رمضانيات 30: بأي حال جئت يا عيد؟

15.06.2018 06:39 PM

كتبت: نادية حرحش

كل عام وأنتم بخير.... هي عبارة واجبة. ولكن عن أي خير وأي عام ؟ ماذا ينتظرنا وقد هل علينا العيد بالهراوات والغاز المسيل للدموع والرصاصات الصوتية والمطاطية.

ماذا ينتظرنا وكان السحل والضرب والتنكيل والتخوين هو تهاليل توشيحات رمضان الأخيرة.
كل عام وأنتم بخير؟
هل تعودنا على الظلم والذل حتى فقدنا الإحساس؟
اليوم التالي جاء بعيد، وكأن كل ما جرى باللحظة الفائتة مسح وغاب مع انمحاق القمر الأخير. بدأنا بداية جديدة ، بهلال العيد.
لنبدأ من جديد ... بعض الأمل ، وبعض الفرحة ، في لباس جديد ومعايدات وباقات زهور ووجبة غداء العيد بخاروف أو رقبة أو ضلعة. لنتبادل الكعك والمعمول . لنخطط كيف سنقضي الإجازة بين إيلات وطبريا. لنسافر الى تركيا بين اسطنبول ومرمرة وانطاليا . لنعيش لحظات مثل البشر.
فالاحتلال الغاشم باقي والسلطة المتسلطة باقية.

على كل حال....
كل عام ونحن بخير...
كل عام والباقون على امل حقيقي بتغيير وتحسين وتبديل أحوال، لعل الله بالفعل ينظر إلينا ويرفع الظلم والتسلط عنا .
لعل الله يعرف أن حالنا  .. فما المطلوب من شعب يعيش بين احتلال واستبداد.
شعب لم يعد يعرف عدوه من صديقه . فالعدو عدو والصديق على الارجح مدسوس من قبل فصيل ومفرغ لجهاز أمني ما.
كيف نعيد وطنا كل ما فيه مفرق ومنقسم ... الا علاقة أمنه بتنسيقه المتلاحم مع الإحتلال.
خرجت قوات الاحتلال من مناطق السلطة لتستبدل بأبناء الدم الواحد ليقوموا بمهمات ابشع .

الاسرائيليون لا يحتاجوا بخبراتهم للتعامل مع قمع الفوضى . هم يقتلون ويقنصون مباشرة بعتاد متقدم. تركوا قمع الشعوب لمن تم تدريبهم على مدار عمر اوسلو العتيد.

وغزة تمضي في نضالها ... في حرب بقائها . تعيد وترسل بطاقات العيد لكل العالم عبر طائراتها الورقية. يلبس الطفل ملابس العيد الجديدة ويصر أن يخرج لمسيرة العودة ...لعله يعود كما أخبره جده وجدته ، وهرول مع جوع المهرولين للتحرير.

تحرير يحتاج قوة تتحدى الجوع والظلم والحصار والمؤامرات وعداوة الأخ لأخيه. مواجهة غزة فقط تفهم التعامل معها وتحولها الى فن مبتكر في مقاومة الظلم.

لم يعد الظلم عنوانه احتلال...
كيف وصلنا إلى هنا؟
من أين خرج هذا الكم من الحقد والكره؟ تطاردني مشاهد الشبان المنقضين على شاب في المسيرة. لم نعد نفرق من معنا ومن علينا . كم هو مأساوي المشهد.
نبقى نفتش على بعض الامل .. لن نحققه نحن الا من خلال ما نراه ونسمعه ونشهد عليه من بطولات بغزة.... وانتصارات للأحباء وهزائم للأعداء.

هزمت السعودية أمام روسيا هزيمة نكراء. هزيمة كرة القدم كما دائما تعكس حقيقة الدول . لم تستطع السعودية شراء لاعبين أكثر ولم تستطع شراء مباراة ، ولم ينفعها مؤامراتها ضد الدول العربية الاخرى ، في تآمر على المغرب بالمونديال القادم ، كما تتآمر على شعوب العرب من اليمن إلى سوريا... ولكن.... لا يزال البشر منا يعتمرون ، والحج في سباق المؤمنين حتى مع تضاعف الأسعار.

ونتساءل كيف يتمكن منا هؤلاء؟
نحن شعوب ينعدم فيها الوعي . لأن العقل على ما يبدو معطل بالمطلق.
كيف نفرح لخسارة السعودية ونشمت فيها ، ونذهب للاعتمار والحج هناك؟
من الأسوأ السعودية أم نحن؟

كيف وصلنا إلى هذا المستوى من العدم. نحن أشبه في عوادم السيارات القديمة . كل ما نصدره بلا فائدة وضرر على المحيط.
سوريا تستمر بالدفاع عن وجودها امام ظلم كلنا شركاء فيه ، كما اليمن...ينتصرون بنصرهم ويلملمون ضحاياهم ويبكونها وحدهم.
الأردن يستجمع نفسه في محاولة أخرى.. الدرك ابن البادية يحتضن اخاه في الدم على دوار الرابع....والجار والقريب والصديق يصبح عنصر امن يضرب ويسحل على المنارة.

حكومة جديدة في الأردن تحاول زرع الخير وتغيير العهد ، وفي رام الله لا يزال عزام الأحمد يخرج على الهواء ويتكلم عن أسباب الانقسام، ويصر ان قطع رواتب غزة ليس مرتبط بازدياد الفقر والحصار...ولكنه مقطوع!!!

انتصر الخير بالمسلسلات ... وانتصر حقد هيفاء بتعاطف معجبيها على الرغم من عقابها ... وانتصرت خيانة باسل بتانغو وعتهه في الرحلة على الرغم من إقعاده بسرير الموت وأنسنة هوسه وعتهه وتبريره على انه حب.

انتصر تاجر السلاح والقاتل المهيب في هيبة تيم وإغراء نيكول. فمشاكل الحماة والكنة أعظم وأهم أمام بعض القتل وتهريب السلاح المبدئي أما تهريب المخدرات .

والقتل يختلف حكمه على من يستحق القتل وعلى حكمة جبل. وأيوب صبر صبر أيوب وانتصر بالعلم وتوجه بمطبعة ودار كتب، بغض النظر عن السرقة والقتل والأذى والضرب المبرح ما بين اخت وزوجة...ولكنهما تستحقان!

ورحيم على اسمه مليء بالرحمة ، وغسل الموال وتجارة السلاح وقتل الأشرار لا يمت لرحمته واخلاقه بتضارب.
تغلق الحلقات الاخيرة ببعض أمل ... بفشة خلق من أدوار عاشت الخيانة والخديعة والقتل والظلم والاستبداد والقهر ، وجعلها المخرج تدفع الثمن بالحلقة الأخيرة.
ونحن..نعيد تدوير المشاهد ، ولا ينتهي مسلسلنا .

بين سيناريو مشوه وتمثيل بلا خبرات وإعدادات سطحية وتمويل عظيم يتم توزيعه بين جهات الانتاج والتمويل . وبين استثمار في امن المسلسل ..
تستمر الملهاة الفلسطينية ، تغريبة ، سيضاف إليها تفريقة....
كل عام وأنتم بخير

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير