"هآرتس": الطريق إلى جولة أخرى من القتال في غزة أصبحت أقصر

21.06.2018 09:14 AM

رام الله- وطن: كتب عاموس هرئيل في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن ليلة تبادل إطلاق النار على الحدود مع قطاع غزة تشير إلى تغير جوهري في الوضع الأمني هناك. فلقد أصبحت إسرائيل وحماس الآن في واقع مختلف تمامًا عما كان عليه في قطاع غزة طوال نحو أربع سنوات، منذ نهاية عملية الجرف الصامد.

واضاف إن الإنجاز الرئيسي للعملية من وجهة نظر إسرائيل، وهو الهدوء النسبي الذي أعاد تدريجياً الإحساس بالأمن لدى سكان محيط غزة، بدأ يتآكل. تم استبداله بمظاهرات، مشبعة بالإصابات في الجانب الفلسطيني، الطائرات الورقية التي أشعلت النار في حقول وغابات منطقة غلاف غزة، والآن أيضا الصواريخ وقذائف الهاون.

هذه هي المرة الثانية، خلال أقل من ثلاثة أسابيع التي أطلقت فيها المنظمات الفلسطينية، بقيادة حماس والجهاد الإسلامي، عددًا كبيرًا من الصواريخ وقذائف الهاون على منطقة غلاف غزة. في 29 أيار، تم إحصاء أكثر من 150 صاروخ وقذيفة، وفي الليلة قبل الماضية 45. لكن اتجاه التطور معروف: عندما تتقلص الفترة الزمنية بين أيام القتال، وتصل الأعداد إلى هذه الأرقام العالية، تتقلص الطريق نحو جولة أخرى من القتال، على غرار الجرف الصامد (عدوان 2014).

كما سبق وكتبنا هنا، هذا ليس قضاء وقدر. صيف عام 2018 ليس مشابها لصيف عام 2014. صحيح أنه في كلتا الحالتين، اعتقدت المخابرات الإسرائيلية أنه لا توجد لدى حماس مصلحة في بدء الحرب. لكن اشتعال النار قبل أربع سنوات، صاحبه بخار الوقود من الضفة الغربية: اختطاف وقتل الأولاد الثلاثة (المستوطنين الثلاثة) في مستوطنة غوش عتصيون. عندما تم اكتشاف جثث المستوطنين، ساد جو من الحرب على الحلبتين العامة والسياسية، مما زاد من تطرف ردود فعل الحكومة على التوتر مع حماس في قطاع غزة. وبعد أسبوع، اندلعت الحرب. هذه المرة، وعلى الرغم من الغضب على حرق الحقول، فإن شدة الضغط ليست متشابهة.

لم تؤد الجهود التي بذلتها حماس في المظاهرات بالقرب من السياج، في نهاية آذار، إلى كثير من الثمار. لقد أثار سقوط الضحايا في المظاهرات، إدانة دولية، وصب الزيت في محركات عربة حركة المقاطعة BDS، لكنه لم يحقق تنازلات عملية من جانب إسرائيل. وكانت الطائرات الورقية بالذات، الوسيلة الأكثر بساطة، هي التي استخدمتها حماس للتحايل على جهود الردع التي نشرها الجيش الإسرائيلي على طول السياج.

في محاولة لوقف إرسال الطائرات الورقية والبالونات المشتعلة، انتقل الجيش إلى إطلاق النيران التحذيرية على مقربة من أعضاء الخلايا التي تعدها، وعندما لم يساعد ذلك، بدأ بمهاجمة معاقل حماس ومستودعاتها. والآن، تحاول حماس والجهاد الإسلامي تغيير معادلة الرد، كما أعلنت يوم أمس الأربعاء، بعد إطلاق النار في الليل والصباح. لقد أعلنوا أنه سيتم الرد بالصواريخ وقذائف الهاون على كل هجوم جوي إسرائيلي.

تتعلق بعض اعتبارات حماس بالحلبة الفلسطينية الداخلية. صحيح أن قيام مصر بفتح معبر رفح خلال شهر رمضان، خفف بعض الضغط إلى حد ما (كما سمح المصريون بنقل أكثر من 800 شاحنة من الإمدادات إلى قطاع غزة). ومع ذلك، تشعر قيادة حماس في غزة بالقلق إزاء الوضع المزري للبنية التحتية في قطاع غزة، بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، بما في ذلك تقليص السلطة الفلسطينية لرواتب مسؤوليها في قطاع غزة. وفي الشهر المقبل، من المتوقع أن تنخفض رواتب موظفي الأونروا، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، بشكل كبير، بسبب الانتقادات الأمريكية للوكالة.

هذا كله يوجه ضربة هائلة لدخل العمال في قطاع غزة. يبدو أن جزءًا على الأقل من الرسالة التي تبثها حماس الآن موجه إلى السلطة الفلسطينية، عبر إسرائيل. وتعتقد حماس أن إسرائيل، لأسبابها الخاصة، لا تتوق إلى الدخول في مواجهة عسكرية معها في قطاع غزة، وأن استمرار الاحتكاك العسكري سيحفزها على السماح للحركة بالحصول على المزيد من الأموال، بما في ذلك من خلال توجه إسرائيل إلى الرئيس محمود عباس.

في هذه الأثناء، يهاجم رجال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على الشبكات الاجتماعية، الجيش لضعفه في مواجهة غزة، من الطائرات الورقية وحتى الصواريخ، كما لو أن الحكومة ليست هي التي تحدد سياسة الرد في قطاع غزة. لقد اكتفى نتنياهو ووزير الجيش أفيغدور ليبرمان بتوجيه تهديدات عامة في نهاية دورة الضابط ليلة أمس. وبالطبع، ليس هناك ما يمكن البناء عليه في مسألة الدعم العلني للجيش. ولا يزال الوزير نفتالي بينت يطالب بتوجيه ضربة مباشرة ضد من يرسلون الطائرات الورقية، الذين هم "ليسوا أولاد أبرياء في الثامنة من أعمارهم"، على حد تعبيره. من المرجح أن يقوم الجيش بتصعيد رده إلى حد ما في ضوء إطلاق الصواريخ، ولكن كقاعدة، تبقى توجيهات القيادة دون تغيير: الشمال أكثر أهمية من غزة، وفي قطاع غزة، تنحصر القصة في الصد والاحتواء – وطالما يمكن لنتنياهو الامتناع عن ذلك، فإن إسرائيل لن تخوض الحرب هناك.

ما لا يتحدث عنه أي من الوزراء بصوت عال، هو الجهد المبذول للتوصل إلى تسوية سياسية. إدارة ترامب تنشغل في ذلك، ضمن الإجراءات التي تقوم بها لعرض مبادرة الرئيس السلمية. ومع ذلك، فإن وتيرة أحداث العنف في قطاع غزة تحقق في هذه الأثناء اتصالات لإعادة إعمار البنية التحتية، وقد تؤدي، أيضا، إلى التدهور نحو الحرب.

لقد انتقد تقرير مراقب الدولة (مراقب دولة الاحتلال) حول حرب غزة، الحكومة ومجلس الأمن القومي، لعدم قيامهما بوضع استراتيجية إسرائيلية بشأن قطاع غزة، ولم يناقشا البدائل السياسية عشية العملية، ولم يعملوا على معالجة البنى التحتية المتهالكة في غزة (والتي تدهورت بشكل أكبر منذ ذلك الحين). يوم أمس، قال مسؤول كبير سابق في الجيش والذي شارك في هذه التحركات، إنه يستطيع التنبؤ، بنسبة عالية، بالطريقة التي ستجري بها المفاوضات غير المباشرة بين الأطراف في القاهرة بعد الجولة التالية من الحرب. وأضاف أن جميع القضايا التي ستناقش هناك يمكن ويجب مناقشتها الآن.

تصميم وتطوير