اليوم تيتّم الأسرى

نصيرة أسرانا.. الرفيقة المحامية فيليتسيا لانغر .. وداعاً

22.06.2018 12:15 PM

رام الله- وطن- رولا حسنين: الانسانية لا تشترط انتماءات دينية أو عرقية أو سياسية، الانسانية ضميرٌ حيّ في قلب حيّ وإنسان على قيد الحرية قرر أن يعيش.

فيليتسيا لانغر، إنسانة بكل ما تحمله الإنسانية من معانٍ فريدة يتميز بها أصحاب العقول النيّرة والفكر السامي، يتميز بها أصحاب اللُطف الجميل والظل الخفيف، المتجندين لخدمة العدالة ومحاربة الظلم.

اليوم تيتّم الأسرى الفلسطينيين، بفقدهم لأبرز المدافعين عن حريتهم، اليوم رحلت الرفيقة المحامية فيليتسيا لانغر، لتفقد فلسطين أهم المناصرين لقضيتها العادلة، تودعهم وداع الشجعان والأحرار المناضلين على درب الحرية وإحقاق الحق.. وداعاً فيليتسيا!

من هي فيليتسيا لانغر ؟

فيليتسيا لانغر، محامية تقدميه يهوديه من أصل ألماني، ولدت في التاسع من كانون الأول عام 1930 في تارنوف ببولونيا باسم فيليتسيا فايت، ولدت لانغر لأبوين يهودين، هاجرت عام 1950 إلى دولة الاحتلال مع زوجها ميتسيو لانغر الناجي من معسكرات الاعتقال النازية، وكانت تنتمي إلى اليسار الشيوعي، وحصلت على شهادة في القانون من الجامعة العبرية عام 1965، عملت لفترة قصيرة لمكتب للمحاماة في "تل ابيب"، لما بعد حرب حزيران من سنة 1967، أعربت عن معارضتها للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك بإنشاء مكتب خاص في القدس للدفاع عن المعتقلين السياسيين الفلسطينين في سجون الاحتلال.

دافعت لانغر عن الاف الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وتشبثت بقناعاتها الفكرية التي رفضت فيها الاقامة في دولة الاحتلال كونها دولة استعمار أقيمت على أنقاض الذاكرة الفلسطينية، وخاضت معارك فكرية حول أحقية الفلسطينيين في دولتهم، وحق حرية الاسرى من سجون الاحتلال، فقررت مغادرة دولة الاحتلال والعودة الى ألمانيا.

وثّقت معاناة الأسرى الفلسطينيين

خطت فيليتسيا لانغر عدة مقالات وكتب فكرية دوّنت فيها معاناة الأسرى الفلسطينيين الذين دافعت عنهم أمام المحاكم الاسرائيلية، وكان الأسرى يسمونها "الحاجة فولا"، وبرزت ككاتبة وباحثة في الشأن الفلسطيني، وأصدرت عدداً من الكتب، وحمل كتابها الاول عنوان "بأم عيني" في سبعينات القرن الماضي، ويعتبر أهم كتاب يؤرخ لحركة المقاومة الفلسطينية المبكرة بعد يونيو1967، وهي صاحبة الفضل في نقل معاناة الأسرى الفلسطينيين والعرب إلى العالم، وتعرضهم للتعذيب المميت، من خلال التقرير الشهير الذي نشرته صحيفة "صنداي تايمز" اللندنية عام 1977، والذي احدث ضجة كبيرة في حينه.

تقول فيليتسيا للعالم، عايشت بأم عيني سنوات الحكم العسكري للأراضي المحتلة، وهناك من يدعون أن الاحتلال إنساني وليبرالي وما رأيته يختلف تماما هناك قمع، وسيطرة وسحق لإنسانية الإنسان.

"لا يمكن أن أكون ورقة التين للنظام الاحتلالي"

قالت لانغر "أنا جزء من إسرائيل الأخرى، أنا مع العدالة وضد كل من يعتقد أن ما يترتب على المحرقة هو الكراهية والقسوة وعدم الحساسية"، وفي إحدى مقابلاتها الصحفية مع صحيفة واشنطن بوست، قالت لانغر "قررت أن لا يمكن أن كون ورقة التين لهذا النظام بعد الآن. أريد ترك بلدي ليكون نوعا من التظاهر والتعبير عن اليأس والاشمئزاز من النظام… لأننا لسوء الحظ لا نستطيع الحصول على العدالة للفلسطينيين. لا زالت في ألمانيا تقوم بتأليف الكتب وتنشط في الدفاع عن القضية الفلسطينية".

وإزاء موقفها هذا ومغادرتها دولة الاحتلال، لاقت لانغر تهديدات عديدة لثنيها عن نشرها فكرة الحق الأصلاني للفلسطينيين، ودفاعها عن الاسرى ومطالبتها بتحريرهم.

لانغر في صف خالدة جرار

ترأست لانغر منصب الرئيسة الفخرية للتحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين، وقبل أشهر وجهت نداء مفتوحاً للتضامن مع النائبة في المجلس التشريعي الأسيرة خالدة جرار، المعتقلة في سجون الاحتلال منذ الأول من نيسان العام المنصرم، وطالبت لانغر في ندائها المؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان وحركات التضامن والأحزاب الصديقة للشعب الفلسطيني وأعضاء البرلمان الأوروبي المناصرين، لأوسع حملة تضامن مع النائبة الفلسطينية جرار، وفضح ممارسات دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تدعي أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وتعطي الحق لنفسها بإعتقال نواب الشعب الفلسطيني الذين يملكون الحصانة البرلمانية ويدافعون عن شعبهم في وجه الاحتلال.

وقالت لجرار في رسالتها:

أنت يا عزيزتي معتقلة سياسيا مما تسمي نفسها بالديمقراطية الوحيدة بالشرق الأوسط.

أنت عضو في البرلمان الفلسطيني وإعتقالك فقط لأنك تتضامنتي سياسيا مع أخواتك وإخوانك المعتقلين في السجون الإسرائيلية بسبب نضالهم المشروع ضد الاحتلال.

عزيزتي خالدة أنت كأخت مناضلة لي وبالرغم من تقدمي بالسن فانا أقف إلى جانبك وأعلن التضامن معك ومع عائلتك من القلب.

مؤلفات لانغر الانسانة عاشقة العدالة

نالت لانغر عام 1990 جائزة الحق في الحياة (المعروفة باسم جائزة نوبل البديلة) للشجاعة المثالية في نضالها من أجل الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، وحصلت لانغر في عام 1991 على جائزة "برونو كرايسكي" للإنجازات المتميزة في مجال حقوق الإنسان.

ومن مؤلفاتها: 
"بأم عيني" (1974)
"هؤلاء إخواني" (1979)
"من مفكرتي" (1980)
"القصة التي كتبها الشعب" (1981)
"عصر حجري" (1987)
"الغضب والأمل" (1993) (السيرة الذاتية)
"الظاهر والحقيقة في فلسطين" (1999)
"تقرير ميتسيو، الشباب بين الغيتو وتيريزينشتادت" (1999)
"الانتفاضة الفلسطينية الجديدة" (2001)

تصميم وتطوير