بإنسانية يحتاجون شعورها..أحيانا .

فكرت لو كان ابني موهوبا وأراد الانضمام لهذه المؤسسة . كنت بلا تردد سأوافق وأسعى لانضمامه. كنت سأفكر بفرصة لابني قد تجعل منه محمد صلاح الفلسطيني . الساحة مليئة بالفرص، والتدريبات فلسطينية خالصة . والالتقاء بالطفل الاسرائيلي الموهوب الاخر ، كما المصري والسوري والفتاة السعودية والاسرائيلي .. لا يشكل الا اضافة في تقربنا الى بعضنا الاخر!

شعرت بتصدع في دماغي،لأن الموضوع بالفعل صعب. الفصل بين ما نريده من الأفضل لأبنائنا من فرص لم نحظى بها، ولم تكن متاحة على زمننا لنكون على ركب العالمية . بين التفكير بتغيير ممكن . لماذا لا نترك لهؤلاء الناشئين فرصة صناعة المستقبل بود وصداقة لم نستطع نحن تقديمها. شكرت الله فضله لأن ابني ليس موهوبا في كرة القدم.

هل نبدأه بزيادة هذه المشاريع متل سيدز اوف بيس وفوتبول فور فريندشيب وغيرها من مشاريع تتسرب الى بيوتنا تحت اسم اتاحة الفرص والسفر المجاني وبناء القدرات ... ؟

كنت أود أن انظر الى هذه المشاريع بنظرة غير تشكيكية ، لو رأيت نموذجا واحدا ، وحيدا خرج ليخدم القضية .
فادي السلامين مثلا هو نموذج مخرجات سيدز اوف بيس؟
أين هؤلاء الناشئين من بناتنا وابنائنا ولقد أصبحوا رجالا ونساء في المجتمع . ما الذي يقدمونه ويضيفونه ويغيرونه؟

هناك محاولة لتغيير المجتمع من صلبه، وقد تكون النتيجة امامنا في هذا الانفصام الواضح الذي نعيشه.

رام الله تتحضر للعيد وكأنها اسطنبول في صخبها واضوائها وحياتها الليلية واسواقها المتعددة.
والقدس تعيد تملكها للمدينة بصخب الدفوف والليالي الرمضانية . والمجتمع الفلسطيني المسلم يتكاثف حول موائد الافطار في المطاعم والحلويات للتحلي بعد الافطار ، ولا يزال الحاملون على عهد الدين يقيمون صلاة التراويح في سباق بين متطلبات الحياة من طعام وشراء وحلويات ومسلسلات وعبادة.

والمولات تكتظ بالفلسطينيين. اختفى الاسرائيليون من المشهد الا البائعات خلف الكاش يحاسبن الزبائن العرب.
وغزة يشتد عليها الحصار . يتحول الموت فيها الى اعداد ، كما تصبح الولادات الجديدة انجازا لتهديد الاحتلال.

الجوع مقابل ولائم الافطار الباذخة.
الجرحى والقتلى وبيوت عزاء ودموع امهات على جريح بترت قدمه او فقد احد عينيه. ام شهيد تحاول اللحاق في ركب بطولة ابنتها، لعل عين الله تكون مع قانص الرصاصة فيجمعها بطفلتها.

تنديد بالاحتلال على الشاشات والتصريحات. وحياة تتعايش مع الاحتلال وكأنه هو الشيء الطبيعي والبديهي.

رمضان...كريم

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير