الاحتلال يجاهر: وحدة خاصة ترصد وسائل التواصل الاجتماعي الفلسطيني وتحبط العمليات مسبقا

13.06.2018 01:02 PM

ترجمة خاصة- وطن: قال وزير الأمن الداخلي في دولة الاحتلال، جلعاد اردان، ان سلطات الاحتلال احبطت أكثر من (200) هجوم فلسطيني، من خلال مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي الفلسطينية، ومن خلال فرز وتحليل كميات هائلة من البيانات والمعلومات لتحديد المهاجمين المحتملين في وقت مبكر قبل الشروع في تنفيذ نواياهم ضد اهداف إسرائيلية.

ويرى المسؤولون العسكريون في دولة الاحتلال ان ما تسمى "الإجراءات الوقائية" هذه تضع أجهزة الاستخبارات الاحتلالية في طليعة الأجهزة التي تستعمل هذه الإجراءات "الفعالة" وذات الشعبية المتزايدة حول العالم، رغم كونها إجراءات مثيرة للجدل وتلقى معارضة من قبل الكثيرين.

ويشير هؤلاء الى ان العديد من وكالات الاستخبارات، وأجهزة تطبيق القانون، المتقدمة في جميع أنحاء العالم، تستخدم تكنولوجيا المعلومات لتتبع "المجرمين المحتملين". وفي الوقت الذي تعتبر هذه التكنولوجيا فعالة ومنتجة، فإن تكتيكاتها أثارت تساؤلات كبيرة حول مدى انتهاكها للحريات المدنية، فضلا عن انها ووجهت بإدانات فلسطينية غاضبة.

وقال أردان، إن استخدام إسرائيل "للخوارزميات"، وغيرها من عناصر التكنولوجيا المتقدمة، كان عاملا حاسما في الحد من الهجمات بالسكاكين وبإطلاق النار في إسرائيل خلال السنوات الماضية. وأضاف ان وكالاته الاستخبارية لا تكف عن تطوير قدراتها في هذا المجال، وعن تبادل المعلومات والمعرفة والخبرات مع وكالات استخبارات أخرى. ولهذا فهو بصدد استضافة مؤتمر دولي حول "الأمن المعلوماتي" يشارك فيه نظراءه حول العالم، ويبدأ يوم الثلاثاء 19 أيار 2018. ومن بين المشاركين، وزير الداخلية في الولايات المتحدة، ومسؤولو أمن في بلجيكا، وألمانيا، وكينيا، وسنغافورة، وإسبانيا، ودولا أخرى.

واضاف أردان ان الخبرة التي تملكها وكالاته أصبحت كبيرة، وان بإمكانها تقديم المساعدة للدول الأخرى كي تكون قادرة على التعامل مع "إرهاب التواصل الاجتماعي"، وفق مصطلح أردان. وأضاف ان التعاون مع الحلفاء يمكن أن يفضي الى نتائج أفضل بكثير في محاربة ظاهرة "الذئاب المنفردة".

لكن المسؤولة الفلسطينية حنان عشراوي، وصفت تقنيات المراقبة والتعقب التي تستخدمها استخبارات الاحتلال بأنها "مروعة"، وأنها تضيف بعدا إضافيا على سيطرة الاحتلال على حياة الفلسطينيين بشتى الطرق.

واضافات ان الاحتلال يعمل دوما على تجديد وتطوير وتبرير الطرق المختلفة التي يتجاوز من خلالها خصوصيات الفلسطينيين، وينتهك بها حقوق الشعب الفلسطيني. بما في ذلك عدم احترامه للإجراءات القانونية الواجبة، والحق في الخصوصية. ويتم ذلك من خلال تعقب وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصا الفيسبوك، كوسيلة لابتزاز المعلومات وتنقيتها من اجل اثبات التهم على الفلسطينيين قبل وقوعها أصلا. وأضافت، "انهم يحاسبون الفلسطينيين على النوايا".

وفي شهر أيلول 2015، وجدت إسرائيل نفسها تواجه موجة من عمليات الطعن، وإطلاق النار، والدهس بالسيارات التي نفذتها "ذئاب منفردة"، أو أفرادا غير منتسبين إلى تنظيمات. وقد فاجأ ذلك أجهزة امن الاحتلال حيث انه كان خروجا كبيرا عن الموجات السابقة من "العنف المنظم" الذي كانت تقوم به تنظيمات مسلحة بعينها، مثل حماس.

ومنذ ذلك التاريخ، قام الفلسطينيون بقتل أكثر من (50) إسرائيليا، بينما قتلت قوات الاحتلال أكثر من (260) شهيدا فلسطينيا، ادعت إسرائيل أنهم قاموا بمهاجمة إسرائيليين. ووفقا لأردان، انخفض عدد الهجمات بشكل ملحوظ، من (170) هجمة خطيرة في العام 2016، إلى (90) هجمة خطيرة في العام 2017، الى (25) هجمة في العام الحالي.

وألقت إسرائيل باللائمة في تلك الهجمات على ما سامته "التحريض" ضد إسرائيل عبر وسائل التواصل الاجتماعي الفلسطينية. في حين يرد الفلسطينيون بان السبب وراء الهجمات يعود الى انعدام الأمل بعد عقود من الاحتلال الإسرائيلي، والى الفشل المتكرر في وصول محادثات السلام الى حالة سلام نهائية.

واستشهد اردان ببحث تم لصالح مكتبه، حيث قال إن عدد من المقابلات مع مهاجمين فلسطينيين مسجونين بينت أن العديد من المهاجمين عانوا من مشاكل شخصية، مثل الاكتئاب، والضغوط العائلية للإقدام على زواج يتم ترتيبه من قبل الاهل. غير ان الكثير من الهجمات استوحت فكرة الهجوم من الإنترنت.

وأضاف أردان، وهو أيضا وزير الشؤون الاستراتيجية في دولة الاحتلال، وهو المسؤول عن مكافحة حركة المقاطعة الفلسطينية "بي دي اس"، إن إسرائيل باتت تستخدم تكنولوجيات متقدمة لإحباط الهجمات، بما يشمل أجهزة التعرف على الوجه، والكاميرات الذكية، بالإضافة الى انشاء فريق للبحث في بحر معلومات التواصل الاجتماعي، لتحديد هوية المهاجمين قبل الاقدام على افعالهم.

ويشمل أعضاء فريق البحث الاستخباري الاحتلالي علماء نفس، ومستشارين قانونيين، وخبراء في تطوير الخوارزميات التي يتم من خلالها تحليل نشاط الأشخاص على الإنترنت، بحيث تبدأ نقطة البحث من المشاركات العنيفة، والملف الشخصي للمشتبه به، مثل العمر، ومسقط الرأس، ومكان السكن، والاقارب، والمعارف، والأصدقاء.

وأضاف أردان، "ان كل حدث يتم احباطه يؤدي إلى مناقشة بين المختصين لاستخلاص الدروس التي يمكن الاستفادة منها". وانه "يجب البحث في الخوارزمية عن كلمات خاصة يمكن تقود إلى الشك في شخص ما، والبدء في تعقبه بناء على ذلك".

وأضاف ان "نظام التعقب" قاد الى القاء القبض على أكثر من (200) شخص كانوا يخططون بشكل جدي لشن هجمات. واشتمل المشتبه بهم على فلسطينيين، ومواطنين عرب في إسرائيل. كما افضت عمليات التعقب الى القاء القبض على خلايا اعتقد ان افكارها مستوحاة من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وقال اردان ان العضلة الأهم هي ما إذا كان المشتبه به يمثل تهديدا خطيرا ام لا، وان رجال الامن لا يكون امامهم متسع من الوقت، يتوجب عليهم اتخاذا القرار بالاعتقال خلال بضع ساعات فقط.

وقال: "الأمر معقد، حيث لم يكن هناك أرقام حول عدد الأبرياء الذين تم تصنيفهم بشكل خاطئ كمهاجمين محتملين".

وفي هذا السياق، تعلق عشراوي بالقول إن استخبارات الاحتلال تقوم عادة بالضغط على المعتقلين للاعتراف بأي شيء تريده. كما أشارت إلى أن الفلسطينيين يخضعون لنظام الحكم العسكري الإسرائيلي، الذي تصل نسبة الإدانة فيه الى (100%). وقالت: "اننا لا نصدق أن بقية العالم ترى ما يحدث في فلسطين، دون ان تشعر بالرعب".

وقال أندرو فيرغسون، أستاذ القانون في كلية "دافيد كلارك" للحقوق بجامعة كولومبيا، إن الاحتلال يعتبر واحدا من رواد العالم في استخدام البيانات الضخمة من قبل هيئات الشرطة. وان بعض إدارات الشرطة الأمريكية نقلت عن نظيراتها الاسرائيلية بعض التقنيات، غير انها تستخدمها على نطاق أقل بسبب مخاوف من الحريات المدنية.

وأضاف ان تقدم إسرائيل في استخدام هذه التكنولوجيا، بطرق لم نرها في البلدان الأخرى، يرجع بشكل جزئي الى أن الدول الاخرى تهتم بحماية الحريات المدنية، وتحرص على عدم تجاوزها، في الوقت الذي لا تفعل فيه إسرائيل ذلك.

ويشمل جدول أعمال مؤتمر "الإرهاب والتطرف والهجمات الالكترونية" عدة محاور هامة، وفق اردان، من بينها: العلاقات بين الحكومات وشركات وسائل الإعلام الاجتماعي. وفي هذا السياق، قال اردان انه "حتى مع وجود الكثير من التقنيات المتاحة امام الحكومات، الا انه يعتقد انه يتوجب على شركات وسائل الاعلام الاجتماعي ان تفعل أكثر مما تقوم به حاليا لوقف انتشار الكراهية على الانترنت.

وأضاف اردان ان إسرائيل اعتادت على الطلب الى شركات "فيسبوك" و "تويتر" إلى إزالة بعض المواد المنشورة على الإنترنت، وان "الفيسبوك" كانت لديه في العادة ردودا جيدة على الشكاوى الإسرائيلية، في حين ما يزال "تويتر" سيئا للغاية، وفق اردان.

ولخص اردان هدف المؤتمر بالقول: "هو لحشد الدعم وتوحيد الجهود الحكومية وتضافرها في مقابل شركات وسائل الإعلام الاجتماعي، كي تقوم بعمل أفضل في مراقبة المحتوى، أو النظر في تشريع مشترك يتم من خلاله تحديد "الخطوط الحمراء" بطريقة مشتركة بين الطرفين.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: "اسوشييتد برس"

تصميم وتطوير